مهما تحدثنا عن قيمة الأخلاق والمعاملة الطيبة كدعائم أساسية لنجاح أي علاقة زوجية تظل المادة أمرًا ضروريًّا وحتميًّا لاستقرار العلاقة واستمرارها، فالمال عصب الحياة وأهم دعائم الاستقرار فيها، وهو من أهم عوامل السعادة الأسرية. ولما كانت القوامة في الحياة الزوجية بيد الرجل كان من أهم شروطها أن يكون مسؤولًا عمن يعيل حتى في وجود دخل خاص بالمرأة سواءً من عمل أو إرث أو تجارة فلا يحق له إجبارها على المصروف أو الأخذ منها إلا بما تطيب بها نفسها. لكن ظروف الحياة قد لا تأتي بما تشتهيه السفن وتطيب له النفوس من الوفرة المالية فتقع الأزمات ويصيب الرجل الضيق المادي، وهنا يصبح وضع المنزل حرجًا ويصبح مال الزوجة محل الأنظار، ويختلف الأزواج في طريقة التعاطي مع مثل هذه الأزمات. لذلك يفند لنا المستشار الأسري والاجتماعي عبد الرحمن القراش جوانب هذه القضية في السطور الآتية:
يقول القراش: عندما تعصب بالزوج الأزمة لمادية كأن يخسر وظيفته أو تجارته فجأةً ويجد نفسه على المحك يضطر للبحث عن مخرج له في أزمته المالية، وأول من يتبادر لذهنه (ذهب أو مال زوجته) الذي يراه الملاذ في هذه الحالة، ويمكن أن نقسم حاله مع ما بيدها إلى ما يأتي:
1/ من يسطو على مال المرأة من دون إذن باعتبارها هي وما تملك له.
2/ من يقترض منها ثم يجحدها باعتبار أنه يصرف عليها طوال العمر دون أن يطلبها بالمقابل.
3/ يقترض منها ويفيها حقها باعتبار أنه دين يجب وفاؤه.
وبالمقابل ينقسم حال النساء في أزمة الرجل المالية إلى ما يلي:
1/ من تلتزم الصمت وتعتبر أنّ المصروف مسؤوليته التي يجب أن يهتم بها حتى ولو كان معها دخل أو مال.
2/ تستجيب لطلب الزوج شريطة أن يعيد ما أخذ فتطلب منه ما يثبت حقها خوفًا على مستقبلها أو تخشى أن يعتاد على ذلك ويتنصل من المسؤولية أو تحتاط لنفسها من أن يتزوج عليها من مالها فتجد أنّ بيدها ما يضمن أن يعيده.
3/ تبادر بالعطاء دون طلب من الزوج في حال كان في مشكلة ولا تمانع من إعادته لها في حال تيسر دون طلب منها.
4/ تشارك الزوج في مالها دون طلب منه لكونها ترى أنه شاركها روحها وفراشها وألا فرق بينهما وهذه تعتبر نادرةً لكونهما قد وصلا إلى الرقي العاطفي والثقة الكبيرة.
وعما يجدر بالزوجين فعله يرى القراش أنّ الحب قصة تصنع المعجزات لذا يدرك الجميع أنّ المرأة مهما ترقت في مناصبها أو زاد دخلها فلا تزال تنظر للرجل بنوع من التقدير والإجلال، فعندما تشعر بالحب والعطاء والوقوف لجانبها وقت حاجتها له فإنها ستكون عونًا له في كل ظروفه سواءً طلب أو لم يطلب، لذا يجب أن يدرك الرجل أنّ الإسلام كرم المرأة وجعل لها الأحقية المطلقة في التصرف بمالها كيف شاءت ولا يعتبر أنّ وجوده بيدها مفسدة لها وهو القيم عليه، فإن أكرم الزوج زوجته في الرخاء وجدها معه في الشدة، وكذلك على النساء أن تذكر مواقف زوجها في الرخاء لتكون عونًا له في الشدة، وهكذا تستقيم الأمور وتمر الأزمات ...