كل امرأة تعرف أن علمها، ودراساتها لا تعفيها من مسؤوليتها، وكل زوجة عاملة تدرك أن زوجها ينتظرها كامرأة، وشريكة، وليست كمديرة عامة! وأن هناك أطفالاً يحتاجونها كأم وصديقة.. تتساوى في ذلك الزوجة العاملة، أو المتميزة النابغة، إنه العطاء.. الفطرة التي طُبعت عليها المرأة، في حين أشارت دراسات عدة إلى أن نسبة طلاق المرأة الناجحة تبلغ ضعف نسبة طلاق المرأة العادية.
وهنا يقتحمنا ألف سؤال: هل يخاف الرجل من ذكاء المرأة؟ هل يهرب الزوج من تميز زوجته، ونجاحها.. لدرجة تصل إلى حد الطلاق؟ وهل يفضلها البعض منهم أقل علما وذكاء.. وحبذا لو كانت ساذجة.. غبية؟! الدراسات الحديثة تكشف لنا ذلك
بداية أثبت العلم الحديث أن حجم مخ الرجل أكبر من حجم مخ المرأة، مما يعني زيادة الخلايا الدماغية لديه! كما أكد استطلاع للرأي ضم مجموعة من الشباب الجامعيين -100 شاب- أن أكثر ما يثير إعجابهم في المرأة هو الذكاء، وحسن التصرف، ونفس العينة رفضت الزواج منها!! كما أنهم يرفضون، ويخافون من المرأة التي تتظاهر بالغباء لإرضائهم، وعللوا ذلك بالقول: مادامت تخفي عقلها فهي قادرة على إخفاء أشياء أخرى، ومعها لن يستطيع الزوج مراوغتها، أو الضحك عليها، والمثل الشعبي يقول«ابعد عن الشر وغنِّ له» ومرحبًا بالمرأة الساذجة، هادئة الطباع المطيعة.
«الطلاق للمثقفات»
هو العنوان الذي طرحته رسالة علمية بجامعة عين شمس، اختارت الرسالة عينة في دراستها من بين 80 سيدة جامعية، حاصلة على درجة الماجستير، أو الدكتوراه، يعملن، ولهن رواتب، وجميعهن مطلقات.
وبحثًا عن الأسباب أرجعت الدراسة سبب طلاقهن إلى عدم قبول الزوج دخول زوجته إلى عالم الشهرة والنجاح.. وبقائه -هو- في الظل.. منزويًا! إضافة إلى رغبته الدائمة في أن يكون في مكانة أفضل داخل الأسرة.. فلا يريد من تحاسبه على الشاردة والواردة حتى يفعل ما يحلو له، فهي بذكائها ستكشفه، حتى إن قابلها بابتسامة مصطنعة.. مرتديًا قناع الزوج المحافظ الغيور.
كما رمت الدراسة ببعض أسباب الطلاق على المتعلمات - أنفسهن- حيثُ قالت: بعضهن يحرصن- بالفعل- على عملهن أكثر من البيت؛ نسبة إلى الجهد والوقت المبذول، وسنوات الدراسة الطويلة، إلى جانب أن استقلال المرأة الاقتصادي، وقدرتها على إعالة نفسها، وأطفالها شجعها على طلب الطلاق، والتمرد على ما لايعجبها، أما أقوى أسباب الطلاق - كما وردت بالرسالة- فهو ارتفاع دخل الزوجة عن الزوج.
ظاهرة عالمية
رفض وطلاق الزوجات الأكثر نجاحًا ينطبق على الفتيات المتميزات -أيضًا- واللاتي يحملن رصيدًا من الذكاء والتميز كبيرا، فالشباب يرفضونهن، ويمتنعون عن الارتباط بهنّ.. مما يزيد من نسبة العنوسة.
ويؤكد الباحثون الاجتماعيون أن هذا الرفض من جانب الشباب يُعد ظاهرة موجودة في الدول النامية أوضح منه في الدول الصناعية.. بسبب تعظيم صفة الذكورة مع أسلوب التنشئة، والذي يُبقي الرجل في المركز الأقوى المفضل، المتميز إلى آخر يوم في حياته، وإن حدث وتزوج فهو يحاول هدم تلك المرأة الناجحة المتميزة، والتي يساعدها ذكاؤها على التقدم والرقي دومًا، والغالبية يفضلنها.. فاشلة، قابعة في الظل.. ليظهر هو في الصورة، كما أنهم يقنعون أنفسهم بأن الذكاء يقلل من جمال المرأة!ومن الناحية النفسية يصف علماء الطب النفسي هؤلاء الرجال الرافضين المطلقين لزوجاتهم الناجحات، والأكثر علمًا أو ذكاءً ودخلاً منهم -كما يقول الدكتور «إسماعيل يوسف» أستاذ الطب النفسي بجامعة قناة السويس- بأنهم شخصيات مهزوزة، يريدونها زوجة أقل منهم في كل شيء.. حتى يستطيع الزوج أن يمارس عليها سطوته.. ومن ضعفها يستمد قوته، ويحقق سعادته.
كما أنهم يفتقدون الثقة بالنفس، وغيرتهم من النوع المرضي التي تسبب التوتر بالبيت، الذي ينعكس سلبًا على الأبناء والزوجة، فتُستنفد طاقاتها، وتظل في حيرة من أمرها بين البيت ومسئولياته، والعمل وأعبائه.
راتب الزوجة
يبدو أن الراتب الكبير للزوجة والذي يفوق دخل الزوج هو الترجمة الحقيقية للتميز والذكاء، بدليل أن نسبة 70 %من الرجال العرب لا يتقبلون فكرة أن راتب الزوجة أعلى من راتبهم؛ فمع هذه الزوجة لن يكون للرجل دور، وكل هذه الأفكار السلبية -كما تقول الدكتورة«سوسن السيد» أستاذة علم الاجتماع- ترجعها إلى عامل التنشئة الاجتماعية الذي يوجه الشخصية، ويصقلها، ويمكنها من النمو والاتزان والتكامل مع الذات، والتكيف مع المجتمع، ومن هنا كانت الصعوبة في التخلص من هذه الفوقية التي كانت -وما زالت- تُستخدم تجاه المرأة والفتاة.. فنجد الرجل يبحث عن الفتاة المتواضعة المسالمة والمربية الناجحة.. حتى لا تنقص من رجولته المتمثلة في السيطرة والهيمنة والحضور بشكل أقوى.
دراسة وسؤال
كل هذا الرفض، وهذه النسب من حالات الطلاق للمتعلمات الناجحات أصابت العلماء بدهشة دفعتهم للسؤال: هل أصبح الغباء صفة محببة ومرغوبة في المرأة؟ والإجابة طرحتها دراسة أجراها مؤخرًا مكتب شؤون الأسرة بفرنسا، والتي أفادت أن77 % من الرجال يفضلون المرأة محدودة الذكاء شريكة لهم، ويهربون من الذكية المتفوقة خوفًا من أن تصبح كمبيوترا منظمًا يرصد الأخطاء، ويحاسب على كل صغيرة وكبيرة، وينسون-كما تقول الدراسة- أن تركيز المرأة أو الفتاة وتميزها في دراستها وعملها، لا يبعدها عن صورة الأنثى الجميلة المتفهمة الواعية لمتطلبات زوجها وبيتها وحياتها.