في الوقت الذي أقرت فيه وزارة العمل معاقبة العاملات في المنشآت الخاصة بغرامة تصل إلى 1000 ريـال في حال عدم الالتزام بضوابط الحجاب الشرعي، استهجنت عاملات سعوديات هذا القرار في ردة الفعل الأولى له؛ نظراً لأن الوزارة لم توضح ضوابط الحجاب الشرعي التي توقعهن في المخالفة وتستوجب الغرامة، كما أنها فتحت المجال للتأويل والاجتهاد لمفتشيها.
المعايير واختلاف المهنة
«سيدتي» التقت العديد من العاملات السعوديات؛ لأخذ رأيهن حول قرار العمل الجديد الخاص بالسيدات، وتحدثت في البداية دينا علي، 28 سنة، وهي مشرفة للقسم النسائي في معرض للتجميل، وقالت: «استغربت كثيراً من قرار وزارة العمل بتغريم العاملة 1000 ريـال لعدم الالتزام بضوابط الحجاب الشرعي، دون توضيح تفاصيل الضوابط وآلية وقوع الغرامة، فالحجاب الشرعي مُختلف عليه فقهياً، كما أنه يختلف من منطقة إلى أخرى، فكيف ستقيس الوزارة الضوابط التي ذكرتها؟!».
وأضافت دينا أن القرار عام ويندرج تحت العقوبة جميع العاملات دون تفصيل، حيث إن هناك الممرضة وخبيرة التجميل، والبائعة، والمعلمة في المدارس الخاصة، والكثير من المهن الأخرى، وكل عاملة تلتزم باللباس المطلوب، حسب المهنة، وحسبما تراه في حدود الشريعة الإسلامية، وما نشأت عليه منذ صغرها، وليس من المنطق على سبيل المثال أن تكون البائعة في محل التجميل غير كاشفة للوجه، وترى الزبونة فيها أثر تلك البضائع التي تريد تسويقها لها، أو ألا تكون بمظهر يليق بها وبالمكان الذي تعمل فيه.
وتابعت دينا: «أنا أعمل مشرفة، ومسؤولة عن الكثير من العاملات في المعرض، وكل فتاة من العاملات تختلف عن الأخرى في طريقة وضع حجابها، فكيف ستقيم الوزارة ضوابط الحجاب هنا؟! بالإضافة إلى أن المعايير من الممكن أن تختلف بين مفتش وآخر للوزارة».
ترك العمل بسبب القرار
من جهتها طالبت سهى الكتبي، 23 سنة، عاملة في معرض لأدوات التجميل، بتوضيح المعايير للحجاب الشرعي في النظام الجديد، مبينة أن هذا القرار يقف حاجزاً جديداً أمام عمل المرأة، نظراً لأن وضعه بهذه الطريقة دون تحديد، يفتح المجال للاجتهاد، بالإضافة إلى أن قيمة الغرامة مرتفعة جداً بالنسبة للعاملات في المحلات، والتي تصل إلى أكثر من 25% من أجرها الشهري.
وأكدت الكتبي أنه في حال كانت معايير الوزارة للحجاب تشتمل على وضع الغطاء على الوجه، ستضطر هي والكثير من العاملات معها إلى ترك العمل.
تناقض بين التأنيث والقرار
من جهتها، قالت أسماء المفلحي، 30 سنة، مسؤولة علاقات عامة: «القرار يجعل الوزارة في موقف متناقض أمام الجميع، فبعد أن أطلقت الكثير من البرامج لتأنيث المحلات النسائية، ودخل إلى السوق على أثره آلاف العاملات، تأتي الوزارة لتضع عراقيل أمام عملهن، فالحجاب الشرعي يلزمنا به ديننا الحنيف، ولكن ضوابط الحجاب مختلفة ومتعددة بين منطقة وأخرى، وبين مهنة وأخرى، وأتمنى من الوزارة تفصيل المعايير لكل منطقة ولكل مهنة، حتى لا تقع العاملات في المخالفة ويكنّ عرضة للغرامة المالية».
لا يحق للوزارة أن توقع الغرامة
وفي الرد القانوني على نظام وزارة العمل الجديد، قالت المحامية والمستشارة القانونية رزان الرواشدة: «إن هناك نوعين من الأعمال النسائية؛ الأول: العمل في بيئة توجب عليهن التعامل مع الرجال ومخالطتهم، وفي هذه الحالة تلتزم العاملة بضوابط الحجاب الشرعي الأساسية هنا، وهي لباس العباءة والخمار حول الرأس، أما الثاني: فهو العمل في بيئة نسائية كاملة ولا تختلط بالرجال إطلاقاً، وفي هذه الحالة فليس مطلوباً منها الالتزام بالضوابط؛ نظراً لعدم وجود الاختلاط في العمل».
وأضافت الرواشدة: «هنا يجب على وزارة العمل تحديد الضوابط لكل فئة من الأعمال النسائية في المنشآت الخاصة، حيث إنه من دون تحديد الضوابط لا يحق للوزارة أن توقع العقوبة على أي عاملة، فهناك مهن لا تستوجب فيها الجهات القانونية المراقبة لباس العباءة، مثل مهنة الطب والتمريض، وهناك آلاف العاملات في هذه المهن في المنشآت الخاصة».
وأشارت الرواشدة إلى أن قرار الوزارة سيكون سبباً في كثير من الإشكالات القانونية في حال لم توضح معايير الحجاب، أو ترك هذا إلى اللوائح الداخلية لكل منشأة، مبينة أن العاملة إذا أوقعت عليها العقوبة دون توضيح المعايير يحق لها اللجوء إلى اللجنة العمالية ومقاضاة الوزارة.