أنا فتاة في الثالثة والعشرين.. خليجية.. خريجة جامعية.. الأولى على دفعتي، أعمل موظفة في مجال الإعاقة مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.. رشحت للعمل معيدة في الجامعة وقبلت.. وأصبحت بالإضافة لعملي معيدة، وفي وقت فراغي أعمل مع «جروب» تطوعي لخدمة المجتمع.. أنا أكبر إخوتي.
مشكلتنا أن والدي يشرب الخمر، لكنه رجل طيب.. عندما كنت طفلة كنت أظن أن والدي هو الإنسان الوحيد الذي يشرب بالعالم.. أمي عصبية لهذا السبب، ولا أنكر تضحياتها ومحاولاتها لإبعادنا عن هذا الجو، لكنها لا تحتمل أن يُرفض لها طلب، وتعتبر المسألة بعدها تحديًا لإرادتها.. كان همي الأكبر ألا يتأثر إخوتي بهذا الجو المشحون، لكن الحمد لله كبرنا وتفوقنا وتخرجنا وتوظفنا، لنصبح ناجحين في حياتنا العملية والاجتماعية.
تقدم لي شاب من أقرباء أمي.. شاب عادي يحمل مؤهلاً متوسطًا.. ويعمل مدرسًا.. يسكن في حينا، ولا نعرف عنه شيئًا سوى أنه ابن ناس طيبين، تحمست أمي له لأنه لا يشرب.. ترددت بالقبول، لأنه أصغر مني ولم أنجذب إليه، لكن أمام إصرارها ودموعها وعصبيتها واتهامها بأني أعرف شخصًا آخر، وافقت على مضض وكلماتها تلاحقني.. يكفي أنه لا يشرب مثل والدك.. دافعت وتعبت نفسيًّا وجسديًّا.. فبعد عقد القران وتردده لزيارتنا، فوجئت بطريقته في الكلام، قلت: قد يتغير!
ذهب لزيارتي في العمل فلم يعجبه نظام الاختلاط في العمل، رغم أنه يعرف طبيعة عملي.. وافق، لكنه طالبني بالتزام حدود الأدب وكأنني تجاوزتها.. أصلاً.. انتقل للتعليق على طريقة لبسي.. ومنها لطريقة كلامي وتفوهي ببعض الكلمات الإنجليزية.. حتى «الجروب» التطوعي اعتبره مضيعة للوقت، وأخيرًا قال: أنت عقلية متفتحة يصعب التعامل معها.. وكان ينهي أي نقاش لا يعجبه بـ«يصير خير».. بعد الزواج نتفاهم.. «وأهم شي رضاي»!! لم أتقبله.. لم يجذبني.. رغم محاولاتي.. أصبحت أتفاداه.. أطنش مكالماته.. لم أعد أطيق سماع صوته وطريقة كلامه.. شعرت بأنه لن يجد لمشاعره مقابلاً عندي.
استشرت والدي.. فنصحني بتركه، وفعلاً اتصلت به وبكل أدب واحترام أنهيت كل شيء.. طبعًا والدتي قاطعتني واتهمتني بالسطحية والمادية وأنني جرحتها ولا أقدرها.. ولا أحبها، وأن الله سيعاقبني شر عقاب لرفضي.
أستاذي.. هل أخطأت بحقه وحق نفسي؟ هم يرون أنني غبية، كان من الممكن أن أتزوج لأنجب وأعتبره وسيلة إنجاب!! وأمي تندب حظي لأن قطار الزواج فاتني.. لكنه لم يفتني فقد تقدم لي قريب آخر، لكنه يشرب الخمر، والغريب أن الجميع يدفعني للموافقة رغم أنه تافه.. فانظر لكمّ التناقض الذي نعيشه.. لم أعد أعرف أين الصواب..
ابنتك.. ميلاد
يا عزيزتي «ميلاد» تمحور حديثك كله حول من يشرب ومن لا يشرب، وهي قضية ليست محورية، فمن يشرب يمكن أن يبطل الشرب.. ومن لا يشرب قد يشرب في المستقبل.. المهم في رأيي هو قيمته الإنسانية.. وهل هو شاب واعد بمستقبل أفضل؟ وهل هو كريم أم بخيل؟ وهل هو في صحة جيدة أم لا؟ إنها الأساسيات التي يمكن أن يُبنى عليها زواج سعيد، خاصة إذا توفر قدر من الحب بين الطرفين.. الصواب أن تدعي قلبك يختار لك مع توافر العناصر المهمة في الشخصية.. والله معك.
أشياء أخرى:
«كل زوجة تستطيع أن تكتب مذكرات زوجها لمدة شهر.. مقدمًا»