طالب الشيخ د.علي بن عبد العزيز الشبل إخوانه المسلمين حجاج بيت الله الحرام باتباع هدي المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وأكد أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد سعود الإسلامية -كلية أصول الدين- أن على المسلم أن يعظم شعائر الله وأن يقتدي بالنبي، صلى الله عليه وسلم، الذي قال: «خذوا عني مناسككم»، وحذر د.الشبل من الاستخفاف بأعمال الحج أو البحث عن الرخص والاستهانة بالمسنونات، أو أن تستغل هذه الشعيرة المقدسة فيما يدخل الفرقة بين المسلمين أو يشوش عليهم، وذلك ليسلم للمسلم حجه، ويعود مغفورًا له بإذن الله تعالى.
بداية فضيلة الشيخ.. ما الهدف من معرفة المرء بالأخطاء الممكن وقوعها بالحج؟
أن معرفة الخطأ والشر مقصود منهما محاذرتهما وتجنبهما، حتى يأتي العبد بالطاعة على وجهها الشرعي الصحيح، كما ثبت في الصحيح عن حذيفة، رضي الله عنه، قال: (كان الناس يسألون النبي عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه)، وقد قيل: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه، ومن لا يدري الخير من الشر يوشك أن يقع فيه، لذا أحب التنويه عن أخطاء تقع من قاصدي النسك بالحج والعمرة.
< أن يكون مراده وقصده في أداء عبادة الحج أو العمرة، أو غيرهما الذكر والمدح من الناس أو الرياء والسمعة، ويتطلع لذلك وأن يُمدح به، وهذا خطر عظيم يقدح في التوحيد وأصل الإيمان بالله، مع الهَمْ العظيم بمراقبة الناس «وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ».
< اختيار رفقة أو صحبة غير صالحة لا تتناسب وهذه العبادة الجليلة، من أهل الفسق والفجور، والتخلف عن الصلوات، أو أصحاب اللهو واللعب وكثرة المزاح وقسوة القلوب، فإن هؤلاء وأمثالهم ممن يصرفون عن العبادة، ويشغلون الأوقات الفاضلة، في الزمن الحرام، والمكان الحرام، بما يضر أو بما لا ينفع!
< بذل المال الحرام من الكسب الخبيث شرعًا لأداء النسك، والله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبًا، فيجب انتقاء أطيب مكاسب العبد لهذه العبادة، بل لجميع شأنه الدنيوي والتعبدي.
< تأخير الحج والعمرة حتى يهرم الإنسان وتدركه الشيخوخة كما نلحظ من طوائف من الحجيج، والواجب المبادرة لقضاء فرض الحج والعمرة بمجرد الاستطاعة المالية والبدنية.
< سفر المرأة وحدها أو مع نساء مثلها، بلا محرم شرعي، وهو: زوجها أو من يحرم عليها النكاح منه على التأبيد، فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قوله: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، ووجود المحرم للمرأة شرط في الحج من جهة استطاعتها عليه، وكذا في العمرة.
الإحرام
الإحرام أول أركان الحج.. ما أبرز الأخطاء التي تقع فيه؟
من الأخطاء الواقعة في ركن الإحرام بالنسك:
< تأخير الإحرام عن ميقاته الزمني والمكاني، فكما لا يصح الحج في غير زمانه المحدد له شرعًا، فلا يصح الحج في محرم أو رجب أو رمضان، كذلك لا يصح الإحرام بالحج والعمرة من غير المواقيت المكانية التي وقتها النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي خمسة: ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وذات عرق، ووادي محرم، لمن أتى عليهن أو حاذاهن بطائرة أو سفينة أو سيارة.
< تطييب ملابس الإحرام بالعطر والطيب، ومس الطيب من محظورات الإحرام والواجب غسلها منه.
