الحج بداية لحياة جديدة يسير فيها المسلم في أثنائه وبعد أداء الشعيرة راجيا أن يكون بالله ومن الله وإلى الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن السؤال الذي يفرض نفسه : وماذا بعد الحج ؟.. وما على الحاج اتباعه حتى يكون حجه مبرورا ويتقبل الله منه؟
يقول د. طه حبيبشي الأستاذ بجامعة الأزهر: ورد في الحديث الشريف: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».. إذن الحج المبرور في هذه الحالة ليس له جزاء إلا الجنة .. وعلى المسلم بعد انقضاء فترة الحج التي أخلص وجهه لله فيها أن يصبح من البراءة والطهر كيوم ولدته أمه خالصا من الدنس مبرءا من الآثام .. هذا هو الأساس المطلوب منه بعد الحج لأنه اقترب كثيرا من الله تعالى بحيث أصبح في يقين المسلم بعد عودته أنه سبحانه مصدر الخير كل الخير ومصدر النعمة كل النعمة ومصدر الكمال على المعنى الصحيح للكمال الإنساني.
فعلى الحجاج الراجين رحمة الله أن يسيروا على نفس الدرب الذي بدأوه من التعرف على الله في حياتهم وأن يتابعوا بين الحج والعمرة بحيث تكون قلوبهم دائما خالصة لله عز وجل.
آمال مرجوة
د. محمد فؤاد شاكر، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس يقول: هناك شروطا ينبغي أن يلتزم بها الحاج بعد أن وفقه الله لحج بيته الحرام وزيارة مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام فقد عاهد الله عز وجل أن يطيعه فليوف بعهده ويلتزم طاعة ربه في أقواله وأفعاله وجميع أحواله ومن أهمها أن يعاشر الناس معاشرة طيبة وان يكرم ذوي القربى واليتامى والمساكين .. وأن يصلي الصلاة في أوقاتها حتى تكون مقبولة عند الله عز وجل فالصلاة عماد الدين وقوامه المتين.
كذلك ينبغي على الحاج أن يتجنب المعاصي كبيرها وصغيرها ما استطاع إلى ذلك سبيلا وأن يكثر من تلاوة القرآن فإن لم يكن قارئا فليكثر من ذكر الله عز وجل فإن ذكر الله هو دواء القلوب وشفاؤها.
أداء النسك
د. عبد الحكم الصعيدي الأستاذ بجامعة الأزهر يقول: قال الله عز وجل : على الحاج أن يكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى وحمده وشكره على أن وفقه لأداء النسك فقد عاهد الله على الصفاء والوفاء والتعارف الإنساني العام .. ورجم رمز الشر والعداوة والبغضاء وهاهو رجع إلى أهله مزودا بهذه المعاني الكبيرة .. فعليه أن ينطلق إلى عمله بروحانيات الحج العالية التي استعاد بها صياغة نفسه على نحو جديد من التقرب إلى الله عز وجل وليعلم أن ذكر الله ينبغي أن يكون للدين والدنيا والأولى والآخرة.
الحج المبرور
ويقول د. زكي عثمان رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: الأمة الإسلامية وصفها الله سبحانه وتعالى بأربع صفات في سورة العصر وهي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .. ومن هنا يجب على المسلمين الذين قاموا بأداء فريضة الحج أن يشكروا الله على ما أولاهم ويحمدوه على ما حباهم وأعطاهم ويحذروا من العودة إلى التلوث بالمحرمات. وما أجمل أن يعود الحاج بعد حجه إلى أهله ووطنه بالخلق الأكمل ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد وإن من يعود بعد الحج بتلك الصفات الجميلة هو حقًا من استفاد من الحج وأسراره ودروسه وآثاره.