يعاني الطفل ذو الإحساس المرهف، إذا لم يتمكّن والداه من فهم طبيعته النفسية وتركيبته الشخصية المختلفة عن أترابه، من مشكلات نفسية جمّة. ويشكّل الأطفال الذين يولدون بإحساس مرهف نسبة تتراوح بين %15 و20% من إجمالي عدد الأطفال، وتشمل أبرز الأسباب التي تعمّق شعوره بالحساسية المفرطة: ضعف الثقة بالنفس والشعور بالنقص وعدم تقديره أو الثناء على إنجازاته من قبل الأسرة.
الاختصاصية في علم النفس منى نور الدين توضح لقارئات" سيدتي "صفات الطفل المرهف، وأبرز الخطوط الواجب مراعاتها في تربيته:
يختلف الطفل المولود بحساسية نفسية مفرطة عن
أترابه في شدّة التأثر وحدّة الانفعال تجاه المواقف المختلفة، ما قد يجعله يبدو مبالغاً في انفعالاته في بعض الأحيان! ويعود السبب إلى
أنّ دماغه يتعامل مع المؤثّرات المختلفة بطريقة أكثر عمقاً، فنجده ينزعج من أي أمر يخالف ما اعتاد عليه لأنه لا يتكيّف مع المستجدّات بسهولة. وهو
يتأثّر بالألم أكثر من غيره، وقد يعاني من الحساسية المرضية، إذ أنّ جسمه شديد التأثّر بالمتغيّرات وتحدث له ردود فعل مرضية. ولكنّ الإحساس المرهف ليس
عيباً يمكن إنهاؤه عنه بل هبة منحت للطفل وسوف تصاحبه طوال عمره، وإذا حظي باهتمام كافٍ من أبويه وتعاملا معه وفقاً لقدراته الخاصة والمميّزة، فإنه يمكن أن يغدو مبدعاً.
صفات خاصّة
تسمح بعض ردود أفعال الطفل وتصرّفاته بالاستدلال على حسّه المرهف، وفق التالي:
ينتابه الخوف بسهولة، وقد تخيفه أشياء قد تبدو عادية في نظر أترابه.
يلاحظ أدنى التفاصيل ويكتشف أي تغيّر ولو بسيط في مظهر أو ملامح المحيطين به.
يتمتّع بحسّ فكاهي وعفوية طريفة.
يستيقظ من نومه مع النداء الأوّل، وقد يستيقظ مرّات عدّة أثناء الليل.
ينشئ لنفسه عالماً خاصاً ويفضّل اللعب بمفرده بألعابه الخاصة.
لا يثرثر، ولكنّه يسأل أسئلة عميقة قد تصعب الإجابة عنها.
يدقّق في ملابسه ويتذمّر منها إن كانت غير نظيفة أو غير مريحة له.
يزعجه بشدّة الصوت المرتفع والضوء القوي ويلاحظ الروائح الغريبة.
يعاني صعوبةً في النوم خارج المنزل.
يجعل الأولوية لحاجات الآخرين على حاجاته بشكل لاإرادي.
يتأثّر ويبكي بسرعة عندما تجرح مشاعره أو يشعر بالظلم.
يتأثّر بأحوال الآخرين في الحزن والفرح.
قد تنتابه نوبات غضب عنيفة.
يثير حيرة الأهل، خصوصاً في المواقف التي يتوقعّون منه أن يتصرّف حيالها بشكل مناسب، ولكنه قد يبدي خوفاً أو قلقاً أو خجلاً أو غضباً غير مبرّر.
تصعب السيطرة عليه في حالات الفرح أو الحزن، حيث يعبّر عنها بانفعالات مفرطة.
نصائح مفيدة
وتنصح الاختصاصية نور الدين الأهل بالتعامل مع الطفل بحرص شديد، إذ تؤكّد الدراسات أنّ الأطفال ذوي الشعور والإحساس المرهف يحتاجون احتراماً وتقديراً أكثر من أترابهم، ولا يحتملون توجيه أيّة كلمة تنمّ عن اللوم والتوبيخ لهم، إذ قد ينتج عن هذه الأخيرة إصابتهم بالتوترات العصبية والضغوط النفسية.
ويجدر بالوالدين معرفة المشكلات التي تواجه هذا الطفل واقتطاع وقت كافٍ من مشاغلهما اليوميّة للجلوس معه ومناقشته للتوصّل إلى حلّ لها، فهو في أشدّ الحاجة إلى من يستمع إليه.
ويجدر تهيئة الطفل الحسّاس نفسياً بشكل جيد عند إقباله على اختبار تجربة جديدة، وخصوصاً قبل دخول المدرسة لأنه سوف يتعرّض لمواقف كثيرة قد يجد صعوبة في تقبّلها. وهناك بعض الإرشادات التي يمكن الاستعانة بها لتحقيق التعامل الأفضل مع هذا الطفل، أبرزها:
تعزيز ثقته بنفسه بالطرق المختلفة، ومدح إنجازاته والمجهود الذي يبذله والأعمال التي يقوم بها.
عندما يفقد سيطرته على نفسه ويغضب على ما يبدو تافهاً بالنسبة إليك، دعيه يعبّر عن مشاعره بدون أن تغضبي أو تثوري عليه. وبعد أن يهدأ، تحدّثي بعقلانيّة معه عن سبب غضبه.
الحفاظ على راحته قدر الإمكان وإبعاده عن مسبّبات التوتر، وتلافي مجادلته حول ملابس لا يجد راحته فيها.
تلافياً لإصابة طفلك المرهف الحس بصدمة، تنبّهي إلى تعاملك مع الآخرين وسيطري على انفعالاتك في وجوده، فلا تتشاجري مع أحد أو تقومي بمعاقبة إخوته أمامه.
عندما يعبّر طفلكِ عن انفعالات سعيدة مبالغ فيها، تجاوبي معه ولا تحدّي من حماسته أو فرحته، لكن تجنّبي التفاعل المفرط معه وتحدّثي معه في وقت آخر عن عدم إعطاء الأمور أكثر ممّا تستحق.
عبارات التنبيه والتحذير قد تكون كافية لتعديل أخطاء الطفل مفرط الحساسية. وفي هذا الإطار، يجدر البعد عن العقاب بالعنف أو التوبيخ لأنّ ذلك يسبّب له ألماً نفسياً عميقاً.
عندما يطرح موضوع حساسيته، تحدّثي بإعجاب عنها وامدحي مواهبه وقدرته على التفكير العميق بالأشياء، ولا تشعريه أبداً بأنه منقوص أو مختلف عن أترابه.
اعلمي أنّ طفلك يبحث عن التقدير من خلال مساعدة الأشخاص المحيطين به. لذا، دعيه يحصل على كلمات الثناء والمديح منك أمام الآخرين.
يجب أن تبعدي طفلك قدر الإمكان عن الأشياء التي يمكن أن تؤثّر في نفسيته (المشكلات والنزاعات العائلية وأخبار الوفاة أو المرض).