مما لا شك فيه أن الكاتب والمفكر السياسي الكبير محمد حسنين هيكل يمثل قيمة كبيرة، ورمزاً متوهجاً في سماء الفكر والفن والثقافة والتنوير، كونه بدأ عصامي الثقافة والتحصيل، في رحلة للتثقيف بدأت منذ الرابعة عشرة من عمره المديد، حقق في خلال تلك المسيرة قفزات فريدة جعلته محط أنظار كل المتابعين للشأن السياسي والتاريخي الثقافي والفكري، كونه مؤرخاً وكاتباً قابل كافة رؤساء وزعامات الدول، بداية من السير ويليامز ومروراً بكافة رؤساء العالم ريتشارد نيكسون، ومصدق، وشاه إيران وحتى الإمبراطور هيلا سيلاسي رئيس الحبشة، ماراً بروزفلت، ودوايت أيزنهاور، وغيرهم بالمئات من الزعامات الدولية العالمية والعربية، ومرضه في الآونة الأخيرة شغل اهتمام كل من استمعوا لرؤيته في كتاباته وتحليله من كافة الأقطار العربية والعالمية، سيدتي استطلعت آراء العديدين من رموز الفكر والثقافة والأدب والتاريخ، عن ماذا تمثل هذه اللحظات، في البداية يقول دكتور عماد أبوغازي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة ووزير الثقافة الأسبق، سواءً اختلفنا أو اتفقنا مع الكاتب الكبير هيكل سياسياً فسوف يتوقف تاريخ الأمة المصرية الواعية والمستنيرة كثيراً أمام رؤاه وتحليلاته، التي وعلى ما أظن شكلت نسبة كبيرة من الوعي بأمور التاريخ والجغرافيا، وحتى سياسات الدول وكيف يتم تشريحها وتحليلها في أسلوب بسيط ولافت في آن، كون الرجل يملك من الكاريزما والوعي الفطري الكثير والرحب، والقادر به علي الدخول في أدق، أدق التفاصيل والألغاز السياسية، في أي نقطة من العالم، كونه بدأ في هذا الحقل مبكراً وساعدته ظروفه الأبجدية وقتها في تعلم وملك العديد من اللغات الحية، فكان يقرأ بالإنجليزية والفرنسية والإيطالية وعمره ستة عشر عاماً، ليتحول إلى أسطورة عالمية دولية وعربية ينتظره القراء والسياسيون المهرة أيضاً، فيمن حوله في العالم الصحافي السياسي المصطخب؛ للاستماع لتحليلاته وآرائه بعمق ورؤية فذة باتت حكراً عليه وله وحده، بارك الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، ففي تلك اللحظات الفارقة نحن كأمة في انتظار الكثير من المشتغلين بالسياسة ممن سبروا أغوارها ودهاليزها من مطبخ السياسة الأم في كافة بقاع العالم، وهذا لكي نضطلع ونرى ثمة تفسيرات ولو نسبية تعيننا على فهم هذا العالم المتناقض والمتشابك، خاصة في ظل مسميات شتى معرفية زادت من غموض دواخل السياسة والسياسات، مثال الكونية والعولمة وما بعد الحداثة، محمد حسنين هيكل قيمة وقامة كبيرة في عالم الفكر والسياسة.
ويقول الروائي الكبير صنع الله إبراهيم، عرفته كاتب تاريخ بشكل روائي عظيم وجبار، كل مؤلفاته تحملها أرفف مكتبتي منذ شبابي، نعم هو محلل وكاتب سياسي وجورنالجي من طراز فريد، أحب هذه المفردة، وخدم في بلاط صاحبة الجلالة بها ومن خلالها طارحاً البساطة العميقة في شرحه لكل كبيرة وصغيرة في عالم السياسة الدولية والعربية، وكان لعلاقته (الإشكالية) بعبد الناصر دور كبير في تسليط الضوء على التجربة الناصرية وصداها في العالم العربي، حرق الكثير من مراحل التحصيل المعرفي، بدأب نهمه للقراءة وفي كافة الموسوعات التاريخية والجغرافية، كتب التاريخ وتحاليله بشكل روائي بناء، وللمتأمل في تجربة غالبية أعماله وهى أشبه بموسوعات عميقة وفخمة في أطره المتعددة، المحاور يلحظ ثمة حكاء ماهر وعبقري قادر على سرد حكايا ودورات التاريخ مع الزمن والساسة في شتى بقاع الأرض، بسرود فاتنة ولها من الجماليات في الحكي واختيار العبارة كروائي عالمي يشاكس طوب الأرض وحصى الأفكار، استفدت كثيراً من كتاباته وتحليلاته بشكل عام وإبداعي، وتمنيت أن تحكى سيرة ملحمة السويس روائياً بهذا الشكل الموهوب كما فعله هيكل في مذكرات قناة السويس وحرب الثلاثين عاماً، بالطبع أرجو أن يعود للياقته مضيئاً الكثير من بقاع العتمة، وخاصة أن الحقل السياسي التفسيري والتنظيري وحتى التأويلي الشارح والمحلل قد خلا منذ عقد ونصف، بعدما رحل الكبار في تلك الحقول، وهو كان وفي الغالب من المتفائلين والقادرين على استنهاض الأمة بتجميعه للقدر الأكبر من المتابعين والقراء المولعين بعمق بصيرته وعميق تحليلاته فأرجو له الشفاء.
