وحيد
حبيبتي كم أنا وحيد في هذا العالم من بعدك؛ لأنك العالم في حياتي، أنت زهرة بستاني، وأنت الحلم الجميل الذي أعيشه في الواقع المرير، وبعد هذا لماذا تتركينني وتذهبين؟ أما تعرفين بأن قلبي ينبض بك، وأن جسمي يتنفس هواك، وأنك حلمي الأول والأخير من العالم التعيس، لماذا يضحك علي زماني دائمًا؟ هل مكتوب أن أعيش في الغربة وحيدًا من غير قلبك؟ ولكن ألا تجمعنا الأقدار ثانيةً، في هذه اللحظة أتمنى الموت وأن أدفن بقربك، وأنضم بجوارك، وأطلب من الله أن يسكنك فسيح جناته.
تركي محمد نور فاضل – السعودية
قصة
زوجة أجنبية ثانية
كانت كلما تذكرت عائلتها، أخرجت ألبوم صورها من دولابها الذي اهترأ خشبه وتآكل، لتعود بذكرياتها لأيام الطفولة، جلست على الكرسي الذي يقابل التلفاز، وأخذت جهاز التحكم عن بعد الموجود على الطاولة الخشبية أمامها وقربه هاتفها المحمول وزجاجة ماء، وجعلت التلفاز صامتًا، لا تتحرك فيه سوى الصور، لكي لا تقطع موسيقى إعلان أو برنامج ارتباطها بالماضي حين تكون على موعد معه أمام صورة من ألبوم صورها.
فتحته على أول صورة فيه لها، كانت لأول يوم لها في المدرسة، فرحة منبعثة من عينيها توحي بأمل ومستقبل، وابتسامة ساذجة أظهرت بياض أسنانها، كانت طفلة، لم تكن تعرف أن هذا سيصبح حالها، زوجة ثانية أجنبية محرومة من أبسط حقوق الزوجة، وأولها زوجها الذي أقسم لها قبل مجيئها أنه سوف يطلب التصريح الذي يضمن حقها في أقل من شهر لوصولها البلد، وبعدها يخبر زوجته عنها، ولكنها أربع سنوات حتى الآن لم تحصل على تصريح بإقامتها في البلد كزوجة شرعية له، ولا حتى اعتراف من عائلته لها، غريبة في بلد غريب مع رجل غريب يقول أنه زوجها.
قلبت صورة ثانية، وهذه مع صديقتها التي طالما كانت هي أحسن منها في كثير من النواحي، هذه الأخرى تزوجت من دكتور تعرفت عليه في إحدى الندوات في بلد أوروبي التي كانت تحضرها لإعداد الدكتوراه، لم تحسد صديقتها على ما وصلت إليه، لكن أشفقت على نفسها فقط.
صورة ثالثة عادت بها إلى عالم طفولي بريء وصريح، صورة مدرسية جماعية، وقد جرت العادة أنه في آخر كل سنة مدرسية تؤخذ صورة جماعية للصف لكي تبقى كذكرى، كما قالت لها مرة إحدى مدرساتها: «احتفظن بهذه الصورة وعند كبركن أروها لأطفالكن»، كيف يكون لها أطفال وهي زوجة شرعا لا قانونا، رفعت رأسها للتلفاز، حركات.. صور دون صوت؛ تذكرت صديقتها التي بقيت على اتصال معها.. تذكرها دائما بأنها يجب أن تنجب وأن العمر يذهب ولا يعود، هي أيضا في قرارة نفسها تريد أن يكون لها طفل يملأ عليها بيتها المتواضع الفارغ من كل آثار الحب أو الزوجية؛ لأن زوجها لا يحضره إلا سويعات بالنهار، ذلك أن زوجته الأولى لا تعلم عنها شيئًا، ولا يريد أن يجرحها، يخاف على مشاعرها، بعد برهة أجهشت بالبكاء ولا أحد يخاف على مشاعرها، غريبة في بلد غريب مع رجل غريب تقول إنه زوجها.
قلبت صورة أخرى لعلها تجد فيها ما يكفكف دمعها؛ لأنه لا أحد معها ليمسح دمعها سوى صور متحركة في التلفاز دون صوت لن تفي بالغرض، هذه المرة الصورة لها، لأمها وأخيها، ظنت أن هذه الأخيرة ستخفف عنها عبء الصورة التي قبلها لكنها زادت من الألم، وخطر ببالها آخر عيد لما أرسلا لها رسالة يباركان لها العيد: «عيد مبارك سعيد أنت أول من باركت له بالعيد».
