لأنّ الحياة الزوجية رباط مقدس وسر سعادة وهناء دائم، كانت دومًا محط العين من شياطين الإنس والجن الذين يسعون للتفريق بين المرء وزوجته، كما أخبرنا القرآن الكريم، حتى صارت الحياة الزوجية _إن صح التعبير في وصفها_ أرض صراع يومي أطرافها الزوجان والأبناء ومشعلو الفتنة بها وكل من يستطيع الدخول لحياتهم. فالواقع المؤسف أنّ أغلب البيوت محفوفة جوانبها بالألغام التي زرعها من يريد (الإفساد والتخبيب والتخريب) ومن النادر جدًا على الحصيف أن يدرك كيفية التعامل معها وتفكيكها قبل أن تنفجر فيه مدمرةً حياته وحياة من حوله... في هذا التحقيق يرشدنا المستشار الأسري والتربوي عبد الرحمن القراش عن كيفية التصدي لهجمات من يريدون النيل من السعادة الزوجية لاسيما إن كانوا من الأقارب.. فتابعوا معنا الإرشادات الوقائية الآتية:
يقول القراش بدايةً: من خلال المشاكل التي تعرض دومًا عليّ نجد أنّ أغلب المشاكل الزوجية التي تحصل يكون سببها انفجار لغم زرعته أيدٍ قذرة من خارج المنزل سواءً من الأقارب أو غيرهم لكي تنهي معاني السعادة، فتدخل الأقارب والأصدقاء بشكل مباشر في حياة الزوجين أشبه بمن ينام في غرفة زجاجية مكشوفة للآخرين يرون ما يدور بداخلها دون حرج. لذا لا نستغرب من زيادة نسبة الطلاق وخوف المقبلين على الزواج من نفس المصير؛ لأنّ الشواهد في حياتهم كثيرة، ويمكننا أن نعزو رذيلة كشف أحد الزوجين أسرار بيته للأسباب الآتية:
1- زواج الأقارب: يعتبر ميدانًا خصبًا وعاملًا مهمًا في كون أسرار أحد الزوجين مكشوفة للآخرين، إما لإيمان الطرف المتحدث أنّ هذا أمر عادي، أو بسبب بحث الأقارب عن عثرات الطرف الآخر ليكون تحت سيطرة المستفيد.
2- فقدان الانتماء الأسري: يشعر بعض الجدد على القفص الذهبي أنه منذ ليلة الدخلة لا ينتمي لعالمه الجديد، إما بسبب صغر السن أو قلة التوعية أو الإرغام على الزواج فيكون مدخلًا سهلًا لولوج الآخرين لحياته.
3-الجفاف العاطفي: من أهم العوامل لكشف أحد الزوجين أسرار بيته حيث يعتبر الحنان والحب سياجًا منيعًا ضد أي تدخلات خارجية ولكن بسبب فقدانهما يكون من السهل اختراق الأقارب للبيت.
4- الخلافات المستمرة: عندما تكون الحياة الزوجية حلبةً للمصارعة اليومية على أتفه الأسباب فإنّ المؤثرات الخارجية من الأقارب وغيرهم ستكون من ضمن الجمهور المشجع لكل طرف حتى يقضي ذلك على استقرار الأسرة بأكملها.
الحموات:
ويضيف القراش: ومع توارد الأسباب الممكنة التي تمهد تدخل الأقارب في حياة الزوجين إلا أنّ هناك من يتدخل بفضول تام دون دعوة همهم الوحيد أن يكون هذا البيت تحت نظرهم خصوصًا من طرف الأم سواءً من ناحية الزوج أو الزوجة، فأم الرجل تعتبر الغيرة من امرأة أخرى دخلت حياته دافعًا مهمًا يشعرها بالخوف على ابنها من الاختطاف العاطفي فيصبح مطيعًا لزوجته فيقل بره وعطاؤه لها، وأم المرأة المقصد معروف هو جعل الزوج خاتمًا في إصبعها فترسم لها الخطط التي تضمن ولاءه دون إدراك لما يمكن أن تسببه من مشاكل عند رفضه، وكلا الطرفين للأسف يدق المسامير في تابوت سعادة البيت...
كيفية حماية الحياة الزوجية من الأخطار الخارجية:
لذا من بداية الحياة الزوجية لابد من وضع الحدود التي تحفظ كرامة كل طرف ولا تقلل من بره بأهله بعيدًا عن إفشاء الأسرار والعلاج المقترح على النحو الآتي:
1- يجب أن يدرك الزوجان منذ اقترانهما ببعض معنى حديث المصطفى _صلى الله عليه وسلم_: إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا. _صحيح مسلم_ حيث يعتبر كشف أسرار الطرف الآخر للآخرين معضلة ليس من السهل تدارك تبعاتها مستقبلًا.
2- يجب على الأهل أيًّا كانت قرابتهم وكذلك الأصدقاء إدراك أن تدخلهم في حياة أحد الزوجين بإفساد سينطبق عليهم حديث النبي _صلى الله عليه وسلم_:" لعن الله من خبب امرأةً على زوجها، ولعن الله من خبب رجلًا على امرأته". لذا عند سماع أي مشكلة تحدث في بيت من البيوت يجب التعامل معها بإحسان وإصلاح أو كف اللسان عن التدخل بسوء.
3- على الزوجين أن يدركا أنّ حياتهما الخاصة ملكًا لهما فقط ولا يحق لأحد من الأطراف الخارجية أن يتدخل فيها مهما كانت قرابته إلا بإحسان إن دعت الضرورة لذلك.
4- ليس كل الحديث يمكن أن يُقال لأي أحد؛ فالحياة أسرار ودخول الأقارب إليها في كل حين يسبب ربكةً في كيان الأسرة لذا يجب ترك فضول الكلام عن الحياة الشخصية فإن سلم المتحدث من النفاق لم يسلم من الحسد.
5- وضع دوائر فنية بأفق واسع للتفكير بين الزوجين يدوران في فلكها بحيث تكون سياجًا من تدخل الآخرين.
6- زيادة معدل الحب بين الزوجين يشكل أهم دفاعات التصدي لتدخلات الأقارب وغيرهم من المحيطين.
7- عند حدوث مشكلة معينة واستحال الحل الداخلي يجب على الزوجين أخذ الحيطة والحذر من التحدث عنها مهما كان إلا مع ثقة يمكن أن يعطي رأيًّا يساهم في حلها.