نوال الزغبي في جديدها.. تبحث في قديم إليسا ونانسي ..
"معرفش ليه" اسم الإنتاج الذي طرحته الفنانة نوال الزغبي في الأسواق الراكدة هذه الأيام، بعد هروب الجمهور إلى الشاشات الإخبارية لمتابعة الأحداث المتسارعة التي قد تؤثّر لا محالة على مفاصل الحياة، وعلى المشهد الفني بشكل خاص، كون الفنانون احتلّوا الشاشة لفترة طويلة، فحضورهم وتداخلهم باتا محسوبين وحسّاسين، كما حصل مع نجمي الأغنية المصرية عمرو دياب وتامر حسني، حيث خرجت دعوات لمقاطعتهما.
في عودتنا إلى شريط نوال الزغبي، نلاحظ محاولتها «مغازلة» الجمهور الذي بات بعيداً عن متابعة إنتاجاتها كما كان في أعوام مضت. ففي أغنيتها الأولى، تبدو كلماتها مترجمة من أغاني إليسا الأخيرة التي لاقت نجاحاً ملحوظاً، وذلك من خلال التوزيعات الموسيقية الحديثة، ومن خلال اللهجة المصرية باللكنة اللبنانية، كما في أغنية إليسا «بأواخر الشتا» وغيرها من الأغاني. وعلَّ ما يميّز هذه المقدّمة في الشريط الغنائي استخدامها لصوت كهربائي يحثّ على «شبشبة» الأغنية لتبدو أكثر عصرية. وهذا ينطبق على أغنية «بالدقيقة والثواني».
تأتي أغنية «لو كان» إشارة إلى تجارب سابقة، خليط «فلامينكو» يقارب أسلوب توزيعات الموسيقى التي اعتمدها سابقاً عمرو دياب. ويلاحظ أن هناك إصراراً على «إظهار» الإحساس المفتعل، في طريقة المغنى الذي لم تعتده نجمة التسعينيات في عزّ انطلاقتها التي قدّمتها كمطربة جميلة، خفيفة الظل، استطاعت أن تجذب متعهّدي الحفلات لاعتمادها الأغنية الراقصة التي أحبّها الجمهور هرباً من الضغوطات الحياتية.
أغنية «ألف وميّة» على الطريقة اللبنانية التي تعتمد الإيقاع والكلمات المركّبة بإطار «الأفشات» وهي نوعية كلام يستخدم في المقاهي أو الشوارع «كيف الك جلادي ومروة تا تحاكيهم.. كيف ما بتغلط بأساميهم»، الأغنية موجّهة للشاب «الجكل» الذي يتباهى بعدد النساء اللواتي وقعن في غرامه.
"حقولك إيه والا إيه" تعتمد أسلوب الهاوس الموسيقي على اعتبار أن هذه الأغاني هي الأقرب إلى الجيل الجديد، لتأتي قريبة من أسلوب هيفاء وهبي في جديدها «ياما ليالي». وهنا، يستغرب المستمع أن تقوم مطربة مخضرمة كنوال الزغبي باللجوء إلى أساليب غنائية تؤدّيها «استعراضيات» كهيفاء اعتمدن على الإيقاع لتسير أمورهن الصوتية المحدودة وغير القابلة للتطوّر.
أغنية «ليش إنت رافض نكون أحباب» باللهجة الخليجية لا تستحقّ المناقشة، فبرغم المحاولة الموسيقية التي تبدو جديدة من ناحية التوزيع، إلا أن اللهجة أو اللكنة أسقطت اللحن وأفرغته من محتواه، فلو أدّت الأغنية أي من المطربات اللواتي احترفن الغناء الخليجي، كأصالة أو أنغام أو يارا، لكانت الأغنية في مكان أفضل بالتأكيد .
كان بودّي أن تستوقفني أغنية واحدة من هذا الشريط الغنائي، لكن ما إن تبدأ إحداها حتى أنسبها ومن دون أي تردّد إلى تجربة فنان آخر، رغم محاولة هادي شرارة أن يبرز إحساساً ما وبالقدر المتاح. فأغنية «يوم الي مشي» تقليد للأغاني الناجحة لوائل كفوري ولطريقة أمل حجازي في الغناء، حيث غاب أي بريق لصوت نوال، على الأقل كما كان في فترة مضت.
"عندك" مقدّمة الأغنية توحي أنك ستستمع إلى صوت نانسي عجرم، من ناحية الإيقاع وخفّة الكلام الذي اعتادت نانسي أن تجذب إليها من خلاله جيلاً معيّناً من المستمعين.