< تحديد بعض الناس لباسًا محددًا للنساء تحرم به ذا لون محدد كالأبيض أو الأخضر أو الأسود، أو ذا هيئة محددة، وليس للباس المرأة في إحرامها لون أو هيئة محددة، سوى البعد التام عن مظهر الزينة والسفور.
< الاشتغال أثناء الإحرام بالفحش والزور من القول والفعل، وترك التلبية والذكر والتهليل والتحميد والتسبيح وقراءة القرآن.
الطواف والسعي
الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ركنان يشترك فيهما كل من الحج والعمرة وتقع فيهما أخطاء كثيرة حبذا لو بينتم جانبًا منها؟
من أهم الأخطاء في شعيرة الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة:
< رفع بعض الحجاج يديه تحية للبيت وللكعبة عند رؤيتها، مع أن المشروع الدعاء بالدعاء الوارد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عند دخول الحرم بتقديم الرجل اليمنى وقول: بسم الله اللهم صل على رسول الله، اللهم أغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك.
< مزاحمة الحجيج ومدافعتهم وأذيتهم أثناء الطواف، ولاسيما عند استلام الحجر الأسود أو الركن اليماني، وكذا رفع الصوت بالدعاء والذكر من الرجال والنساء.
< تضييق بعض الحجاج على نفسه، وعدم مراعاته إخوانه بالصلاة أمامهم، أو بمزاحمتهم في المطاف، ولا سيما خلف المقام، مع عدم المبالاة بالزحام وكبار السن...........إلخ.
< تمسح وتبرك بعض الحجاج بجدار الكعبة أو لباسها أو المقام أو أبواب الحرم وجدرانه، وهذا ربما قدح في توحيد الحاج وإيمانه بالله، وأخرجه عن مقصود حجه.
< ومن الأخطاء دخول بعض الطائفين داخل حجر إسماعيل (الحطيم)، مما يفسد ذلك الشوط، المترتب عليه فساد الطواف.
< ومن الأخطاء صلاة الطائف ركعتين _ركعتي الطواف_ في مواطن الزحام الشديدة، أو وهو عاري المنكبين من إحرامه، وربما صلاهما وليس عليه سوى الإزار!!
< وبعضهم ربما طاف بالبيت وعليه جنابة أو حيض ونفاس، وطواف هؤلاء غير صحيح!
< اعتقاد أن لكل شوط سواء من الطواف بالبيت أو السعي بين الصفا والمروة دعاءً مستقلًا، كما يظهر في كتب الأدعية، والمشروع أن يدعو كل بما يحتاجه ويناسبه، ويتأسى بالنبي، عليه الصلاة والسلام، بجوامع الدعاء.
< وكذا من الأخطاء في الطواف والسعي، الذكر والدعاء جماعيًا وبصوت مرتفع، ربما أزعج الحجيج والعُّمار.
< وبعض الحجاج لجهلهم يبدأون _عند أداء السعي_ بالمروة قبل الصفا، وهذه مخالفة صريحة لعبادة السعي، وإبطال لها.
< وبعضهم ربما لم يتم السعي بين الصفا والمروة فيرجع أثناء الشوط ولا يتم الشوط إلا باستيعاب ما بين الصفا والمروة.
< اعتقاد بعض الناس عدم قطع الطواف أو السعي عند إقامة الصلاة، والواجب أداء الصلاة مع الجماعة، ثم إكمال الطواف أو السعي بعدها.
< تمسح بعض الحجيج بجدران المسعى وأبواب الحرم أو تقبيل الأعمدة أو جبل الصفا والمروة، وهذه خرافات وضلالات ما أنزل الله بها من سلطان.
< دوران من يسعى في الأدوار العليا حول القبب عند الصفا أو المروة مع اعتقاد عدم صحة السعي إلا بهذا الطواف، وهذا خطأ شنيع بدأ ينتشر بين الحجاج.
