فقد الوسط الفني السعودي علماً مميّزاً من أعلامه، وهو الممثل التلفزيوني والإذاعي عبد العزيز الحماد بعد معاناة مع مرض السرطان منذ أكثر من ثلاثة أعوام، تلقّى على أثرها العلاج في الرياض، ثم سافر إلى أميركا حيث وافته المنيّة هناك.
يعتبر الممثل السعودي عبد العزيز الحماد من الأسماء الفنية البارزة في الدراما السعودية، حيث شارك في عددٍ من الأعمال الدرامية السعودية، وله العديد من التمثيليات التلفزيونية والبرامج الإذاعية. وهو بالإضافة إلى عمله كممثل عضوٍ في وزارة الثقافة والفنون، له حضورٌ مميّز في «طاش ما طاش» كل عام كضيف شرف في بعض الحلقات. ولكن، غاب الممثل عبد العزيز الحماد عن «طاش» في الفترة الأخيرة وعن أعمال درامية أخرى بسبب إصابته بسرطان اللثّة الذي اكتشفه فجأة. وهو السبب الذي دفعه إلى عدم المشاركة في الكثير من الأعمال التي عرضت عليه إثر انشغاله بتلقّي العلاج في أميركا. وكانت «سيدتي» التقت الحماد في عام 2008 وتحديداً بعد اكتشافه للمرض بأربعة أشهر، واصفاً حينها كيف اكتشف إصابته بالسرطان أثناء زيارته لطبيب الأسنان وقال: «كنت في زيارة لطبيبة جراحة الأسنان لشعوري ببعض الألم في أسناني منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. ولكن، بعدما كشفت الطبيبة عليّ طلبت مني إجراء بعض التحاليل التي أظهرت وجود هذه الخلايا. وبدأت رحلة العلاج لكني ـ والحمد لله ـ أتحسّن تدريجياً».
وعن ردّة فعله وعائلته تجاه خبر المرض قال وقتها: «لم تكن ردّة فعلي غريبة خصوصاً وأنني تلقّيت الخبر من طبيب شرح لي أنّ هذه الخلايا حميدة وأنه ليس هناك أي خطورة عليّ، إذ إنه أخبرني أن 40% من سكان المملكة مصابون بهذا المرض. والحمدلله، تقبّلت الموقف وتابعت حالتي والتزمت بالتعليمات التي أعطاني إيّاها الأطباء. وحالياً، أشعر أنني أفضل من السابق». واصفاً ردّة فعل زوجته وعائلته كالتالي: «زوجتي الإعلامية سلوى شاكر إنسانة مثقّفة ومطّلعة. وتفهّمت إصابتي وقرّرت محاربة المرض معي. ولكن، البعض من عائلتي ضخّم الموضوع، ولم يتقبّل الخبر بحكم عدم معرفتهم واطّلاعهم على كل الأمور الخاصة بالمرض»، مؤكّداً أن هذه التجربة علّمته أنّ الدنيا بخير وأنّ جميع من حوله يهتمّون به. كما أكّد لنا وقتها سبب عدم مشاركته بالأعمال الدرامية وقال: «بصراحة، سبب عدم مشاركتي سواء في «طاش» أو غيره هو مرضي، حيث تتطلّب مشاركتي في أي عمل السفر، فقد أصبحت معظم الأعمال تصوّر في الخارج سواءً في سوريا أو الأردن. وبحكم متابعتي للعلاج بالجلسات الكيميائية كل أسبوعين، إعتذرت عن المشاركة. بالإضافة إلى أن من يتلقّى هذا العلاج تصبح مناعته ضعيفة جداً. لذا، فإن تغيّر الطقس بين بلد وآخر كان غير مجدٍ بالنسبة لصحتي».
آخر أعماله كان وقت المرض هو العمل الإذاعي الذي حمل عنوان «متحف بلا رواية». ونال عليه الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة الإذاعي للإعلام كأفضل ممثل عن دوره في المسلسل، والذي شرحه لنا في حوارنا الأخير معه «أنه فكرة مجنونة. فهو عبارة عن عملٍ إذاعي من ثلاثين حلقة. يدور حول حي يطلق عليه «الشفلح» وهو عبارة عن نبات بري لا ينبت إلا في الصحراء. وهذا الحي موجود على الكرة الأرضية، لكن السكان الذين يعيشون فيه يعتقدون ألا وجود لغيرهم على وجه الأرض. وهم جميعاً تبدأ أسماؤهم بحرف الـ «الشين» سواء كانوا بشراً أم حيوانات. وفجأة يظهر لهم شخص، يقع نتيجة خلل في طائرة تعبر فوق منطقتهم، وتبدأ أحداث القصة».
الحماد في سطور
فنان تشكيلي وممثل سعودي. ولد في محافظة الزلفي. من أشهر أعماله البرنامج الإذاعي الشهير «سواليف الناس» الذي كتبه وأخرجه بنفسه.
إنتقل مع أهله إلى أثيثة، ثم شقراء ثم الدلم، وصولاً إلى الرياض. كان والده يعمل في البناء، وتوفّي والده وهو في سن الخامسة. تخرّج من معهد إعداد المعلمين الإبتدائي في الرياض عام 1962 وعمل في مهنة التدريس. والتحق بعدها بمعهد التربية الفنية في الرياض عام 1963. تخرّج عام 1967 ودرس المسرح في الولايات المتحدة الأميركية. وأثناء دراسته في المعهد، كان يمثّل في المسرح ومعه عدد من زملائه من بينهم الممثل محمد الطويان. وفي عام 1968 مثّل في أول عمل تلفزيوني من تأليفه وهو مسلسل «الوجه الآخر» والذي أخرجه سعد الفريح. وفي عام 1969 شارك في المسلسل التونسي «عمارة العجائب» مع عدد من الممثلين السعوديين. وفي عام 1970 شارك ولأول مرّة في الإذاعة بمسلسل من كتابته بعنوان «سواليف الناس». النجاح الإذاعي ترافق مع زواج ناجح مع زوجته الإذاعية سلوى شاكر. شهد انطلاقة الدراما السعودية في التلفزيون السعودي منذ نشأته وله العديد من المسلسلات والسهرات التلفزيونية، وحصل على العديد من الجوائز في عدد من المهرجانات الإعلامية للتلفزيون والإذاعة. له من الأبناء حسام وفيصل ومهند وبدر وابنتان، وكان آخر ظهور له عبر الشاشة من خلال مشاركته كضيف شرف في مسلسل «أبجد هوز» الذي عرض على شاشة القناة السعودية الأولى في رمضان الماضي. وأيضاً من آخر نشاطاته الإذاعية المميّزة المشاركة في مسلسل إذاعي بعنوان «العذر والسموحة» والذي بثّ على الإذاعة السعودية.
توفّي فجر يوم الخميس17 يونيو (حزيران) بالتوقيت الأميركي في مستشفى UPMC الجامعي في مدينة بيتسبيرج في ولاية بنسلفانيا الأميركية والتي كان يرقد فيها منذ ما يزيد عن العشرين يوماً لمتابعة حالته الصحية التي تأزّمت في الفترة الأخيرة من حياته رحمه الله. عملت الملحقية السعودية في أميركا على نقله للرياض للصلاة عليه ودفنه في المملكة.