تعترف «أم فهد» ربة منزل 35 عاماً لـ «سيدتي نت» بتعرضها مرتين للتحرش إلى حين كتابة هذه السطور.
حدثت واقعة التحرش الأولى عند الثامنة صباحاً. كانت عائدة إلى منزلها بعد إيصال ابنتها إلى المدرسة، لحق بها شاب في السادسة عشرة من عمره، بدأ يتحرش بها بكلمات بذيئة، ثم حينما دخلت إلى حارة منزلها لاحظت أنه نزع جزءاً من ملابسه كاشفاً عن الجزء السفلي من جسده، تقول «أم فهد»: «حينما لمحت عضوه الذكري بارزاً ركضت بسرعة في الشارع، فأعاد ملابسه عليه وأسرع خطاه ورائي ليلحق بي، وحينما اقتربت من منزلي، شعرت بشيء دخل تحت عباءتي، فظننت أنها قطة، شددت عباءتي من الخلف فإذا بذلك المراهق دفن رأسه تحت عباءتي محاولاً إيصال يديه وأصابعه إلى جسدي، ركلته بقدمي ودخلت إلى بيتي بسرعة».
حدثت واقعة التحرش الثانية في المساء، خرجت «أم فهد» بعد صلاة العشاء لشراء أقلام ودفاتر لابنتها من مكتبة في الشارع الموازي لبيتها، تقول: «كان الشارع خالياً من المارة بعد انتهاء الصلاة، شعرت بأحدهم يمشي ورائي، التفت فإذا به مراهق في الخامسة عشرة من عمره يمطرني بكلام جنسي شديد القبح، «ما عطيته وجه» اقترب مني وشدني من الخلف ممسكاً بشعري في محاولة منه للإمساك بأي شيء في جسدي، صرخت بقوة فتركني وهرب، كنت في تلك اللحظة قد وصلت إلى المكتبة، وبعد خروجي منها عائدة إلى منزلي، وجدت من يشد عباءتي من الخلف في محاولة لنزعها عن جسدي».
التفتت «أم فهد» إلى الوراء لترى ذلك المراهق الذي «فسخ عني عباءتي» قائلاً: «والله ما خليك حتى تعطيني اللي أبغاه».
صرخت «أم فهد» في الشارع؛ محاولة عدم وصول يده إلى جسدها، لم تملك سوى الصراخ ومواجهة يديه القويتين اللتين حاولتا الوصول إليها، ومع توالي صرخاتها تقول: هرب الله يسامحه قبل وصول الناس. اتصلت بالشرطة ووصفت مكان الواقعة، انتظرت وصول الدورية نصف ساعة، ثم ساعة دون فائدة، عاودت الاتصال بهم قائلة: انتظرت «وما أحد أجئ» سألني العسكري على الهاتف إن كنت أعرف المتحرش، فأجبته نافية ذلك. قال لي: «ما نقدر نعملك شيء إلا إذا كنت تعرفينه أو عندك رقم لوحة سيارته أو شيء زي كذا»
ورغم عدم الإمساك بالمتحرش بـ «أم فهد» إلا أن المحامي خالد الفاخري، يوجه دعوة عبر «سيدتي نت» إلى كل امرأة وفتاة بعدم السكوت على التحرش، معللاً الأمر بأنه «لن يعود عليها بنتائج ايجابية، فلا يجب أن تخاف من كلام الأهل أو الزوج أو الأخ أو الأقارب، خصوصاً أن مجتمعاتنا العربية تعتبر المرأة متهمة، حتى لو كانت ضحية ومعتدى عليها، فيوجه لها اللوم، وكأن واقعة التحرش حدثت بسببها هي، إن عدم الإبلاغ والسكوت سيفاقم المشكلة اجتماعياً، إضافة إلى انعكاسات التحرش النفسية السلبية عليها، ففي ظل عدم حصولها على حقها ستشعر المرأة بخوف يومي من التحرش بها في العمل والشارع والأماكن العامة، والأدهى من ذلك أن سكوت المرأة على التحرش يبعث رسالة إلى المتحرش بأنها راضية بالأمر، ما قد يؤدي إلى تطوره بشكل دراماتيكي سيء»
من هنا يؤكد الفاخري على ضرورة إيجاد حلول لمعضلة التحرش الجنسي في الشوارع السعودية، «من خلال وجود عقاب رادع، والأهم من هذا ضرورة إبلاغ الفتيات المتحرش بهن، لأن سكوتهن يرفع معدلات التحرش، حيث يشعر المتحرش أنه قادر على فعل ما يريده دون عقاب، خصوصاً أن آثار التحرش الجنسي لا تقارن بأي أفعال أخرى، حيث تولد إحساساً سلبياً لدى المرأة ضد المجتمع لعدم مساندتها ضد من تحرش بها».
في هذا السياق تقول «أم فهد»: إن المتحرش في الشوارع السعودية قد يكون مراهقاً في السابعة عشرة من عمره، أو رجلاً ناضجاً ملتحياً؛ لذلك تطالب بإقرار قانون يحمي المرأة السعودية من التحرش، «لأني أطلع من بيتي وأنا خايفة من يوم ما تحرشوا فيني، ما عاد فيه أمان، سببوا لي رعباً، والمرأة إذا ما عندها رجل، أو زوجها مسافر، أو في الشغل إيش تسوي؟ الآن أخاف على عيالي يطلعوا الشارع، أحد يتحرش فيهم في البقالة أو السوق».