كيف تدخلين زوجك عالم الأبوة؟

تفيد بحوث أنّ اكتئاب ما بعد الولادة لا يُصيب النساء حديثات العهد بالولادة حصراً، بل يمتدّ أيضاً إلى بعض الآباء بسبب عدم قدرته على تحمّل تبعات هذه المسؤولية، أو غيرها من الظروف التي تنشأ عن قدوم المولود الجديد.

كيف يمكن تهيئة الزوج للقيام بدور الأب على أكمل وجه؟ سؤال حملته «سيدتي» إلى الاختصاصية في علم النفس أميرة الطيب:

إن نجاح ولوج الزوج عالم الأبوة مشروط بالتحضير المسبق، وهذا الأخير لا يقتصر على اصطحابه عند شراء احتياجات المولود كما تعتقد كثيرات، بل يشمل مراعاة الحالة النفسية للزوج خلال هذه المرحلة الانتقالية الصعبة والتي تتطلّب من الزوجين معاً حنكة وحكمةً وذكاءً لجعلها أقل صعوبة.

وهذه أبرز الأسباب التي تسبّب إحباط الزوج، في هذا المجال:

* أولاً: يترأّس إهمال الزوجة لائحة أبرز الأسباب التي تسبّب إحباطاً للزوج، إذ من المعلوم أنّ سيطرة مشاعر الأمومة عليها بعد الإنجاب تجعلها منحازة إلى مولودها أكثر من أي كائن آخر، ليعتقد «الأب الجديد» أنه منبوذ بعد أن اعتاد أن يكون الرقم واحد لا يجد من ينازعه على هذه المكانة، بالإضافة إلى أنّ فترة النفاس ترغم الزوج على الإمساك عن حياته الحميمة، الأمر الذي قد يُلقي بظلاله على العلاقة الزوجية في حال إفراط الزوجة في اهتمامها بالمولود الجديد على حساب الأب.

* ثانياً: الاستعداد لاستقبال مولود يتطلّب من الزوج إنفاق مبالغ مالية ضخمة في فترة وجيزة تتعلّق بالرعاية الصحية للأم والرضيع، وكذلك السرير والملابس وأغراض عدّة لا حصر لها. وتتضاعف هذه التكلفة إذا انتقلت الأسرة إلى مسكن جديد أوسع، أو عند الاستعانة بجليسة أطفال، أو أخذت الزوجة إجازةً من دون راتب للاهتمام بالمولود الجديد. هذه الأمور مجتمعة تجعل الرجل المقبل على الأبوة يستغرق في التفكير لتدبير هذه الأموال، ما قد يتطلّب منه القيام بعمل إضافي، أو الاستدانة في بعض الأحيان!

* ثالثاً: في الأشهر الأولى من ولادة الطفل، يشعر الزوج الأب بالتوتر والإرهاق الشديد، بسبب اعتياده على نمط حياة حر خالٍ من الضجيج والصُراخ المتكرّر للرضيع خلال الليل يحرمه من الاستغراق في النوم كما كان يفعل من قبل، فتتكرر شكواه من قلّة ساعات النوم أو حصوله على نوم متقطّع ويصبح شديد التذمّر وسريع الانفعال! ولذا، تندلع الخلافات الزوجية لأتفه الأسباب نتيجة معاناة الزوج من الحرمان من النوم، وينعكس ذلك جلياً على مستوى مظهره وصحته وتركيزه، وحتى على أدائه في العمل.

 

تجنّبي الأمومة قبل الأوان

وإذ تعيش المرأة خلال فترة الحمل حالاً من الاستعداد والترقّب الدائم ما قد يحرمها من التمتّع بالحياة خلال الأشهر التسعة، يشعر الزوج بالضيق والملل، علماً أنّ فترة الحمل تعتبر الفرصة الأخيرة للحرية لهما، قبل بدء مرحلة الأمومة والأبوة وما تحمله من تبعات ومسؤوليات. فإذا كان حملكِ مستقراً، لما لا تقترحين القيام برحلة لأيام عدّة خارج المدينة أو البلد، أو القيام بنزهات قصيرة في نهاية كل أسبوع?

 

لا ترهقيه مادياً

إذا كانت إمكانيات زوجكِ المالية محدودة، أو شعرت بزيادة تكاليف وأعباء الولادة، يجدر بك تحديد أولوياتك وترشيد نفقاتك عبر اقتناء المستلزمات الضرورية التي يحتاجها المولود الجديد، فاحتياجات الطفل يمكن تقسيمها وفقاً لترتيب استخدامها، والتسوّق مرّات عدة خلال السنتين الأوليين من عمر الطفل. فما الحاجة إلى كرسي الطعام أو المشاية أو شراء قياسات عدة تستوعب نمو الطفل والتي لن يحتاجها المولود إلا بعد مرور 6 أشهر على الأقل من ميلاده؟ كما أنّ المولود بعد قدومه، يتلقّى من الأهل والأصدقاء الهدايا فاستفيدي من ذلك، وأرجئي بعض المشتريات التي قد تكون ضمنها.

