ما المفطرات؟ ما مفسدات الصوم؟ هل السباحة وحيدة في البحر - ولا أحد على الشاطئ- في الصبح المبكر يفطر؟
تقولين: ومن المجنون الذي يترك النوم اللذيذ في رمضان من أجل السباحة في بحر ليس له أمان؟ خاصة وأني -كما قلت أنت- وحيدة تمامًا وليس حولي إنسان؟
وأرد على تساؤلك الحكيم هذا بأني لا أعرض عليك الفكرة، أنما أستعرضها على سبيل. توافقين؟
ستهزين رأسك عدة مرات من فوق إلى تحت علامة الموافقة. إذن اسمحي لي أن أضيف: هل تأمّل السماء وشمّ الورد واستنشاق الأكسجين -الذي لا تجدينه في أي مكان- من مبطلات الصوم؟
ستقولين بالبديهة طبعًا لا، وستستغربين من أسئلتي، قلت لك يا عزيزتي إنها مجرد «دردشة» كما يقولون في مصر، أو «طق حنك» كما يقولون في لبنان. وأعتذر عن باقي المصطلحات العامية في كل البلاد العربية جهلاً مني بأمتي، فربما من الأنسب والحال هذه أن نستخدم المفردات الفصحى، فنقول: أذكرك يا قارئتي العزيزة أننا اتفقنا منذ البداية على أن هذه المقالة هي من قبيل الثرثرة البريئة، التي لا تضر أحدًا؛ لإزجاء الوقت. إذا كنت قد غيرت رأيك تستطيعين أن تنسحبي وتوقفي اللعب... ها؟ ماذا قررت؟
عظيم. تومئين برأسك عدة مرات من أعلى لأسفل علامة الموافقة. وتضيفين بابتسامة حلوة: أنا مستمرة في اللعب
إذن، هل يبطل صومي أن أكتب قصيدة شعرية أتتبع فيها حالات الجمال من أصغر زهرة إلى لحظة عناق الشمس والبحر عند الغروب؟
تقولين هذا لا يفطر، ما دمت قد ابتعدت عن الجمال الأنثوي. كلامك معقول
فلننتقل إذن إلى سؤال آخر: هل حديثنا هذا يفطر؟ ستقولين بالتأكيد لا، إذا لم تشطح في التساؤل أكثر من هذا
وأنا سأعمل بهذه الحكمة. سأتوقف عن التساؤل، وأفتح لكِ المجال. تفضلي
المفطرات الحقيقية يا صديقي -والتي تجنبت الكلام عنها لا أدري لماذا- هي أن تفسد في الأرض وتقسو على الناس وتضطهدهم، وتحرمهم مما يسد الرمق في شهر الصوم. فلا تحاول معي أن تفلق الشعرة وتقدم السفسطة -ولتسامحني- على أنها تسالٍ
يا سيدتي العزيزة، تذكري أن إهانة الناس من المفطرات
لست أهينك يا سيدي. لكني أسألك: ما وجه الحكمة في تحويل البديهيات إلى قضايا؟
- لعلك أخذت مسألة «إفساد الصوم» بالمعنى المباشر. إنما أنا أتحدث عن بعض الناس -في غير رمضان الذين يغالون في أحكامهم إلى درجة تشعرين معها بأن كل جميل حرام. فإذا كنت قد استخدمت «يفطر» أو «يبطل الصيام» فإنه استخدام مجازي لا حرفي. ولا أقصد به الصوم الرمضاني أو الصوم عمومًا
ولماذا كل هذا اللف والدوران يا سيدي؟
- ذلك أني أردت أن ألبس موضوعي ثوبًا رمضانيًا؛ احتفاء بهذا الشهر الجميل الذي يحبه كل مسلم
الآن فهمت. لكنك حيّرتني
اعتبريها فزورة. أليست الفوازير تسلية مشروعة ومحبوبة في رمضان؟
- أنت أكبر فزورة يا كاتبي.. في رمضان وغير رمضان.. أحيانًا تكتب مقالة. وأحيانًا أخرى تنقلب المقالة فجأة إلى حوار درامي. والعجيب أنك تشركني أنا نفسي فيه! وأحيانا أبدأ قراءة مقالتك فإذا بك تحكي لي حدوتة. من أنت بالضبط؟ وما أنت؟
لن أجيبكِ، وإلا لتوقفتِ عن قراءة هذا الباب، ولتوقفتُ أنا عن كتابته. إن وضوح كل شيء في الكتابة يقتلها وربما يقتلها في مهدها.. من أول جملة. لابد -لي على الأقل- أن يكون في الأمر شيء غامض أستكشفه.. أو نستكشفه معًا أنا وأنتِ.. هل تومئين برأسك مرة أخرى علامة الإيجاب؟ هل توافقين؟ أأنت مستمرة في اللعب