هي والشيطان

هي والشيطان


سيدتي أنا فتاة سودانية متعلمة وموظفة، شاءت ظروف انفصال أبوي أن أتلقى أسوأ معاملة من زوجة أبي، حيث إنني قررت اللحاق بأمي، وسارت الأمور على خير حال، وحصلت على عمل جيد، وبعدها التقيت بشاب خلوق بعلم أمي، واتفقنا على الزواج، ولما كان يعلم بظروفي أصبح يهتم بشؤون حياتي اليومية في غير وجود أب أو أخ، فكان يساعدني إذا تعطلت السيارة مثلاً، أو إن احتجت الذهاب إلى السوق، ثم تعرض لظروف أدت إلى فقدان وظيفته. وبحث عن عمل آخر بلا طائل، ولذلك اضطر للسفر للبحث عن عمل مؤقت، وقال إنه لن يغيب أكثر من أسابيع، ورغم أنه لم يكن عرفني على أصدقائه فقد اختار صديقًا مقربًا، وطلب منه أن يعنى بأموري عند الضرورة، كما كان هو يعنى بها، وفي أحد الأيام أصاب السيارة عطل فاتصلت بصديقه، وجاء لمساعدتي.

أعترف أن الشيطان لعب برأسي؛ لأنني اتصلت بذلك الصديق بدون داع، إلا أنني أوهمت نفسي بأنني أتصل؛ لكي أسأل عن خطيبي الغائب. حدثني بحرية عن صديقه، ولدهشتي أخبرني أن خطيبي تعرف على أخرى على الإنترنت، وأنه طلبها للزواج، وأنه سافر للحصول على المال اللازم لإتمام الزواج. فانقلبت حياتي رأسًا على عقب، وبعد أن عاد خطيبي من السفر حدثني في أمر التعاون المادي بعد الزواج، فغضبت، وواجهته بما قال صديقه، ولما قرر أن يواجه ذلك الصديق برأ الصديق نفسه بأنني كنت أتصل به بلا سبب، وأنني كنت على استعداد للتمادي في العلاقة إلى أبعد مدى، وكانت النتيجة أن خطيبي أجل البت في أمر زواجنا وتغير كثيرًا. لقد قطع الصلة بذلك الصديق، ولكنه لا ينفك يفتح الموضوع ويعاتبني بقسوة، أتمنى أن أجد نصيحة تساعدني على إصلاح ما فسد بيننا.

الحزينة هيام

 

عزيزتي الإصلاح يبدأ باعترافك بالمسؤولية، لقد عاملك الخاطب بما يرضي الله والناس، ونفّذ كل ما وعدك به، وما إن غاب عن حياتك حتى تصرفت برعونة، قلت إن الشيطان لعب برأسك ولكن الشيطان ليس وليك، وإنما عقلك وأخلاقك مسؤولان عن تصرفاتك. بدلاً من إلقاء اللوم على الشيطان اعترفي بأن الفراغ دفعك إلى التردي في الخطأ، احمدي الله أن الخاطب لم يفسخ الخطبة نهائيًا بل أجّل موضوع الزواج. إذ كيف لأي رجل أن يأتمن زوجة على بيته إذا غاب إذا شعر بأنها تنتهز أول فرصة للعبث؟ الحياة امتحان... أحيانًا ننجح وأحيانًا نرسب، ولكل رسوب نجاح يعقبه لو توفرت العزيمة والنية الصادقة، اعترفي بأنك أخطأت وابذلي وعدًا بإصلاح نفسك، واصبري إلى أن يندمل جرحه، لا تلحّي عليه في إتمام الزواج إلى أن يسترد إحساسه بالأمان والثقة. تأكدي أن الله يجزي من أحسن عملاً...

 

 

الزوجة الثانية

 

 

 

سيدتي كنت مطلقة في الرابعة والعشرين حين تقدم زوجي الحالي لخطبتي قبل أربع سنوات. كان متزوجًا، وعنده 3 أطفال، الآن اثنان منهم بالثانوي والصغير بالابتدائي.

اشترطت عِلْم زوجته وأهله، فوافق، لكنه قال إنه سيعلن زواجنا بعد الرجوع من شهر العسل؛ «عشان ما نتنكد» بالمشاكل بشهر العسل، فصدقته ووافقت.

تزوجنا وسافرنا ورجعنا... وكلما طالبته بأن يخبرها قال إن الوضع في بيته مضطرب، فذكرته بوعده لي وقلت له إن الكتمان حرام وظلم، فقال إنه ما توقع أن يكون الوضع معقدًا إلى تلك الدرجة، خاصة وأن الزوجة الأولى هي أم أولاده، ولا يريد أن يصدمها فيخسر أولاده منها.