< اشتغال الحاج بالكلام مع الرفقة أو بالنظر والمشاهدة خلال أشواط الطواف والسعي، بدل الذكر والدعاء وقراءة القرآن، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول فيما صح عنه: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل).
< ومن الأخطاء اعتقاد البعض حرمة الطواف للإفاضة ليلًا، وهذا قول باطل واعتقاد فاسد، فالطواف مشروع ليلًا ونهارًا، والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (لا تمنعوا أحدًا طاف بالبيت من ليل أو نهار أن يصلي).
< تهاون بعض الحجاج بالوقوع على أهله _زوجته_ قبل الفراغ من طواف الحج وهو طواف الإفاضة، فإن فعل وكان قد تحلل التحلل الأول بالرمي والحلق فعليه دم، فإن لم يكن فعليه سؤال العلماء ليقفوا على حاله، ثم الحكم له بمقتضى ذلك!
ركن الحج الأكبر
الوقوف بعرفة ركن الحج الأكبر والأعظم (الحج عرفة) ما أبرز الأخطاء التي تقع فيه؟
إن من أهم الأغلاط الواقعة في الوقوف بعرفة، (والحج عرفة) كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم،:
< إتعاب الحاج نفسه ومن معه بالذهاب إلى الجبل للوقوف عنده، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف)، مع ما يحصل هناك من المزاحمة والمدافعة والتسبب بالهلكة، وسوء الخلق والفحش في القول والفعل.
< ومن الأخطاء أيضًا تسمية الجبل بجبل الرحمة، وهذا ليس عليه دليل؟!
< الوقوف خارج عرفة إما في «وادي عرنة» أو جنوب عرفة، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: (عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة)، علمًا بأن مسجد نمرة جزء كبير من مقدمته وقبلته في عرنة خارج عرفة.
< الاشتغال في يوم عرفة بالأكل والشرب والمشي بين المخيمات دون الذكر والدعاء والاستغفار، ومن ذلك أيضًا تقطيع ذلك اليوم العظيم بالنوم أو الضحك والمزاح الكثيرين.
< الدفع من عرفة قبل غروب الشمس، والعجلة والإسراع ركضًا وبالسيارة واستخدام الأبواق والمسابقة، وأذية الحجاج بالقول والفعل، والنبي، صلى الله عليه وسلم، لما دفع من عرفة بعد استحكام غروب الشمس أشار للناس بيده وقال: «السكينة: فليس البر بالإيضاع».
< ذهاب بعض الحجاج يوم عرفة لمكة اعتقادا بفضل ذلك، وبعضهم يقف بعرفة في الصباح ثم يغادرها لمزدلفة ثم منى لرمي الجمرة، فينتهي من ذلك كله قبل عصر يوم عرفة، وهذا خطأ شنيع يفسد الحج؛ لأنه لم يقف بعرفة الوقوف الصحيح، والذي يبدأ من زوال الشمس في اليوم التاسع يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم العيد، كما دل عليه حديث عروة بن المضرس رضي الله عنه.
مزدلفة
من واجبات الحج المبيت بمزدلفة.. لعلكم تبينون أبرز الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج في هذا المشعر العظيم؟
من الأخطاء التي تقع في مشعر الوقوف بمزدلفة:
< إن من الحجاج إذا وصل إلى مزدلفة يبدأ بجمع الحصى، والمشروع الذي عليه هديه، صلى الله عليه وسلم، البدء بالأذان ثم إقامة صلاة المغرب ثم العشاء حتى قبل الاستعداد للنزول، وحصي الجمار لا يشترط جمعها من مزدلفة، وإنما من أي مكان في الطريق أو في منى، وعليه فإن من الأخطاء تأخير أداء صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة، حتى إن بعضهم ربما لا يُصلِّيهما إلا بعد مضي أكثر الليل؟!
< قضاء بعض الحجاج حاجاتهم أمام الناس في مزدلفة دون مراعاة لستر العورة والأدب العام.