ويقول وزير الثقافة حلمي النمنم: الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل رحلة مع الوعي والعقل الجمعي المصري والعربي والسياسي استمرت أكثر من ثمانين عاماً، بدأ العمل مبكراً في صحيفة فرنسية كالبروجرية على ما أذكر، وناوش الإنجليز وحادث الطلاينة بفرادة الصحفي المغامر الجريء، ساعدته ظروف شتي، قابل مئات الحكام في العالم كله من شرقه لغربه وشماله وجنوبه، يملك من الحنكة واللباقة واللياقة الحسية واللغوية والموهبة ما مكنة من النفاذ إلى كل العقول والقلوب برؤية سياسي محنك داهية، انصهر بالأحداث محافظاً على لياقته النفسية والروحية والثقافية لأكبر قدر وطاقة ممكنة، جعلته في مصاف كتاب السياسة والتاريخ والرأي ومحللي العالم، ارتبط بعلاقات وثيقة مع كافة رؤساء وزعماء وزعامات العالم بشكل مبكر جداً، أتمنى له الشفاء العاجل وأن يعود لقرائه وهم بالملايين، يتعجبون بعد استمتاعهم براوٍ، تترجم كتبه ومقالاته إلى عشرات اللغات، فله كل الدعاء بالشفاء والعودة لحقول الألغام في عالم السياسة المحير.
ويقول الناقد الكبير د / هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة العامة للكتاب: فكرت من أيام وأثناء انعقاد الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن ألتقي به محدثاً إياه في أهمية قبوله لعرضنا بطبع كافة أعماله من قبل الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ لكي يستفيد بها كل مثقف وكاتب أو حتى قارئ عادي، هيكل علامة فارقة ورمز منير وبهي في مناطق سرود التاريخ السياسي المصري والعربي المعاصر بشكل ولغة فاتنة، يعجز عنها الكثير من الكتاب والمفكرين، أتمنى له كل السلامة وأن يعود سريعاً إلى حقله ومحبيه وقرائه، وهم بالملايين في شتى بقاع الأرض.
دكتورة سحر الببلاوي محللة سياسية بوكالة الشرق الأوسط: لا شك أن محمد حسنين هيكل هو أحد أهم وأبرز الصحفيين في الوطن العربي خلال القرن العشرين إن لم يكن أبرزهم، من خلال ما أتيح له من قرب من دوائر الحكم وصنع القرار في فترة حكم الرئيس عبد الناصر، ورغم اختلاف الكثيرين مع فكر هيكل أو منهجه وما إذا كان استفاد أكثر من غيره من التجربة الناصرية بشكل عام، إلا أن هيكل بشهادة الجميع رجل سياسة من الدرجة الأولى، وصحفي يملك أدواته بشكل متميز، ومحلل سياسي وصاحب نظريات تتلمذ عليها الكثيرون، وتظل له شعبية جارفة سواء من القراء المصريين أو العرب؛ لكتبه ومقالاته أو المتابعين لشهاداته من خلال الفضائيات عن التاريخ الذي ورغم تخطي هيكل التسعين من عمره إلا أنه قادر على تقديم قراءة للمستقبل في ضوء التاريخ وما نعيشه من أحداث آنية، بارك الله في عمره وسلم من كل سوء.