وفي تلك الظروف لم يكن يقسم الأيام بيني وبينها، فلم يكن لي يوم كامل أو ليلة كاملة. كان يكتفي بزيارتي عدة ساعات كلما أمكنه.

بعد سنة حملت، وأنجبت ولدًا والحمد لله، ولم تكن عند زوجي نية إخبار زوجته، ولكن تدخلت الظروف يومًا حين خرجنا معًا ومعنا الطفل، ورأتنا زوجته وعرفت كل شيء، ولم تترك شيئًا إلا فعلته من مشاكل وتعب نفسي وخلافه، حتى إنها حاولت الانتحار.

 وبدأ يقسم الأيام بيننا وزوجته مازالت تخلق المشاكل، رغم مضي سنتين، وترفض أن ترضى بالواقع؛ لكي تريحه وتريح أولادها الذين تعبت نفسياتهم من المشاكل، ولا تنفك تطلب الطلاق ولكن زوجي يرفض؛ حتى لا يتشرد أولاده، خاصة أنه يحبهم كثيرًا، وأصبح كل همه أن يطلب رضاها من أجل أولاده.

هذه الأوضاع تؤثر عليَّ كثيرًا؛ لأنه يهضم حقوقي لإرضاء زوجته وعياله أحيانًا يأخذ من أيامي «عشانهم».

وفي يومي يتأخر عندهم، وإذا جاء أعاتبه بأدب وأمشِّي الوضع ولا أزعل؛ عشان ما أزيد همه وأنا من داخلي أموت من القهر، بس أرحمه وأقول أتحمل يمكن يحس ويتغير.

أما في يومهم فهو عندهم من الصباح غير الاتصالات، كنا متفقين أنه إذا ذهب إلى بيته الآخر لا أتصل به إلا بالرسائل إذا كان ضروريًا.

ومع ذلك أجد أن أولاده يتصلون به عندي، ويرد عليهم، ولا أقول له شيئًا، ولكن إذا هي أرسلت له رسالة يرد عليها، وأسمعه يتغزل بها أمامي ولا يحترم وجودي ولا يقدر غيرتي. ولكن الأمر يختلف حين يكون عندها لو اتصلت لأمر ضروري، لا يرد عليّ، وحتى الرسائل، مهما أرسلتها لا يرد، وإن رد رد بجفاء، وكأنه خائف أن تقرأ كلامه معي وتفتعل مشكلة كعادتها، وأحيانًا تتهجم عليّ بالرسائل، وإن رددت عليها غضب مني وقال: إنها مجروحة ومحتاجة تفضفض عن نفسها، ويطلب مني أن أوفر عليه المشاكل؛ لأنه يعيش معها جحيمًا، ويسايرها من أجل الأولاد.

وإن عاتبته؛ لأنه يتغزل فيها ويدلعها ولا يفعل معي الشيء نفسه قال: أنا تعبان والكلام ببلاش، آخذها على قد عقلها حتى تهدأ!!

ذات مرة أقام عندهم خمسة أيام لم يطمئن علينا خلالها ، علمًا بأننا في مدينة واحدة، والبيت قريب من البيت، كما أنه إذا كان عندي يذهب للاطمئنان على أولاده كل يوم، وأنا لا أعترض.

 مشكلتي إنني طيبة وساذجة، وأرضى بسرعة؛ لأني لا أريد أن أزيد همه ويا ليته يقدر فلا يهملني ويركض وراءها.

وضعي أتعب نفسيتي كثيرًا؛ لأني أشعر بالظلم وأصبحت نادمة أنني تزوجته.

منذ 7 أشهر توظفت، ودوامي طويل إلى مابعد العصر، وما عدت أطبخ له، ولا تجمعنا مائدة، حتى إني أهملت بيتي ونفسي؛ لأني أرجع مرهقة من الشغل، وزوجي تغير كثيرًا، وصار جافًا معي، ولم أعد أشعر بأنه يشتاق لي ويحبني، وما أدري ما السبب!! وإذا سألته هل دوامي يضايقك يقول: لا.. هذا شغلك.. ويعتذر بأن مشاكله في البيت الثاني ومشاكل العمل كثيرة.

أريد حلاً يريحني ويرد لي حقوقي من دون ما ينقص من حقوقها شيئًا.

