جولة لندنية في معرض "فوغ مائة عام من الأناقة"

9 صور

ونحن نتجول في معرض "فوغ مائة عام من الأناقة" Vogue 100: A Century of Style المقام حالياً في National Portrait Gallery في لندن، والذي يحتفي بمرور مائة عام على إصدار مجلة فوغ البريطانية، كان السؤال الذي يلح على الذهن: كيف يمكن أن تحقق مجلة للموضة كل هذا النجاح العالمي وتتحول من مجرد مجلة معروضة في أكشاك الصحف إلى أيقونة ومرآة تعكس لنا التاريخ والمجتمع والعادات والأعراف والأذواق والسلوك، وتبدل القيم الجمالية على مدى مائة عام من الزمان؟.


الحرب وراء صدور المجلة
صدرت مجلة فوغ البريطانية للمرة الأولى عام 1916 كبديلٍ للمجلة الأمريكية التي تحمل الاسم نفسه، وكان سبب صدورها نشوب الحرب العالمية الأولى وتعّذر شحن النسخة الأمريكية وايصالها إلى العالم، وأيضاً نقص الورق وتوقف المطابع في أمريكا، وبذا حصلت دار النشر ( كوندي ناست) على تصريح لطبعها وتغطية أخبارها من لندن، وقد كانت الإطلالة الأولى للمجلة هادئة وناعمة مع اختيارات مدروسة لتغطية أخبار المجتمع والموضة والجمال والديكور والفن والأدب والمسرح، ومنذ البداية كان التصوير الفوتوغرافي هو نقطة القوة ومركز الثقل في هذه المجلة ومصدر نجاحها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف تعاملت المجلة مع أفضل المصورين العالميين، الذين حولوا الصور إلى حكايات تتلهف النساء على قراءتها في كل الأوقات، كما صارت الأنيس المفضل لتمضية الوقت في السيارة والقطار وعيادات الأطباء التي لا تكاد تخلو من نسخة من هذه المجلة، ولكنها أخذتْ بمرور الوقت أبعاداً أخرى وتحولت إلى ما يشبه لجنة الحكام العالمية التي لا نقاش لقراراتها، وهيمنت بذلك على صناعة الموضة وعلى الإعلانات وصار بمقدورها أن ترفع من شأن مصمم أو مصور أو تنزل به إلى الأرض، وصار لقراراتها هيبة ولغلافها ألف معنى وغاية، فالعارضة أو النجمة أو سيدة المجتمع التي تظهر صورتها على غلاف فوغ هي بالتأكيد قد تسلمت بيدها مفاتيح الشهرة والمجد وشُرّعت أمامها أبواب النجاح.

تبدل الأحوال على مدى مائة عام
توزعت صور المعرض البالغ عددها 280 صورة وبعضها يعرض للمرة الأولى، على عشر قاعات هي عدد العقود العشرة من عمر المجلة، وكل قاعة هي تاريخ مدون يشي بمزاج الناس في ذلك الزمان، ويؤكد لنا على ثنائية الأناقة والموضة وخروج إحداهما من عباءة الأخرى، كما أنه يرسم لنا صورة عن تغير مفاهيم الأناقة والجمال على مر السنين وكيف تحولت من الأنوثة والرقة إلى الخشونة والإرباك وتشوش النظر، ثم عادت إلى رقتها مرة أخرى توافقاً مع الحروب وأوقات السلم والأزمات الاقتصادية وشيوع العنف، وتبدل الأمزجة. وفي تجوالنا في المعرض أدركنا أهمية أن يفسح الحاضر المجال للماضي كي يتحول إلى مرآة تعكس لنا حياة الناس على مر العصور وتتابع صعود نجوم وخفوت نجوم آخرين وربما نضحك في سرنا على موضة ثياب كانت في يوم ما مطلب وحلم النساء، وبالتأكيد سيأتي بعد سنين من يضحك على ما نلبسه اليوم وهذا هو الشعور الذي ينتابك وأنت تتجول في هذا المعرض الذي يؤكد لك على أن كل شئ زائل ولا شئ باقٍ إلى الأبد، وعلى مر الوقت لا بد من اختفاء وجوه وبزوغ وجوه أخرى. ولعل أكثر ما شد انتباهنا هي قاعة الأربعينيات التي غلب عليها اللون الأحمر، وهي زاخرة بالجمال والأناقة الراقية والطلات الرائقة التي ميزت تلك الحقبة من الزمن والتي صار أبطالها من الماضي.

يقام المعرض في National Portrait Gallery ويستمر حتى 22 من شهر مايو \ مارس من هذا العام.