أديبات في الشرق والغرب، جميلات احترقن شعراً، أو أنتجن نصوصاً نثرية تنبض بالحب والعشق، وتشتعل بالمشاعر الإنسانية، عشن قصص حب بعضها مؤلم، لكنهن لم يدخلن القفص الذهبي، ولم يقترن في حياتهن برجل ولم يتمكنّ من تأسيس عش الزوجية، وهنا نتعرف إلى بعضهن.
أسطورة الحب
تلقب بـ«سحر الشرق» أو «أسطورة الحب» برقتها وجمالها وعذوبة ورقي نتاج إبداعاتها، إنها «ماري زيادة» أو «مي زيادة» اسم الشهرة الذي عرفت به، حيث ولدت الابنة الوحيدة «ماري» من أب لبناني وأم فلسطينية، وتعتبر من ملامح نهضة الأدب العربي في القرن العشرين، والأدب النسوي على وجه الخصوص، اشتعلت بينها وبين الكاتب جبران خليل جبران قصة حب عنيفة، عمرها عقدان، ولم تكشف له عن حبها، الذي كان اعترافه على الورق فقط، إلا بعد انقضاء 12عاماً كاملة، لكن علاقة العشق الغرامية لم تتوج بالزواج، وبقيت «مي» وفية لحبها حتى رحل حبيبها إلى بارئه، علماً أنها لم تلتق به يوماً كونه كان مغترباً بالولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن المراسلات بينهما كانت تتم عبر البريد، ويذكر أنه شغف بـ«مي» العديد من أدباء ومبدعي عصرها، مثل العقاد وأحمد شوقي لكنها لم تتخل عن حبها لـ«جبران»، الذي اتفق أنه كان سبب عنوستها بعد أن أصرت على عدم الاقتران بسواه، وهناك بعض الروايات تؤكد أن جبران لم يعرض عليها الزواج، بينما آخرون يعتقدون أنه بسبب طموحه ابتعدت عنه، ومن أشهر ما قالت مي زيادة «أنا امرأة قضيت حياتي بين قلمي وأدواتي وكتبي، ودراساتي وقد انصرفت بكل تفكيري إلى المثل الأعلى، وهذه الحياة أي المثالية التي حييتها جعلتني أجهل ما في هذا البشر من دسائس»
العاشقة الثائرة
اتخذت من القلم سلاحاً للنضال والمقاومة والحب، وساعدها على ذلك تمتعها بشخصية قوية لا تهاب الخوف، تعد أول سورية تؤسس مجلة نسائية حملت اسم «العروس» إنها الشاعرة والكاتبة الصحفية وعازفة «البيانو» الماهرة «ماري العجمي» التي لم تتزوج في حياتها بعد أن اغتيل حبيبها بطريقة وحشية من طرف الأتراك.
أحبت «ماري» بعنف وصدق شاباً يدعى «باترو باولي» واتفقا على الزواج، بل قام الحبيب بخطبتها وتواعدا على الزواج، وتقاسما أفكار محاربة الظلم والاستبداد، لكن شاء القدر أن يلقى القبض على «باترو»، ويسجن ظلماً ليعدم بعد ذلك، فرفضت ماري الاقتران من أي رجل، وتفرغت لعملها الإبداعي وكذا الصحفي في مجلة «العروس» التي ساهم فيها أشهر الأدباء، منهم إيليا أبو ماضي وميخائيل نعيمة والأخطل الصغير وأحمد شوقي، وما إلى غير ذلك من شعراء وكتاب.
بينما الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون التي كتبت قصائد كثيرة عن الحب وصل عدد نتاجها الشعري إلى نحو 2000 قصيدة، ورغم ذلك لم تلق العناية والاهتمام الكافي إلا بعد وفاتها، ربطتها في مرحلة شبابها علاقة حب مع كاهن بروتستانتي ووعدها بالزواج بعد تطليق زوجته، لكنه أخلف وعده وتخلى عنها محطماً مشاعرها وقلبها الذي كان يفيض بالغرام، فأصيبت بصدمة عاطفية عنيفة جعلتها تعزل المجتمع وترفض رؤية الغرباء، وعاشت بعد ذلك وحيدة مع والدتها وأختها، منكبة على الإبداع، فكتبت قصائد غزيرة عن الحب والموت والقدر، حتى أصيبت بقصور كلوي عجل بوفاتها، ومن أشهر ما قالت «إيميلي»: «باستطاعتي أن أخوض في الحزن في برك من الحزن بأكملها فقد اعتدت على هذا، غير أن أبسط دفعات الغبطة تكسر قدمي وإذا بي أترنح سكرى».
الملكة العزباء
إيديث سيتويل شاعرة وناقدة وروائية وكاتبة صحفية إنجليزية، توصف بأنها من أعظم الوجوه الشعرية البريطانية، تنحدر من عائلة أرستقراطية، وعاشت في مستوى معيشي عال ساعدها على إصدار مجلة شعرية، وامتهنت إلى جانب ذلك الإبداع في الديكور والملابس، بل إنه يعود إليها الفضل في ابتكار طلاء الأظافر الفضي. كانت معجبة كثيراً بالملكة إليزابيت الأولى، وكتبت عنها كثيراً، والمعروف عن الملكة إليزابيت الأولى أنها لم تتزوج حيث يؤثر عنها مقولتها الشهيرة: «إنني أفضل أن أتسول بلا زواج، على أن أكون مَلِكة متزوجة»، وكانت إيديث تشاطر الملكة موقفها الرافض للزواج، وبالموازاة مع ذلك تم العثور على مجموعة من الرسائل التي تبادلتها إيديث مع الرسام «بافل تشيليجو»، الذي ربطتها به علاقة حب قيل إنها بريئة.
في حين الشاعرة والكاتبة المصرية نبوية موسى نظمت الشعر عن الوطن والزعماء السياسيين، وحبها كان غامضاً حيث لم يتأكد عنها إن كانت قد أحبت أو كتبت قصائد حب في رجل، لكنها لم تتزوج، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك في موقفها من الزواج عندما اعتبرته قذارة، ويشهد أنها أول مصرية تحصلت على شهادة البكالوريا، وأول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية، بل إنها إحدى رائدات التعليم والعمل الاجتماعي خلال النصف الأول من القرن العشرين.