< اعتقاد بعضهم أن الوقوف بالمزدلفة وذكر الله لابد أن يكون في مسجد المشعر الحرام فقط، والصحيح أن عرفة ومزدلفة كلها موقف.
< ومن أهم الأخطاء في هذا الموضع عدم وقوف بعضهم البتة بالمزدلفة، وهؤلاء تركوا شعيرة من شعائر الحج، ومنهم من يقف خارج المزدلفة ولا يتحرى حدود المزدلفة وأعلامها، والواجب أن يتقي العبد الله ما استطاع.
يوم العيد
يوم عيد الأضحى يوم الحج الأكبر تحصل فيه أخطاء أيضًا من بعض الحجاج حبذا لو بينتم جانبًا منها؟
من أهم الأخطاء التي تقع من الحاج يوم العيد، وهو يوم الحج الأكبر، لاشتماله على أكثر أعمال الحج:
< اعتقاد أنه لابد من ترتيب الأعمال يوم العيد: رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف، وهذا الترتيب إن تيسر فهو سنة مستحبة، وإلا فليس بلازم، لاسيما مع حصول الزحام والضيق فيه، فلو طاف ثم حلق أو حلق ثم رمى فلا بأس، فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، ما سئل يوم العيد عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج، رفعًا للحرج ودفعًا للمشقة عن أمته، وهذا يتأكد مع وجود أسباب الزحام والتدافع والمشقة.
< مزاحمة كبار السن والنساء في رمي جمرة العقبة في أول النهار يوم العيد، ولو تقدم هؤلاء بالرمي بعد مضي نصف الليل في المزدلفة أو تأخروا إلى ما بعد زوال الشمس يوم العيد، لحصل انفراج كبير على الحجاج، وأداء للنسك بسهولة ويسر.
< ذبح هدي الحج تمتعًا أو قرانًا خارج حدود حرم مكة، وكذا ذبح بعضهم فدية الجبران لترك واجب أو فعل محظور خارج حدود مكة، والذبح والنحر لابد أن يكونا داخل حدود الحرم لقوله تعالى: «هديا بالغ الكعبة»، وفي الحديث «فجاج مكة كلها طريق ومنحر».
< كذلك من الأخطاء تقديم الذبح قبل طلوع الشمس يوم العيد أو تأخيره إلى غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة، فهذان حدا وقت الذبح الزماني، وما سبق حده المكاني.
< ذبح الإبل أو البقرة أو الغنم _وهي بهيمة الأنعام فقط_ وهي لم تستوف السن المحددة شرعًا أو بوجود العيوب غير المجزئة لها بأداء النسك.
< وأهم الأخطاء في يوم العيد شدة التزاحم على الرمي، وفي طواف الإفاضة، والحل هو في تحري أوقات قلة الزحام على هذين المشعرين: نهارًا للطواف، وليلًا للرمي.
رمي الجمار
رمي الجمار واجب من واجبات الحج وتكثر فيه أخطاء الحجاج خاصة مع الزحام، لعلكم تبينون شيئًا من هذه الأخطاء؟
حقيقة أحب أن ألفت الانتباه إلى أهم الأخطاء التي يقع فيها الحجاج عند رمي الجمار:
< تكسير الحصى من الجبال، أو غسلها، أو اختيار الحصى الكبيرة التي تؤذي بحملها أو بالرمي بها، والمشروع في حجم الحصاة أن تكون بقدر حبة الحمص أو البندق.
< اعتقاد أن المرمي في الجمار الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى _ العقبة_ هو الشيطان، ولذا نرى ونسمع من حماقات الرماة الشيء المزري والمضحك، والمقصود بالرمي هو طاعة الله واتباع رسله، وإقامة ذكره بالتسمية والتكبير والدعاء في هذه المواقف والمشاعر.
