الدكتورة هنو العلالي، أخصائية طب النساء والتوليد، أول طبيبة أمازيغية بدوية، درست في فرنسا في أوائل الستينات، مارست السياسة والعمل الجماعي، وكان كل تفكيرها مُتجهاً إلى قريتها التي خرجت منها وهي فتاة صغيرة، وبعد رحلة كفاح حافلة دامت نصف قرن، اختارت أن تعود إلى قريتها الأمازيغية «أولماس» الموجودة شرق الرباط، وأن تعيش وسط فتيات ونساء البلدة، «سيدتي» حاورتها لتعرف أسباب عودتها...
الخروج من حياة البدو إلى الحياة الأوروبية
هل هو الوضع الذي تعيشه قريتك هو ما جعلك تقبلين على الاهتمام بالفتيات الصغيرات؟
بالطبع فهو واقع صعب لم يتغير للأفضل بل تفاقم للأسوأ، فمنذ ما يزيد على 50 عاماً كنت في نفس وضع هؤلاء الفتيات لكني كنت أشعر بالأمان، لم يكن لدينا خوف من أحد، الكل كان متضامناً وحريصاً على الآخر، اليوم أصبحت الطرق مخيفة والقرية لم تعد آمنة كما كانت.
كيف استطعتِ إقناع عائلتك البدوية باستكمال دراستك في الخارج؟
كنت محظوظة بوالدي الذي كان يحدثني دائماً عن العلم، وكنت شغوفة بالذهاب إلى المدرسة، كنت أقطع 10 أميال من السير على أقدامي، لأصل إلى قاعة الدرس لكنني كنت آمنة مطمئنة.
امرأة في زمن الرجال
مارست الطب منذ السبعينيات، كيف كنت تمارسين مهنتك في وقت كان أغلب الأطباء فيه رجالاً؟
كنت فخورة بنفسي وكنت محل فخر الآخرين أيضاً، لم تكن هناك عراقيل معينة، بل على العكس فبحكم تخصصي كانت النساء يشعرن بالراحة أكثر لوجود طبيبة امرأة، الظروف كانت صعبة والإمكانيات أيضاً، الآن المغرب فعلاً تطور وتوفر فيه الخدمات الصحية بكل أشكالها، مما أدى إلى اختفاء العديد من الأمراض.
اهتمام خاص بالفتيات
لماذا ينصب اهتمامك على الفتيات فقط؟
لأن الفتاة تهمل دراستها بسرعة وتكبلها التقاليد، بجانب الخوف الذي تعيشه، فهي مازالت الحلقة الأضعف في مجتمع قروي؛ لذا أحاول أن أنقذهن من الضياع الدراسي، لذا قمت بتأسيس جمعية «إيلي» أي «ابنتي»، بقريتي منذ ما يزيد على10 سنوات، لا يهمني ماذا سيعملن في المستقبل، المهم أن يتعلمن ويدرسن، وننقل لهن قيم مجتمعهن الأصيل، وأن يتعرفن على حقوقهن وواجباتهن؛ ليواجهن المستقبل.
حياة بعد الإنجازات
كيف تقضين يومك؟
أعمل باستمرار بين العيادة التي لا أتردد عليها كثيراً سوى لإجراء كشف طبي لإحدى المُتابعات، فبحكم السن لم أعد أمارس مهنتي بشكل يومي كطبيبة نساء وتوليد، كما أنني عضوة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أتواصل مع قريتي وما يحدث بها، والجمعية نهاية كل أسبوع، حيث أزور «دار الفتاة» لتفقد أحوال البنات.
وما الشيء الذي يشغل تفكيرك باستمرار؟
أن أضمن للفتيات الصغيرات حق التعلم بسلام، وأن أعمم التجربة على كل المناطق القروية النائية، الأولوية في نظري للأطفال، كم جميلاً أن يكون لدينا خطط لمحو أمية الكبار، لكن ماذا جهزنا للصغار؟ يجب أن نمنحهم فرصة التعلم أكثر لأنهم الأمل.
هل تشعرين بالوحدة بعدما كبر الأبناء؟
نوعاً ما لكن لدي 72 طفلة أزورهن، وأتواصل معهن وأعيش معهن أحلاماً، وأمرر لهن قيم مجتمعنا، وقيم حقوق الإنسان العالمية.
مثلك الأعلى في الحياة؟
والدي رحمه الله، الذي كان يؤمن بالمساواة وتكافؤ الفرص، ولم يحرمنا من التعليم يوماً أو من تحقيق طموحنا.
رسالتك للمرأة؟
عليها أن تتعلم، وأن يكون اهتمامها الأول بالدراسة؛ لتعرف حقوقها وواجباتها، التربية والتعليم هما أساس البناء.
تابعوا الحوار الكامل في "سيدتي" قريباً.