أريده أن يحترم حقوقي، ولا يتعدى عليها مهما كان، ويفصل بين البيتين بالمشاكل. كيف أتعامل مع تلك المواقف؟

زوجي مسافر لمدة شهر، وقبل أن يسافر جلس عند أولاده أربعة أيام، وأخذ أيامي لهم غصبًا عني. لم يأت إلى البيت؛ لكي يطمئن علينا، ولم يتصل، وكأنه خائف من زوجته. وبالطبع غضبت كثيرًا، وحين جاء ليودعنا قبل السفر قابلته بجفاء؛ لأني كنت مقهورة من أفعاله، والآن مضى على سفره خمسة أيام، ولم يتصل ليسأل عن ولده، يخاف لأنه من زوجته. أنا زعلت كثيرًا منه، وقبل سفره جاء يودعنا، لكنني لم أودعه؛ لأنه قهرني جدًا.

ولا أعرف كيف أتصرف معه إذا رجع.

زوجة فيصل

 

 

عزيزتي أقدّر مشاعرك، ولكن الوضع لا يحتمل أن تتعاملي بعاطفتك على حساب العقل. لقد شاركت في صنع المشكلة منذ البداية، وكان الأحرى بك وبأهلك أن تصروا على إعلان الزواج من البداية، مهما كانت أعذار الخاطب. ومادمت رضيت بالزواج برجل متزوج وأب لثلاثة أولاد فيجب التكيف مع ظروفه العائلية بكل وسيلة ممكنة.

ذكرت في رسالتك أنك كنت مطلقة في الرابعة والعشرين، ولم يكن زواجك الأول قد أثمر عن أولاد، وكان بإمكانك أن تنتظري خاطبًا لا زوجة له ولا أولاد، ولكنك قبلت به، وشاركته في إبقاء الزواج سريًا، وحين اكتشفت زوجته ما كان من أمر زواجكما فلك أن تقدري مبلغ الجرح والصدمة التي عاشتها، ومما لا شك فيه أن ردة فعلها لم تكن من فراغ.

وكانت أول نتائج السرية أن حياتك الزوجية معه لم تكن حياة طبيعية أو مستقرة بالمفهوم الاجتماعي العادي، ورضيت بزيارته لك بضع ساعات كلما أمكنه ذلك. غير أن انكشاف الأمر أدى إلى تحسين هذا الوضع، فأصبح وقته مقسمًا بين البيتين، رغم استمراره في محاولة استرضاء الزوجة الأولى من أجل أولاده منها.

لا أقول إن ما تطلبينه ليس من حقك، ولكن التعامل مع الوضع بالضغط على زوجك؛ لكي يتحقق العدل لن يفيدك؛ لأنه يتمنى أن تكون الحياة معك خالية من المشاكل على عكس حياته مع زوجته الأولى، وحين تقابلينه بجفاء لابد أن يشعر باضطراب وحسرة؛ لأن الزواج الثاني لم يحقق له ما كان يصبو إليه، كلاكما نادم بطريقته، ولكن الندم لن يحل المشكلة، حيث إن لك منه ولدًا له حقوق عليك وعليه.

ما أنصحك به هو الترفع عن الصغائر. لا تحسبي كم مرة ذهب لزيارة بيته وكم مرة زارك، ولا تقارني بين أسلوب كلامه معها وأسلوب كلامه معك. في مثل وضعك الاستمرار والاستقرار مطلوبان، وقد تحسنت الأمور عما كانت عليه في بداية الزواج... على الأقل أصبح الزواج معلنًا وأصبحت زيارته لك زيارات تحقق لك إشباعًا أهم وأكثر من زيارة ساعة أو ساعتين.

أما قبولك عملاً وظيفيًا فينبغي التفكير فيه بتعقل. قلت في رسالتك إن الإرهاق يحول بينك وبين العناية بالبيت، وإعداد الطعام ولقاء زوجك بوجه بشوش، وهذا يزيد الأمور سوءًا بينكما. أقدر إحساسك بالفراغ حين يكون زوجك مشغولاً مع زوجته الأولى وأولاده، ورغبتك في الإحساس بأنك طاقة غير معطلة، وما أنصحك به هو البحث عن عمل نصف الوقت، لا دوام كامل، والاتفاق مع زوجك على أن تكون زياراته لك في الأيام التي لا تعملين فيها بدوام.

ولدك بحاجة إلى أبيه، وأنت بحاجة إلى ستر الزواج والأمان. وبما أنك قبلت الزواج كزوجة ثانية، فعليك أن تتحملي إلى أن تتحسن الأوضاع ويتمكن زوجك من العدل بين زوجتين كما أمر الله.