قد يبدو تعليقي على هذا الإنتاج قاسياً إلى حدّ ما، لكن هذه مشكلة المطربين الذين يقعون في فترة من الركود، فيتّجهون نحو تجارب للآخرين لاعتقادهم أن هذا يساعدهم في العودة إلى السوق، متناسين أن شروط السوق أحياناً كثيرة تبحث عن الجديد، ليس بالضرورة أن يكون أفضل، فقط جديد، لأنه متشابه، إنما بأشكال مختلفة طالما الإمكانيات الصوتية محدودة، وغير قادرة على «التطريب». وهذا يحتاج لصوت متمكّن يستطيع أن ينافس وهو في السنوات العجاف.
برافو مايا دياب .. غير مقبول غريس ديب!
تعود برامج المنوّعات إلى الشاشات اللبنانية بأشكال مختلفة، لتبقى الأفضل من الناحية التقنية، ومن ناحية الشكل العام لحركة وإيقاع البرنامج أياً كان، باستثناء برامج (التنكيت) التي وصلت حدّ الابتذال بل وتخطّته، وباتت في عداد (الغلاظة) أي ثقل الدم، وتتسبّب أحياناً في رفع الضغط، وهروب البسمة وإثارة الشفقة واللعنة، وما ترونه مناسباً من أوصاف لهذه البرامج «المستهلكة».
أعود للمنوّعات التي تعتمد في غالبيّتها على الموسيقى، كعنصر أساس ينطلق منها المعدّون والمقدّمون، ولا بدّ من التوقّف عند برنامج «هيك منغني» على قناة الـMTV اللبنانية الذي تقدّمه الفنانة مايا دياب إحدى «القطط الأربعة» بعد انشقاقها عن فريق «الفوركاتس» وانطلاقها منفردة كمطربة وممثلة، وحالياً مقدّمة برنامج. ولعلّ انتقالها للتقديم كان قراراً صائباً... فلحضورها سحر قد يأسر المشاهدين الباحثين عن الخفّة والجمال، وهذا ما يميّز شاشة الـMTV عن غيرها.
وفي حال تخطّينا العادات والتقاليد التي ننتمي إليها في بلادنا العزيزة يمكن أن تقدّر مايا أكثر كونها عائدة من تركيا منذ فترة وجيزة، ومعها جثمان المخرج يحيى سعادة الذي سقط أثناء تحضيره «فيديو كليب» خاصاً بمايا... فالجميع يتساءل عن قدرة تخطّي مايا لهذا الحادث وبهذه السرعة، وانتقالها إلى برنامج يعتمد على تصدير البهجة. علّها تنتمي إلى المؤمنين بأن الحي أبقى من الميت!
تابعت البرنامج في حلقتيه الأولى والثالثة، استوقفني حضور غريس ديب المطربة اللبنانية صاحبة الصوت المميّز والقادرة على التعامل مع «أحاسيس» مختلفة أثناء أدائها لأغانٍ في لغات مختلفة. وهذا ما ميّز إطلالتها الأولى.
احتلّت غريس المساحة الأكبر من البرنامج وذلك كان تلقائياً، فلا داعي لسماع الآخرين في حال توفّر الصوت الذي لم يقدّم لنا بعد كل ما في ثناياه.
هناك سؤال يتبادر إلى ذهني وذهن الآخرين وهو: «لماذا تهمّش غريس ديب وهي موهبة متفرّدة لا تتوفّر في أشهر المغنيات اللبنانيات؟ لماذا تفسح قنوات مختصّة بدعم وتسويق الفنانات والفنانين المجال لمن هم أقل موهبة من غريس بمسافات ليست قابلة للقياس؟
هل نحمّل غريس مسؤولية عدم قدرتها على التواصل؟ وهل هي من تأخّر في تقديم جديد يرفع مستوى المنافسة؟ فبرغم انضمامها إلى «روتانا» في فترة (العز) «الروتاني»، ولكن يبدو أن غريس ديب صوت جميل لمطربة (كسولة) وهذا غير مقبول...
معين شريف.. "بعدك متل ما إنت"
هكذا هو معين شريف، مقلٌّ في إنتاجه، إلا أنه يترك لنا أغنية بين تشرين وتشرين على اعتبار أنه موسمي، فهو «بعلبكي» وقريب من سهل البقاع، علّ هذا ما جعله مراقباً لموسمي الزرع والحصاد.
بعد أغنيته «شو بيشبهك تشرين» التي لاقت نجاحاً باهراً، زادت من حضوره الإعلاني، يعود معين شريف اليوم بلحن مميّز في أغنية «بعدك متل ما إنت» من كلمات الياس ناصر وألحان نقولا سعادة الذي يفرج كل فترة عن جملة موسيقية جذّابة إلى حدّ كبير، كتلك الجملة الموسيقية التي تعزفها الكمنجات في وسط الأغنية بإحساس مصري تركي، مرتكزة على ضربات الرق الشرقية لفسح المجال أمام المستمع أن يشارك المطرب إحساسه بترداد كلمات الأغنية التي أرشّحها للمراتب الأولى.