الجمال في كل تجلياته

تحدثنا عن النوع البارد والنوع العملي والآخر الحزين، ويتبقى من صنوف الجمال الكثير، منه القاسي ومنه الشرير، منه البريء والمرح، وجمال الطبيعة في الكون وكوكب الأرض المعجزة. تنسدل الخصلة على نصف الوجه فينطرها الرمش للخلف، وتضحك العين للعين، وتخطر القدمان كالمهرة الطفلية المرحة. الجمال الذي يوقظ الرغبة في البكاء والانتحار، روعة شروق الشمس والغروب، اكتمال البدر وما يبعثه في الرأس من جنون. الجمال الذي تتوقف عند أعتابه غير مصدق، المهيب الممشوق الذي تتعانق فيه موسيقى النقوش وبهاء الأعمدة وشموخ التماثيل الجرانيتية الراسخة، التي تتدفق من جمودها العملاق روحانية عجيبة. الجمال الذي يخطر في القلب، عند الدراويش يدورون حوله كما تدور الإليكترونيات حول النواة، والكواكب حول الشمس، والوجود حول الله سبحانه جل جلاله. والجمال الذي يتخلق من موجات من أثير منظم، تلعب بالعقل وترعش القلب، النغم المجرد الذي يتكلم لغة لا يفهمها إلا القلب، يتلقى رسالتها دون أن يفض المظروف، يفهمها دون أن يعرف مفرداتها، حكايات الجدة، روايات نجيب محفوظ، أشعار نزار، الفنون التي تعكس كالمرايا صورة الإنسان، فنون السينما والرسم، تعجب حين ترى ما يشبه الإعجاز في نقل الوجه تماما كصورته في الحياة، ثم ينبهر المتبحر في تذوق الفن حين يتأمل لعب الرسام في الوجه البشري وإعادة تشكيله، في مكعبات بيكاسو وأحلام دالي، والسكين الذي يرسم به فان جوخ. الرقود بعد التعب، لحظة النعاس الفاصلة بين اليقظة والنوم، لذة ما رزقنا الله به من طعام وشراب ونعم، دفء الأسرة، الخشوع في الصلاة، الفرحة بلا سبب، الضحك الصافي بلا سخرية ولا تصنُّع، الشعور بالرضا بعد أداء الواجب وعند إتقان العمل وإطراء الناس له، وما يتدفق الآن في قلبي ومن قلبي لك من حب يا صديقي، يا عزيزتي، يا ابنتي يا أمي يا حبيبتي. خطاباتي تصل إليك بردانة فتردينها دافئة، خطواتي تتردد في الطريق إليك وتعود نشيطة مرحة، أصدقائي يحسدونني عليك فأستعيذ بالله منهم وأسأل الله أن يحفظنا من كل عين لامّة، ويحفظ هوانا من الشطط والهوى، يا من لخصتِ في ذاتك الجميلة كل جمال، يا منامي عند التعب، وراحتي ونعاسي بعد طول الكدح، وفراشتي الجميلة البديعة الألوان بين نور الشمس وظل البستان. لقد كبرتِ معي حلما، وتجليت لي معجزة بعدما بلغت الثلاثين، فبوركت من معجزة، وطوبى لقلبك الجميل. عبرت إليك ألوان الجمال: من المهرة المرحة للفرس العصية للوردة الشوكة للبنفسجة الحزينة لعروس الباربي للعين الماكرة، فاجتمع النقص كله في كمالك، والحسن كله في جمالك. وهأنا أسير إليك من عندك، وحدي معك، وأنا أغني كالحمام واليمام، فيجيبني البلبل بالصفير، وتشرق الشمس منك لتشرق فيك، ويتحد فيك الرسوخ بالرشاقة والدلال، والمهابة بالمرح، والرقة بالجلال، وأعرف أن عندك وحدك جمال الطمأنينة أيتها الروح الحارسة، الجمال الذي لا يحتاج للزينة، الزينة التي تنبع من الوجه إليه وفيه، التي تشرق في العينين فلا تعرف الغروب.حكاية الجدة عن ست الحسن والجمال.إذن.. إذن في أول الكلام وآخر الكلام وأحلى الكلام: أنت الجمال في كل تجلياته، الجمال في جوهره، اتزان النسب وانسجام العناصر، الغنى بالألوان وتفانيها في ضياء واحد. هاتوا البنات إذن وأوقفوهن مع حبيبتي أمام الناس، ولنرَ من ستلبس التاج، إن أنصف القضاة تكون الملكة، فكل واحدة من المتسابقات فيها شيء منها، انتسب إليها نقيا وقد صفا من شوائبه، وتضفر في منظومة موسيقية ناعمة شجية مرحة، فيها حزن ومرح ودلال وجلال وكمال وجمال. أراني أسرفت في وصف ما لا يوصف، فسامحيني يا سيدتي، لقد أخذتني جلالة الهوى، وما على العشاق من حرج.