< ومن الأخطاء الشائعة الإخلال في ترتيب الجمار، فيرمي الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى وهذا لا يصح، بل لابد من البدء بالصغرى ثم التثنية بالوسطى ثم الختم بالكبرى، مع مراعاة وقت بدء الرمي للجمار الثلاث بعد زوال شمس أيام التشريق، وامتداد الرمي إلى طلوع فجر اليوم الثاني، وملاحظة جواز جمع رمي يومين في يوم لأهل الأعذار ممن يقومون على خدمة الحجيج.
< ومن الأخطاء الشائعة _ولاسيما عند المترفين_التوكيل في رمي الجمار من غير حاجة متحققة، وخفي على هؤلاء أن أداء عبادة الرمي من شعائر الله، والله سبحانه يقول في آية سورة الحج: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ».
< ومن الملاحظات المهمة في هذا المقام ضعف استشعار القربة والعبادة لله عند رمي الجمار، مما يحصل معه التدافع والتزاحم وعدم رحمة الكبير والصغير والضعاف من النساء والرجال، ولو التمس الحاج القربة والعبادة ورحمة إخوانه لزال كثير من الشر والضرر على الناس في هذه المواقف الشريفة، وفي المكان الحرام، والزمان الحرام.
< ومن الأخطاء ها هنا رمي الشاخص، والمقصود وقوع الحصاة في المرمى، كذلك زيادة بعضهم على السبع حصيات من باب قصد الزيادة، وهي من البدع، كذلك تحريم بعضهم الرمي للجمرات من فوق.
ليالي التشريق
يلاحظ تقصير البعض وتهاونهم في المبيت بمنى ليالي التشريق، حبذا لو بينتم لإخوانكم الأخطاء التي تقع عند أداء هذه الشعيرة؟!
من الأخطاء الواقعة من الحجاج في مشعر المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، وهو واجب من واجبات الحج:
< تهاون بعض الحجاج بواجب المبيت بمنى ليالي التشريق، فإن مجرد المبيت عبادة وشعيرة، بل منهم من يسافر يوم العيد ولا يبيت بقية الليالي ويوكل في الرمي، وترك المبيت مع القدرة عليه إثم ويوجب الكفارة بالدم، كبقية ترك الواجبات.
< اشتغال بعض الحجاج في أيام وليالي التشريق بمنى بالحرام قولاً وفعلاً من كذب وسخرية وهزو وافتراء ولعب بالورق ونظر إلى حرام وأذية عباد الله، مع أن الواجب في شعيرة منى ذكر الله وتوحيده ودعاؤه وتعظيمه والانطراح بين يديه سبحانه بالتوبة، لعله أن يرجع من حجه مغفورًا له كيوم ولدته أمه، كما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم.
< من الحجاج من يذهب للطواف نافلة في ليالي أيام التشريق أو للتسوق أو للنزهة والتنزه خارج منى، فيفوته المبيت مع قدرته عليه، وهذا ترك للواجب من غير مبرر شرعي معتبر، ومنهم من يمضي الليل باللهو وتعبير الأحلام واللعب بالحرام وتقطيع الأوقات.
< ومن الأخطاء عند البعض اعتقاد بقائهم على لباس الإحرام حتى بعد فعل اثنين من ثلاثة: الرمي لجمرة العقبة، أو الحلق، أو الطواف، ومن ظن ذلك وقع في البدعة بالزيادة على الشريعة، والاستدراك على النبي، صلى الله عليه وسلم.
< ومن ذلك أيضًا تحريم بعضهم الرمي للجمار الثلاث في أيام التشريق بالليل، والتشديد في ذلك على المسلمين، من غير دليل صحيح صريح، ودلالة النصوص تقتضي الجواز!
