هل ستبدئين بتأسيس استثمارك الآن؟!

 

 

يؤكد الدكتور معاذ الجبيلي أستاذ مشارك في علم الاقتصاد، «إنّ الأسواق مرت خلال الفترات الماضية بأوقات عصيبة وظروف لا يُستهان بها، وكان لابد على كل منْ هو فيها أن يتصرف، ويتأقلم بناء على المستجدات، وظروف الأسواق الحالية، وقد أدت هذه الظروف السيئة إلى تأجيل الكثير من الاستثمارات التي كان ينوي أصحابها البدء فيها قبل الإعلان عن بداية الأزمة، وتم تأجيلها بعد ذلك، ولا يزال الكثير منها قيد التأجيل حتى الآن، وهناك أكثر من فكرة، أو معاملة لم تُترجم على أرض الواقع»، وسؤالنا الموجه للدكتور الجبيلي هو: هل يبقى هذا التأجيل مستمرًّا خلال العام القادم حتى تتضح الصورة أكثر، أم أنّ الوقت أصبح الآن ملائمًا لبداية هذا الاستثمار؟

 

 

 

يقول الدكتور الجبيلي: إنه ليس بالضرورة أن يكون المشروع مصدرًا للتسلية وإضاعة للوقت، أو مصدرًا لدخل إضافي فقط، بل إنّ هناك الكثير من الحالات التي تستوجب على صاحبه أن يبدأ بتشغيل المشروع حتى في ظل الظروف السيئة، وعلى سبيل المثال:

-  أن يكون صاحب المشروع مرتبطًا مع جهات حكومية، أو دولية بتسليم مواد معينة خلال وقت محدد.

-  أن يكون حاصلاً على توكيل أو امتياز من شركة عالمية، أو دولية قام بتأسيس مشروعه بناء على التعامل معها، وتصريف بعض منتجاتها في الأسواق المحلية.

-  أن يكون هذا المشروع مصدر دخله الرئيسي، وليس مصدر دخل جانبيًا، أو إضافيًا، وبالتالي فالواجب عليه العمل لتأمين مصاريفه ومتطلباته هو وأسرته.

-  أن يكون قد استثمر بجزء كبير من أمواله أو بماله كله، وجمّد تشغيل المشروع، عندها سيكون المال في عداد الأموال المجمدة أيضًا، والتي لا يستطيع الاستفادة منها.

كل ما سبق من الأسباب التي قد تُجبر صاحبها على العمل رغم الظروف المالية العالمية غير المواتية، فكيف يكون الحال إذا اضطررتِ أنتِ سيدتي إلى الإعلان عن بدء استثمارك في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية، أو الظروف السوقية غير المشجعة؟ وهل ستعملين بصورة طبيعية وتكونين في هذه الحالة قد أديتِ ما عليكِ، أم أنّ هناك أسلوبًا محددًا، ونظامًا دقيقًا لابد من اتباعه حتى لا تسقطي كما سقط الكثيرون ضحية للظروف السيئة؟

 

مقاييس النجاح.. في هذه الظروف مختلفة

إذا كنتِ أحد الذين اضطروا للعمل وتأسيس الاستثمار وتشغيله في ظروف غير مناسبة، كالتي تعيشها أغلب دول العالم اليوم، فمن الواجب عليكِ أن تدركي أنّ مقاييس النجاح تختلف بشكل كامل عما هي عليه في الظروف العادية، ففي الظروف المناسبة تتلخص مقاييس ومعايير النجاح في مدى نجاح الاستثمار، ومدى درِّه للأرباح، واستمراره في ظل ظروف كالتي نعيشها اليوم، فإنّ هذه المعايير ربما تنخفض وبشكل كبير لتصل إلى مرحلة استمرار الاستثمار، وتسديده فقط لالتزاماته، وربما لجزء من التزاماتك أنتِ، ففي حال كنت من هؤلاء ولم تشعري بنمو استثماركِ، وتطوره، ودرِّه للأرباح، فأنتِ أيضًا تعتبرين ناجحة، ويعتبر استثماركِ من الاستثمارات القوية والمقاومة للظروف السيئة.

 

العمل يكون ضمن ضوابط ويحكمه كثير من التحفظات

لو اضطررتِ للعمل خلال الأزمة المالية فلابد أن تعي أنّ العمل يجب أن يكون بتحفظ شديد، وأنّ التوسع في قاعدة العملاء غير مطلوب بالشكل الرئيسي بل المطلوب هو الانتقاء لنوعية العملاء التي تستطيعين العمل والاستمرار معها دون أن تعرضكِ لضغوط أنت في غنى عنها، ولستِ مستعدة للتعامل معها، وبالتالي فالتركيز لابد أن يكون على النوعية وليس على الكم فيما يخص عدد العملاء الذين تتعاملين معهم.

 

تجنب كل ما هو جديد أو غير مضمون

حاولي إن كنتِ تعملين في هذه الظروف أن تبتعدي قدر المستطاع عن أي مراهنة غير مضمونة، والمراهنة المعقولة مطلوبة دومًا ولكن في الظروف الطبيعية، أما في الظروف غير الطبيعية فمن الأفضل الابتعاد عنها، وعدم المخاطرة بها حتى مع وجود احتمال كبير لنجاحها، كأن تقومي مثلاً بإنتاج منتج جديد، أو أن تقومي بغزو أسواق جديدة بمنتجات لم تعتادي عليها، كل هذه الأنواع من المراهنات يفضل الابتعاد عنها وعدم اللجوء إليها إلا في الحالات الضرورية جدًّا بحيث لا يبقى عندكِ مفر من هذا اللجوء.

 

الخطة الأولية والهدف أساس الالتزام

 كما أنه من المهم جدًّا سواء خلال الأزمة المالية، أو بدونها أن تعملي ضمن خطة للعمل، وأن تلتزمي بهذه الخطة قدر المستطاع فهي التي من خلالها تعملين على وضع الطريق والأسلوب الذي ترغبين بانتهاجه، كما أنّ الهدف المرحلي لابد أن يكون واضحًا، وألا يتجاوز حدود المنطق المبنية على الظروف المحيطة، وبالتالي فإنّ الهدف شأنه شأن أي شيء آخر لابد أن يكون متواضعًا ومختلفًا عن هدفك في الظروف الطبيعية.