ردت بجواب قد يكون أطفأ ولو قليلا من حرقة قلبها: «عيد؟! أي عيد تبارك لي، كنت أظن أن المغتربين عن أهلهم إذا لم يقضوا العيد معهم سيقضونه مع أهالي أزواجهم، ولكني لم أقضه لا مع أهلي ولا مع أهل زوجي، ولا مع زوجي حتى، مسحت دمعها بيديها وهي تقلب الصورة الأخرى إذ رن جرس هاتفها المحمول، حملته من الطاولة وأجابت: نعم.. ليس هناك مشكلة إذا لم تجد وقتًا لتأتي...
لا ينقصني شيء.... أستأتي غدا؟
أجاب: كيف؟ إذا استطعت؟
لكنك لم تأت البارحة.. ولا اليوم.. ولا غدا.. ولا أبدا..
أغلقت ألبومها وذهبت للفراش
خديجة الوراق- جدة
طمئنني عنك
كيف أنت؟
وما هي أخبارك؟
ترى، هل تغيرت؟!
أم مازلت كما عرفتك.. بجنونك وعفويتك؟
أتذكر! في أول أيام حبنا عندما كنت مولعًا بي حتى الجنون
إن نسيت فأنا مازلت أذكر، وأذكرها جيدًا بل وأحن لها ولك
ليتني أراك ولو صدفة، أو حتى كما يحدث في دراما الأفلام، يصطدم كتفي بكتفيك
وأنظر! فأجدك الفارس الذي أبحث عنه منذ سنين
فحقيقة لست طامعة بأكثر من خبر يطمئنني عنك
أما لقاؤك فسأتركه لخيالي حلمًا جميلًا يزوره متى شاء...
فريال سعيد - السعودية
البخل سيرة وواقع
من أكثر الشخصيات عرضة للتندر والفكاهة الاجتماعية كانت ولا تزال شخصية البخيل، وأحاديث البخل تراث عالمي تشترك فيه كل الشعوب، فمن شخصية «شيلوك» للكاتب الإنجليزي شكسبير، إلى شخصية «البخيل» في مسرحية تحمل نفس الاسم للكاتب الفرنسي موليير، إلى كتاب «البخلاء» للجاحظ الذي يحتل مكانة رفيعة في الأدب العربي.
وكثيرًا ما هجت شخصيات معروفة البخل والبخلاء، وفي تراثنا الشعبي تعبيرات غريبة، فمثلا يقال: «إن فلانًا بخيل لدرجة أنه لا يتبول على جرح»، فقد كان الناس ولا يزالون يتداوون بالبول، والشاعر العربي يتحدث عن البخل فيقول:
قوم إذا استنبح الأطيافَ كلبهُمُ قالوا لأمهم بولي على النار
وإذا كان الأدب والتاريخ قد استشهد بالكثير مما ورد من كتابات في هذا الموضوع، فإن شخصية البخيل تبقى موضوع كل جلسات المجتمع، فالمجتمع بقدر ما يحب شخصية الكريم، ويعتبر الكرم من الشيم الأصيلة، ينبذ شخصية البخيل، ويتعامل معها بازدراء وسخرية حتى لو لم تكن تلك الشخصية عبئًا حياتيًا على الآخرين في بعض الحالات، فهو من أكثر الناس تدبرًا لشؤونه المالية، حيثُ محور حياة البخيل كيف ينفق نقوده وكيف يدخرها، وينظم حياته وفق نسيجها اليومي في كل حركاته وسكناته؟ كيف يمر من ذاك الطريق المختصر لتقليل بنزين السيارة، وطالما حياة البخيل أيامها كلها مثل أيلول الأسود، فلن نجد في قاموسه حفلات عائلية ولا تجديدًا في الأثاث والملايين،
ويصنَّف البخلاء في ثلاثة أنواع في حياتنا، النوع الأول البخيل في عائلته وبيته، ولكنه يعرف في المجتمع بكرمه، والنوع الثاني بخيل مع الآخرين ولكنه يمتع نفسه وعائلته، بينما النوع الثالث بخيل مع نفسه وأهله والآخرين، وهو أتعس مخلوقات الله؛ لا يسأل نفسه سؤالًا مهمًا، هل يوجد إنسان ما يحبني؟ هل عثرت على شخص ما قادر على العيش معي؟
وأخيرًا، تبقى حكاية الزوجة التي قالت يومًا عن مطلقها البخيل، بعد تجربة مريرة لم تتجاوز شهر البصل ذاك: «أعرف بخلاء في أموالهم وحساباتهم المالية، وهي محور حياتهم، ولكنني لم أتخيل أن هناك شخصًا بخيلًا حتى في مشاعره»، وفعلًا بخل العواطف أشد وأقسى على النفس من بخل المال؛ فهل ندفع حقًا فاتورة مشاعرنا المتوترة مع هذا الصنف من البشر؟
سعاد رغاي – المغرب
بقعة ضائعة
بدأت أشعر بقيد يربكني، يأخذ مني أنفاسي، يؤجج جسدي وأطرافي، حتى بقعتي المظلمة باتت مسلوبة، وكلي رهن التغير، أتمنى الرحيل ألف مرة، حتى إنها أصبحت جملة تشبه التسبيح.. أضحك على نفسي بقول غدا آت، وكلي يقين بعدمه، أصبحت حبيسة كلماتي.. ومخيلتي تطالبني بالمستحيل، أرى النور فرجًا.. وهو أكبر تهديد، أقف على خيط رفيع.. وواقعي عند السحاب الغزير، لم أعد أبصر التغير، وأقف في خطوتي كالأسير، صمودي كحلم رجوع أب لطفل يتيم، أشكو لمولاي همي.. لعل في شكواي راحت ضمير، حبي لم يعد يراني، وأنا لم أدافع عنه ولو قليلًا.. نعم أحبه، وقلبي له يميل، ولكن القدر شق لي طريقًا.