< ومن الأخطاء الشهيرة لطول هذه الشعيرة وجود الخلافات والمشاحنات في القيل والقال، والفرقة وسوء الخلق مع الحجيج، مما يسبب الفسوق أو الرفث، وفي القرآن الكريم: «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، وصح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قوله: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
طواف الوداع
طواف الوداع آخر أعمال الحج، وهناك أخطاء تتعلق بهذا الطواف، حبذا لو نبهتم عليها؟
من هذه الأخطاء:
1سفر بعض الحجاج بلا وداع للبيت، والوداع آخر أعمال الحج، فلا يصح وداع بعده رمي جمار أو مبيت بمنى أو لبث بمكة وسكنى بها مدة خارجة عن المعتاد وإلا فعليه إعادة الطواف، وهذا الطواف للوداع مخفف عن الحائض والنفساء.
2تعمد ترك الطواف للوداع والفدي عنه بدم، وهذا لا يخرج عن طائلة الإثم فتلزم التوبة.
وبهذه المناسبة أنبه إلى أمرين هامين وخطأين شائعين:
الأول: من الأخطاء الوخيمة الاستهانة بتعظيم شعائر الله، وحرم الله بالإفتاء بغير علم، ومن غير أهل العلم الموثوقين والمعتبرين بدعوى التيسير أو التشديد، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه.
الثاني: وهو من الأخطاء الشائعة التهاون بفرائض الله، كتأخير الصلوات أو النوم عنها، أو التخلف عن الجماعات، والتعرض لسخط الله بالوقوع فيما حرمه، دون مراعاة لحرمة الزمان والمكان!
عبادة مستقلة
زيارة مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، عبادة مستقلة، ما الأخطاء التي يقع فيها البعض ممن زار مسجد المصطفى، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة:
< يعتقد كثير من الحجاج وجوب زيارة المدينة بعد الحج أو قبله، وهذا الاعتقاد باطل؛ لأن زيارة المدينة والصلاة بمسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء من السنن أي المستحبات، وليس واجبًا، ولا علاقة له بالحج.
< عقد البعض نياتهم على زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، من سفرهم من بلادهم، وهذا مخالف لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»، وبعضهم يورد حديث «من حج فلم يزرني فقد جافاني»، وهو حديث موضوع مكذوب على النبي، صلى الله عليه وسلم، لا أصل له.
< ومن الأخطاء الواقعة كثيرًا فيمن زار المسجد النبوي التمسح بالقبر النبوي وبأبواب المسجد وجدرانه، أو الطواف بالقبر أو استقباله من نواحي المسجد عند السلام أو الدعاء، وهذه كلها من البدع والخرافات التي تقدح في أصل التوحيد أو كماله الواجب، وكذا ما يحصل مثله في مقبرتي البقيع وشهداء أحد.
< ومن الأخطاء الشائعة اعتقاد زيارة الأماكن التاريخية في المدينة، كجبل أحد ومسجد القبلتين والمساجد السبعة.... إلخ، والذي تستحب زيارته لمن كان في المدينة: مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء، ومقبرة البقيع، وشهداء أحد، بالدعاء لهم والسلام عليهم، والاعتبار بهم فقط دون قراءة الفاتحة عليهم أو سؤالهم أو طلب الحوائج والمدد والغوث منهم، فذلك من الشرك بهم مع الله في العبادة.
< رفع الصوت واللغط والمزاحمة والمدافعة عند زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه لمن كان في المدينة، والواجب الأدب التام والاحترام للمسلمين، والوقار في مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، تعظيمًا لله وتوقيرًا لرسول الله.
< ومن المظاهر الفاشية استقبال الزائر للمسجد النبوي لقبره، صلى الله عليه وسلم، ووضع يده اليمنى على اليسرى، كحاله في الصلاة حال السلام أو الدعاء، ولاسيما عقب الصلوات الخمس، هذا من البدع النكراء المفضية للغلو بالنبي، عليه السلام، ورفعه عن منزلته اللائقة... وفق الله الجميع لاجتناب هذه الأخطاء والحذر من الوقوع فيها وعبادة الله على بصيرة.