أمر طبيعي أن يعتقد الأزواج والزوجات في ليلة زفافهم أن حياتهم الزوجية ستظل سلسلة متصلة الحلقات من أمسيات العشاء الجميلة على ضوء الشموع، ومن رحلات رومانسية سعيدة يقومون بها في إجازات نهاية الأسبوع، لكن سرعان ما تنطفئ شموع الأمسيات والرحلات الرومانسية الجميلة ويدرك الزوج والزوجة أن هناك حياة واقعية بانتظارهما، مختلفة تمامًا عن الصورة الخيالية التي رسمتها لهما أحلامهما.
كيف إذن يمكن للزوج والزوجة أن يبحرا في بحر الحياة الزوجية بنجاح؟ الإجابة عن هذا السؤال تأتي في سياق الدراسة التي أجرتها إحدى الجامعات الأميركية مؤخرًا مع عدد كبير من الأزواج والزوجات الذين استمر زواجهم لأكثر من عشرين عامًا.
يتفق الأزواج والزوجات الذين شملتهم الدراسة على ضرورة ألا يذهب أحد الزوجين للنوم وفي داخله أي نوع من الضيق تجاه الآخر.. كما يجب ألا يذهب أحدهما إلى عمله في الصباح وهو يحمل في داخله تلك المشاعر السلبية تجاه شريك حياته، لأن تلك المشاعر إذا ما تركت لحالها من دون أن يبادر أحدهما بإزالة الغيوم التي ظهرت في سماء علاقتهما بكلمة رقيقة فسوف تفسد عليهما يومهما، ويؤكد جميع الأزواج والزوجات في إجاباتهم أن الاحترام المتبادل هو مفتاح السعادة الزوجية، وأن روح الدعابة التي يتحلى بها الزوجان هي المرفأ الذي ترسو عليه سفينة الحياة الزوجية لتستريح قبل أن تواصل سيرها مرة أخرى في هدوء وراحة بال.
من أهم مفاتيح السعادة قبول الزوج والزوجة بالحقيقة التي تقول: إذا لم يكن في استطاعتك تغيير شخص ما فعليك تقبله كما هو.. فهذا القبول يساعد كثيرًا على أن يتعلم الأزواج والزوجات كيفية التعايش والتكيف مع الصفات التي تزعجهم في شركاء الحياة الزوجية، كذلك يتعين على الزوج والزوجة أن يتذكرا أن كلا منهما لا يخلو من الأخطاء.
تشير الدراسة إلى أن بناء علاقة زوجية ناجحة أشبه بتشييد مبنى عال لما يستلزم من ضرورة التأكد من وضع أساس يتسم بالجودة والكفاءة حتى يمكنه تحمل ثقل الطوابق التي سترتفع من فوقه، كذلك فإن بناء علاقة زوجية ناجحة يستلزم وجود الاحترام المتبادل والثقة والتعاون والشعور الدائم بالالتزام تجاه ما تم تشييده، وما سوف يتفق الزوج والزوجة على تشييده في المستقبل.
ومن بعض ما جاء على لسان أزواج وزوجات حكماء استمر زواجهم لأكثر من أربعين عامًا، تقول إحدى الزوجات إنه إذا ما قام الزوج بمد يد المساعدة في أعمال المنزل، حتى وإن لم يقم بعمله هذا طبقًا لمقاييس الزوجة، فإن على الزوجة ألا تبدي تذمرًا وألا تشكو قلة حيلة الزوج، بل عليها أن تشكر له محاولته، وتظهر الامتنان له.
ينصح كذلك أحد الأزواج الحكماء ممن شملتهم الدراسة والمتزوج من 37 عامًا بأن قول كلمة نعم تساعد كثيرًا على إبحار سفينة الحياة الزوجية بسهوله ويسر، كما تجعل كلمة نعم.. السنوات تمضي سريعًا من دون عقبات تعترض الطريق.
وتنصح إحدى الزوجات التي استمر زواجها أربعين عامًا الأزواج والزوجات الجدد بألا يضعوا أنفسهم في الصدام دائمًا، خاصة إذا كان لديهم أطفال، لأنهم إذا فعلوا ذلك فسوف تتلاشى المشاعر الإيجابية وتضيع، ومن ثم فإنه من الضروري أن يأتي حب الزوج على رأس قائمة أولويات الزوجة، كذلك يتحتم على الزوج أن يكون حبه لزوجته على رأس قائمة أولوياته، فإذا ما قام الزوجان بهذا على أتم وجه فلا شك سيسود الوئام والدفء والحب والحنان حياتهما.