جسدي بعيد.. وروحي تسكن قلب الحبيب، فهو أمر ليس لي فيه بديل، وعلى هذا قررت المغيب.
زينة محمد الجارودي
النظرة الأولى
بين أعين الناس رأيت عينيك، تنظران إلى بلهفة وحنان.. غادرت المكان دون تفكير، وعدت إليه وكأني أسترجع تلك النظرات وأتساءل: هل هذي النظرات لي؟
أم هي لغيري؟ بينما أوهم نفسي.. ألف سؤال وسؤال..... إلى أن رأيتك تقتربين مني
وعندما التقت عيناك بعيني، وجدت أجوبة لكل أسئلتي، رأيت في عينيك ألماضي المدفون، والحاضر ومستقبل مجهولان، نظرات احتوتني بحنانها.. أسرتني بجرأتها
كلمتني دون أن تنطق، والآن عرفت سر عودتي إلى ذلك المكان......أنها نظرتك الأولى!
رنين القوس ـ الريا ض
بعد رمضان
ها قد مضى رمضان بيمنه وبركاته وليالي عبادته المباركة..
وإليك سيدتي الجدول العام لما سيعود إليه زوجك بعد رمضان.
أولا: ستخف عصبيته بعد هذا الشهر بسبب الصيام.. أو بسبب عودته للتدخين إذا كان من المدخنين.
ثانيا: عندما يقترب موعد العشاء ستجدينه كف عن حشر نفسه في المطبخ ليشرف على الطعام وليعطيك النصائح التي لا مفر منها، لماذا طبخت هذا؟ ولماذا لم تطبخي ذاك؟ وكأنه هو الذي وقف أكثر من خمس ساعات في المطبخ ليطبخ وهو صائم!
ثالثا: ستتخلصين من العزائم، والتي من المؤكد أنه أظهر فيها كرمه في هذا الشهر وعزم كل من يعرفه ومن لا يعرفه، وستتذكرين كيف كان يرافقك في المطبخ قبل الأذان بساعات ليس لمساعدتك حاشا لله.. بل ليقوم بدور رئيس الطباخين الذي يغدق بخبرته على المبتدئين أمثالك!
رابعا: ستعود انتقاداته لتسريحة شعرك التي تذكره بالفرو الرومي.. ولملابسك التي لا يسر مظهرها، ورائحتك التي تفوح بصلا وثوما!
مع أنه في رمضان كلما كانت رائحة طبيخك أكثر، كنتِ أقرب إليه من أي شيء!ّ
لذلك لا بد أنك خبأت عطورك الفرنسية الفاخرة، فلم تكن لها فائدة في هذا الشهر الفضيل.
خامسا: ستخف المناقشات والأحاديث بينكما، وستعودين للشكوى من سكوته وصمته وتجاهله، حيثُ كان يحدثك عما يشتهي أكله.. وعما يحبه من الطبائخ والحلويات
أما إذا كان زوجك لا يستهويه الطعام كثيرا..فستبقى الحال على ما هي عليه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهكذا ستجدين في هذا الشهر الفضيل أنه حصل تغيير ولو بسيط في روتين الحياة الزوجية والتغيير مهما كان يغير شيئا جيدا.
وكل عام وأنت بألف خير.
عبير البشير – الأردن