نظمت "سيدتي" بشراكة مع جمعية قدماء تلاميذ وأساتذة مولاي رشيد ندوة ببيت الصحافة بطنجة حول موضوع البطالة الجامعية والحلول المقترحة، حضرها عدد من الخبراء وأساتذة جامعيين، حيث تدخل الدكتور مصطفى الغاشي نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان في موضوع " الجامعة المغربية ومعضلة البطالة"، ليقر بوجود أزمة حقيقية اليوم في تخريج أفواج تتهددها العطالة، وهو مشكل لا تتحمل فيه الجامعة المسؤولية لأنه مرتبط أساساً بمشكلة التشغيل والبرامج السياسية المرصودة لحد هذه الأزمة، وقال أن ثمة فرق بين الشغل والوظيفة وأن هناك بطالة مختلفة مشيرا إلى عدد من الخريجين الذين اضطروا إلى الاتجار بالمخدرات لأجل ضمان مصدر رزق، ودعا إلى التزام المسؤولية في تناول موضوع البطالة الذي أصبح يتداوله المجتمع بشكل شعبوي، منتقداً إصلاح التعليم ما بين 2002- 2003 الذي لم يمس المناهج التعليمية بقدر ما كان إصلاحاً تقنياً لا غير. منتهياً بضرورة البحث عن بديل لأننا في مرحلة انتقالية قد تدوم أزيد من 5 سنوات، مشددا على ان الحل ليس هو التوظيف بل فتح مجالات أخرى للتشغيل.
و طرحت الدكتورة سعيدة العثماني أستاذة العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعودي بطنجة في مداخلتها موضوع "دور التعليم والاستجابة لسوق الشغل"، مركزة على أن التعليم لا يعني بالأساس التشغيل، لأن له علاقة بمنهج وفلسفة حياة وأن ما يحصل الآن هو تفريغ العقول من الفكر وتعويضها بتكوينات تقنية بسبب زحف الرأسمالية التي تهاجم اليوم مؤسسات التعليم العمومي. ودعت إلى وضع تصور واضح لفلسفة وطنية تساؤل ماذا نريد من التعليم ولماذا نتعلم من أجل تحديد الاحتياجات والوصول إلى الأهداف المتوخاة من التعليم.
بينما ركز أستاذ علم الاجتماع وخبير الإعلام عبد الله أبو عوض على مفهوم البطالة والعطالة واعتبر أن يجب تحديد المعنى الحقيقي للبطالة فهناك عامل لكنه عاطل بمعنى أن العمل يجب أن يرتبط بالإنتاج أساساً، وأرجع أزمة التشغيل إلى الأزمة الاقتصادية إذ لابد من الإشراك في عملية الإنماء، واعتبر أن الإنسان يستثمر 2% من قدراته فقط، بينما الدلفين يستثمر 10% من مهاراته.
وأثار موضوع الساعة وهو استقطاب الشباب العاطل من قبل الجماعات الإرهابية لأن حتى المنظومة الدينية اعتبرت الفقر كفراً، داعياً إلى ضرورة استغلال و تدبير ثروات البلد جيدا لينتفع الجميع .
أما المدربة الشابة إشراق الحنيني فكانت خاتمة التدخلات التي دعت إلى اكتشاف القدرات الذاتية وتنميتها من خلال مداخلتها "التنمية البشرية ودورها في التقليص من آثار البطالة" وحللت وضع البطالة بأنه يأتي استجابة لتوجه عالمي في جعل الإنسان مجرد تقني، مشيرة في الوقت نفسه أن اختيارات العمل تتشدد على ردود الفعل ولذا وجب تقوية الثقة بالنفس وقدرات الفرد لتمكينه من استيعاب أزمة البطالة والتفكير بإيجابية.
في حين اختار الإعلامي عبد الله الدامون أن يتحدث عن تناول وسائل الإعلام للبطالة، وتغطية احتجاجات المعطلين، واعتبر أن موضوع المعطلين كان يشكل مادة دسمة على الصفحات الأولى بداية التسعينات ، لكن الموضوع خفت ليظهر من جديد حينما صعد المعطلون احتجاجهم بعد حالة إحراق الذات التي أشعلت فتيل التظاهرات من جديد ليصبح مؤخراً حدث المعطلين المحتجين وسط الرباط اعتيادي مألوف لا يؤثر كثيرا في التغطيات الإعلامية.
وفتحت الندوة شهية النقاش ليعبر عدد كبير من الحاضرين عن آرائهم في تبني حلول عملية بإشراك كل الفاعلين لأجل استشراق مستقبل أفضل للجامعيين وتمكينهم من تكوينات تستجيب لسوق الشغل الذي تفرضه الظرفية العالمية. بعد أن شاركت كل من الكاتبة نادية الأزمي تجربتها مع العطالة الحضور، هي الأديبة التي لم يستوعب شغفها بالكتابة سوق الشغل، لتساءل عن جدوى شهاداتها العليا في غياب تحقيق الإشباع المعنوي والمادي. كما تحدثت بشيرة أولاد الحاج تجربتها مع البطالة التي تجاوزتها بالإصرار على إقامة مشروع خاص بها.