من بين الأمور المزعجة التي تحدث بين الأطفال إشعال الفتنة نتيجةً لكثرة الوشاية، فلا يجتمعون سواءً كانوا إخوة أو أصدقاء أو زملاء إلا وينطلق بعضهم أو أحدهم بالوشاية عن الآخر. ولعلّ المثير في الأمر أن الطفل ينقل الأخبار بطريقة توقع الآخرين في المشكلات. فما هو الدافع وراء هذا السلوك؟
إختصاصية علم النفس والتقويم التربوي في مركز "مأب" مي أحمد توضح إلى قارئات "سيدتي" أسباب الوشاية في صفوف الأطفال وكيفية تقويم هذا السلوك.
ممّا لا شك فيه أن الوشاية بين الأطفال تعتبر عادة مزعجة للأهل، فضلاً عن أنها تشكّل أحد الأمراض السلوكية، إذ يسعى الواشي إلى التقليل من شأن أقرانه، وذلك عن طريق إظهار عيوبهم وإبراز تصرّفاتهم السلبية لإثبات أنه الأفضل دائماً. وغالباً ما يقود هذا السلوك السيّئ إلى مشكلات كثيرة، ليفقد الطفل الفتّان مع الوقت أصدقاءه وحبّ الناس له.
وتتّخذ الوشاية طريقها إلى الطفل مع بلوغه الرابعة أو الخامسة من عمره، فينقل الأخبار ويستمتع بإيقاع الآخرين في المتاعب عندما يزداد وعيه وتمييزه بين الصواب والخطأ. وتغلب الوشاية على طباع الطفل لدى وجود مقارنة بينه وبين أطفال آخرين أو لدى شعوره بالغيرة أو الضعف. وقد يلجأ إلى هذه العادة السيئة، لكي يحظى برضا أبويه، علماً أن هذا الأسلوب غير السوي في التقرّب ينمّ عن افتقاده في الأساس لرضاهما عن تصرّفاته.
ماذا يفعل الوالدان؟
تحذّر الإختصاصية أحمد من إيداع الطفل الواشي يتمادى في ما يقوم به، مع التشديد على ضرورة
التصدّي لهذا السلوك منذ الصغر وتنشئة الطفل على السلوك السوي بالإمتناع عن الإصغاء للوشاية وتنبيهه على عدم نقل أخبار الآخرين! فالتدخّل
في شؤون الغير أمر منبوذ وغير مستحبّ، ومن يقوم بالفتنة يصبح شخصاً غير محبوب.
ويخطئ
الوالدان عندما يثقان كثيراً في وشاية الطفل على أخيه أو صديقه ويتعاملان مع الأخبار التي ينقلها لهما
صغيرهما بانفعال،
فيصدران القرارات بناء على هذه الوشاية. وبالطبع، يعتبر هذا التصرّف الأخير ضوءاً أخضر للطفل للتمادي في سلوكه. ولذا، يفضّل أن يبيّن
الأهل لطفلهما أنهما
على دراية بما حصل وأنه ليس من الجميل أن يفعل ذلك، فمن
المهم ألا نشجّعه على هذه العادة حتى لا تتحوّل إلى طبع.
القدوة
ينبغي أن يؤخذ في الإعتبار عامل القدوة، فالأم والأب هما مصدر السلوك الذي ينهل الطفل منه، لذا عليهما أن يمتنعا عن ذكر الآخرين بالسوء أمامه كي لا يحذو حذوهما. وكذلك، يجب عدم إهمال كل أخبار الطفل، إذ من الضروري أن يتمّ الحديث معه لمعرفة أحواله وعلاقاته وأسلوبه في التعامل مع أقرانه وإخوانه.
وعن الأسلوب الأمثل في التعامل مع وشاية الطفل، توضح الإختصاصية أحمد "أنه عندما يشي الطفل، يجدر بالأم أن توضح له أن يهتمّ بشؤونه الخاصة وألا يتدخّل في شؤون وتصرّفات الغير إلا بالنصيحة ومنع وقوع الخطأ إن أمكنه ذلك. وإن لم يتمكّن من ذلك، فعليه بالصمت إلا إذا وجّه إليه السؤال، فبإمكانه الردّ حينها". وتضيف: "إذا كانت الوشاية تتمّ بين الأبناء في المنزل، على الأم أن تنصحهم بأن يحلّوا مشكلاتهم فيما بينهم لأنها لن تتواجد معهم بشكل دائم، ولا تعرف يقيناً من هو المخطئ من بينهم. وإن لم يُجدِ معهم ذلك، يمكنها عند ذاك تخييرهم بين أن يتسامحوا ويكملوا اللعب معاً أو أن يلعب كل منهم بمفرده".
كادر
نصائح للأمهات
· إبحثي عن الأسباب الحقيقية الكامنة خلف استمتاع طفلك بشعور الإثارة لدى إيقاعه بغيره في مأزق، فالأطفال عادةً ما يلجؤون إلى الوشاية عند الغيرة أو الخوف أو الرغبة في لفت الإنتباه أو الشعور بتفوّق الآخرين عليهم.
· يجب أن توصلي لطفلك رسالةً مفادها أنك لا تتقبّلين الوشاية ولا تنفعلين بها.
· إذا حمل إليك طفلك وشاية حول عمل خطير يقوم به أخوه، يمكنك أن توقفي هذا العمل من دون أن تعيري التفاتاً للوشاية بحدّ ذاتها.
· لا تدفعي طفلك إلى التجسّس، فإن الطلب من الأخ الأكبر أن يخبرك بما يقوله ويفعله إخوته ليست وسيلة جيدة لتعليم أبنائك كيف يتفاهمون، بدون تجسّس.
· إذا كان طفلك يشي بالآخرين لك لكي يكسب رضاك، حاولي أن تعرفي ما سبب التقرّب بهذه الطريقة الملتوية.
· إذا كان طفلك يتّخذ من الفتنة والوشاية وسيلة للفت النظر إليه، إمنحيه مزيداً من الإهتمام.
· إحكي له قصة ما قبل النوم عن الواشي، وكيف يصبح غير محبوب بين أصحابه لقيامه بالوشاية.
· الطفل ليس له ملجأ إلا والديه، فلا تمنعيه نهائياً من أن يحكي لك تفاصيل يومه، إذ أن منعه من التحدّث عن الآخرين يعتبر تشجيعاً على اللامبالاة.
·
إعلمي
أن الكلام عن الغير لا يكون سلوكاً خاطئاً إذا كان هذا الشخص المنقول عنه الخبر
يؤذي نفسه أو يؤذي أصدقاءه أو يقوم بإتلاف ممتلكات الغير.