 

ثقافة الأبوة

الإلمام بحيثيات المخاض والوضع، وكيفية التعامل مع هذه الأوقات الصعبة، وكيفية الاهتمام بالمولود الجديد وحسن رعايته، كلّها أمور يجدر بالأبوين معرفتها، علماً أن الوسائل التي توفّر تلك المعلومات كثيرة ومتعددة، تشمل: شراء كتب متخصّصة، أو حضور حصص ما قبل الأبوة حيث تنظّم بعض المراكز التدريبية المتخصصة حصصاً ودورات موجّهة إلى الأزواج المقبلين على الأبوة والنساء المقبلات على الأمومة.

 

استفيدي من تجارب الآخرين

تحصل الزوجة خلال فترة الحمل عادةً على دعم نفسي ومعنوي من الزوج، بالإضافة إلى أحبائها وأقربائها وصديقاتها وأطبائها. وبما أنّ الزوج يكون مُقبلاً كذلك على تجربة جديدة هي الأبوة، فإنه من الضروري أن يحظى هو أيضاً بدعم مماثل، خُصوصاً إذا كان قد سمع من أصدقائه قصصاً غير مشجّعة عن تجربة الأبوة. فاعملي على اختلاطه بنماذج من الآباء الصالحين في محيط الأصدقاء والأقارب، وهؤلاء لن يبخلوا عليه حتماً بالنصائح والتشجيع والإرشادات التي تُحضّره ليكون والداً حنوناً.

 

 

لا تبعديه عنك

إذا كانت لوائح المستشفى الذي تخطّطين للوضع فيه تسمح بمبيت أحد معك في الغرفة انتظاراً للولادة أو بعدها فيُفضّل أن تختاري زوجك، إذ أن معايشته لكِ أثناء المخاض أمر ضروري جداً لتهيئته للأبوة وتقدير معاناتك في الإنجاب، كما أنه بمشاركته معك الفرحة بالنظرة الأولى في الوجه الذي انتظرتما كثيراً لرؤيته ستسجّل تلك اللحظات في سجل الذكريات الجميلة التي توثّق ارتباطكما معاً.

 

دعيه يتعامل مع الطفل على طريقته

تميل غالبيّة الأمهات إلى مداعبة الرضع برفق ولين، فيما يجنح الرجال إلى مداعبة الصغار بطريقة أكثر خشونةً، وكلا الأسلوبين في اللعب له أهميته وفوائده على مستوى نمو الرضيع، فتجنّبي توجيه الأوامر والتعليمات لزوجكِ عن طريقة تعامله مع الطفل حتى لا تضعي حواجز بينهما تعوق نمو العلاقة الخاصة بينهما.

 

وفّري له الراحة

لا تطلبي من زوجكِ بعد أن يصبح أباً أن يتخلّى عن كل شيء دفعة واحدة، فالرجل لا يتكيّف مع المتغيّرات بسهولة كما تفعل المرأة. لذا، احرصي بعد قدوم الوافد الجديد على ألا يتغيّر نمط حياة زوجكِ قدر الإمكان (مواعيد طعامه، أو نومه...). واطلبي منه أن يشاركك المهمات، ولكن لا تثقلي عليه في طلب رعاية الطفل بالطبع، ما يتطلّب منكِ بذل مجهود إضافي، إلا أنه يجنّبكِ الخوض في مشكلات زوجية تعكّر صفو حياتكِ.

 

لا تخجلي من طلب المساعدة

بعد مرور أشهر عدة على ولادة الطفل، إذا واجهت زوجك مشكلة في التعامل مع التغيرات الجديدة، وانتابته حالة من العزلة والاكتئاب فلا تتردّدي في التحدّث إلى اختصاصي نفسي أو استشاري في العلاقات الزوجية. ولا تغفلي أنّ السكوت على هذه المشكلات يؤثّر سلباً عليكِ وعلى العائلة.

دراسة: قيام الرجل بدور الأب يرتبط برغبته في الإنجاب

* يوضح باحثون في مجال العلاقات الأسرية أنّ ترويض الرجل نفسه عبر نكرانه لذاته وسيطرته على رغباته وتحمّله نفقات الرعاية الصحية والأغراض المكلفة استعداداً للقيام بدور الأب قبل قدوم المولود الجديد يعكس مدى رغبته في الإنجاب. ويؤكّدون أنّ الرجل لا يستشعر ما تعيشه المرأة من منبّهات جسمانية تُذكّرها بأنها على وشك أن تُصبح أماً، إلا أنه ينتابه شوق عارم لرؤية المولود وحمله بين يديه، ما يفسّر وضع يديه على بطن زوجته يومياً للاطمئنان على الجنين، واستشعار ركلاته والتحدّث إليه ومخاطبته.

وتفيد هذه الدراسة بأنه على الرجل قبل الشروع في إنجاب طفل تحديد نوع الأب الذي يرغب أن يكونه، وعليه أن يأخذ وقتاً كافياً للتفكير في الجوانب التي يريدها أن تكون حاضرةً في علاقته بطفله، والأشياء التي يريد تجنبها.

 

إذا كانت لوائح المستشفى الذي تخطّطين للوضع فيه تسمح بمبيت أحد معك في الغرفة انتظاراً للولادة أو بعدها فيُفضّل أن تختاري زوجك

 يعتقد «الأب الجديد» أنه منبوذ بعد أن اعتاد أن يكون الرقم واحد عند زوجته لا يجد من ينازعه على هذه المكانة!