كان السؤال عن الشُهرة، وكيف تؤثّر في النفس والسلوك؟
>>>
واكتشفتُ أنّي لم يسبقْ لي أن وقفت أمام هذا الموضوع، أو ناقشتُه من قبل. وأعتبرُه خارجاً عن الذات؛ فالناس يبنون حول الآخر قصوراً، وتكون في معظم الأحيان، من أوهام.
>>>
لكن السيّدة التي تُحاورني جادّةٌ في سؤالها: وكيف تتعاملين مع الشهرة؟...
قادني السؤال إلى امتحان الذات والموقف: وكيف أنظر إلى تلك الصفة؟
>>>
بالطبع، ليست الشُهرة حالةً إيجابية في كثير من الأوقات. وهناك من «يكسر مزرابَ العين» ليَحظى بالشهرة. أي أنه يفتعل الأذى ليتحدّث عنه الناس. كما أن كثيرين يشتهرون بسبب أعمال سلبية، ومنها اقترافُ الجرائم والعدوان. وهذا هو الوجهُ السلبي للشهرة.
>>>
لكن الناس يسعون لبلوغ الشهرة، ويطمحون إلى اعتراف الآخر بهم، وبما يُحققون من إنجازات. ونلاحظ ان ذلك السعي قد تضاعف في عصرنا مع توفّر وسائل نقلها والإعلان عنها، خصوصاً من خلال وسائل الإعلام في شتّى وجوهه، ممّا يجعلُ الناس يلهثون في سباقٍ متواصل من أجل تحقيقها.
>>>
وهل أن الشهرة تُشكِّلُ حافزاً نحو التقدّم أم عائقاً؟
وهو السؤالُ التالي الذي تطرحه عليّ محاورتي بإلحاح، ممّا يجعلني أفكّرُ جدّياً بالموضوع. وكيف أن هناك من يتخلّون عن قِيَمِ كثيرة في سبيل نوالها. كما أن هناك فئة من المشاهير، حققت الشهرةَ من دون أن تدع ذلك يمسّ جوهر كيانها، أو يُبدّل توجُّهَ سلوكها.
>>>
وما دمنا بصدد هذا الموضوع، فلا بدّ من الملاحظة بأن عصرنا الحاضر هو الذي ضاعف التركيز على الشهرة بمضاعفة وسائل النقل والانتشار. أي بجعل الإعلام واسطةً لتوسيع دائرة الكيان والعلاقة، ثم تحويل ذلك كله إلى مصبِّ الكسب التجاري.
>>>
وهنا، لا بدّ من وقفة أمام ما تُخلِّفه الشهرة من تأثير في النفوس والسلوك، حتى أن الحكم على الشخص وسلوكه بات يصدر من خلال تلك الدائرة، اتساعها أو ضيقها.
>>>
وهل تضايقك الشهرة؟
تعودُ محاورتي فتطرح أسئلة جديدة تدفعني إلى امتحان الذات والفكر.
ولا أعلم بماذا أُجيبُها؛ فإذا اعتبرنا أن الإنسان قد بلغ مكانةً رفيعة في عمله أو في مجتمعه، فذلك يُحتِّم عليه أن ينالَ حظّاً من الشهرة حتى ولو لم يكن سعيُه إليها مباشراً.
>>>
ولكن، هل يُضايقكِ أن تكوني قد نلتِ شهرة بسبب عملك حتى بات الناس يشيرون إليك بالبنان؟
إن الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، وتتطلّب فحص الضمير، الصراحة، وعدم المواربة.
إن أكثر الناس يُسعدهم بلوغُ الشهرة، واعترافُ الآخرَ بهم وبما حقّقوه من أعمال. ومَن لا يُقرُّ بذلك يكون مكابراً أو موارباً ويخشى الاعتراف بالحقيقة.
>>>
هناك وسائل لبلوغ الشهرة السريعة، ومنها السينما والتلفزيون. وتكون الشهرة مُستَحَقّة في بعض الأوقات: إنما يحدث أيضاً، أن تكونَ تلك الأداةُ سبباً لبلوغ المرء شهرة سريعة، وليس بسبب جهد أو موهبة.
>>>
في بعض الأوقات، وبعدما يبلغ المرء شهرةً لم يسعِ إليها، يُصاب بصدمة الأضواء. فيطلب العزلة ويتوارى.
وقد عرفتُ أشخاصاً من هذا النوع، وكأنما تسليطُ الضوء عليهم، يُصيبهم بالانبهار، فيخلدون إلى العزلة، وأحياناً يتحوّلون إلى ما يشبه الأسطورة، ويكون في ذلك، بحثٌ، وإن مختلف، عن بلوغ الشهرة.
>>>
في نهاية الحوار وجدتُني أُضيف قائلة:
يا سيدتي، تبقى الشهرةُ طنيناً في الفراغ، ما لم يدعمها عملٌ جدّي وذو قيمة إنسانية.