قال الرسام الإسباني بيكاسو: "إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها وجدت الخط الإسلامي سبقني اليها".
والنقطة التي أراد الوصول إليها هي الحركة والتناغم الجمالي في اللوحة المرسومة.
الحروف العربية هي جزء مهم من التراث الحي للأمة العربية، انتشرت بانتشار الإسلام وبرزت أصالته بقابليته للتطور والإبداع، فكل جيل يحمل ما ابتدعه الأسلاف من فنون ليضيف ويجمّل وينتج مخرجات حروفية فنية بمواد وتقنيات وأساليب عصرية.
ولم يقتصر هذا الفن على الخطاطين والآيات القرآنية والزخارف الاسلامية التقليدية بل طالته يد الفنانين التشكيليين وتم دمج الفن التشكيلي بالحروف العربية ليخرجوا بالفن الحروفي ويبدعوا في تطعيم لوحاتهم وتكويناتهم الفنية بالحروف العربية، وفي السنوات الأخيرة أصبح فن الحروفيات طاغي ومنتشر بشكل كبير جداً في الساحة التشكيلية العربية وخاصة السعودية، وظهرت لهذا الفن أسماء رائدة اعتمدت بأساليبها الخاصة في إحداث ثورة في الساحة التشكيلية المحلية العربية والعالمية، وبات لتلك الأسماء والفنانين تلاميذ ومنتمين يتبعون نفس الأسلوب الفني.
"سيدتي" سألت الفنان محمد الرباط عن ما يضفيه الخط العربي على اللوحة وعن دلالاته ومعنى وجوده في التكوين الفني، فقال: أدركت الفنون المعاصرة دور الخط العربي في إضفاء جماليات على بُنيتها، ليعتمد الفنانين التشكيليين على الخط العربي اعتمادا كبيراً نظراً لانفتاحه و رمزيته المتناهية، مما يضفي على اللوحة التشكيلية طابع عربي إسلامي بأبعاد جمالية ورمزية جديدة تزيده تأنقاً.
ويضيف الفنان فهد خليف: بالنسبة لي تطعيم الأعمال التشكيلية بالحرف العربي هو نوع من الانتماء ووضع الهوية العربية للعمل التشكيلي ،وإعطاء إيقاع وموسيقى للعمل، فأعمالي تميزت بالخصوصية الشديدة لهذا السبب.
وعن انتشار فن الحروفيات بشكل كبير في الساحة التشكيلية قال "خليف": الحروفيات أصبحت هاجس أغلب الفنانين لما تضفيه من قيم جمالية للعمل التشكيلي، ولا يشترط الآن أن يكون الفنان الحروفي خطاطا فالتقنيات كالطباعة عبر الشبلونات الحريرية " السلك سكرين" المتوفرة سهلت كثيراً وجود الحرف العربي ضمن التكوين الفني داخل اللوحة التشكيلية.
ومن هنا اتخذ الفنان التشكيلي من الحرف العربي داخل أعماله وتكويناته الفنية رمز لحضارته وبيئته ليجول بها أقطار العالم والقارات حاملاً بين ثناياها نفحة من العبق الشرقي للحرف العربي الذي ظل دائماً وأبداً أهم سفير للثقافة العربية في العالم أجمع.