خلطة إليسا..

مسيرة إليسا الفنية تبدو مدروسة، وإن كانت الصدف هي أساس هذا المجتمع المحيط بنا، إلا أن المصطلحات المدرجة على لائحة التصريحات الفنية، توحي بأن هناك بعض التخطيط المثمر، وهذه هي حال إليسا التي لم تكن في بدايتها متميّزة، فهي حاصلة على الميداليّة الفضيّة في برنامج «استوديو الفن»، ما يعني أنها حلّت في الدرجة الثانية بين الفائزين.

إليسا اليوم، تحقّق أعلى المبيعات منذ عدّة سنوات، وتحمل جائزة الـ «ميوزك أوارد» للمرّة الثالثة، وجوائز محليّة آخرها «موركس دور»... إذن، ما هو سرّ الخلطة التي تجعل من إليسا نجمة من الصف الأوّل؟ فالإمكانيات الصوتية من الناحية العلمية محدودة، وهذا رأي يعرفه كل العاملين في عالم الموسيقى وليس سرّاً، ويبدو جليّاً في الحفلات الحيّة التي تحييها إليسا، إذ تفقد أغنياتها المسجّلة معظم بريقها. ومن يتابع تصريحاتها الإعلامية يجد أنها تتكلّم بصعوبة، من جرّاء العمليات الجراحية التي تعرّضت لها، وإن كان الهدف «تجميلياً».

إلا أننا لو عدنا إلى إنتاجها المسجّل، لوجدنا أن أغاني إليسا من بين الأكثر سماعاً وإقبالاً، وهذه ميزة أن تسمع ألبوماً كاملاً من دون الهروب من أغنية إلى أخرى، والأسباب تكمن في عدّة «مواقع» داخل كل أغنية عند إليسا، أوّلها في اختيار موضوعات الأغاني والعناوين التي تطلّ الأغنية من خلالها، فمعظم أغنيات إليسا تحمل حالات درامية متفاوتة لتبدو أحياناً واقعية وفيها عاطفة جريئة في إعلان الحب، وتجلّى ذلك في العديد من أغنياتها كما في أغنية:

(كنا في أواخر الشتا قبل اللي فات/ زي اليومين دول عشنا مع بعض حكايات /ولحد لما الليل يليّل ببقى جنبه /وأفضل في عز البرد وياه بالساعات).

يتّضح من خلال مطلع هذه الأغنية أنه الحب المحرّم إجتماعياً، يصوّره لنا الشاعر نادر عبد الله حالة غاية في الرومانسية يتوق إليها الجيل الجديد، وتستقطب الجيل القديم الذي يبحث عن نفسه وسط هذه التغيّرات (الإرهابية) الحاصلة في الوسط الفني، الذي يعكس الواقع إلى حدّ كبير، وصولاً إلى الإنتاج الأخير لإليسا «تصدق بمين» حيث نجد خلطة موسيقية دقيقة في الألبوم وتوليفة قد تكون مميّزة من حيث تخفيفها «التكنو» وقربها من «الدانس» وجعلها خلفية لإحساس شرقي تجسّده آلة الكمان. وهناك سخاء في استخدام الالآت الموسيقية الداعمة للأغنية. وتبقى الجملة الشرقية في نهاية المطلع الأوّل للأغنية بمثابة استراحة للأذن للإنطلاق من جديد مع اللحن، من دون الإستغناء عن الروح الكلاسيكية الحاضرة في الألبوم، وهذه الطريقة تغري أسماء كثيرة من الفنانين، خاصة بعد نجاح التجربة الموسيقية التي استخدمها منسّق أغاني «بودا بار» كلود شال، وهي توليفة لاقت رواجاً كبيراً في الشرق الأوسط.

في الخلطة أسماء كثيرة دفعت إنتاج إليسا إلى المقدّمة، منهم مروان خوري وجان ماري رياشي وصفوح شغّالة ومحمد ضياء وآخرون، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الشكل النهائي للإنتاج، فهو يحمل روح إليسا.