شاب يبلغ من العمر 14 عاماً، يعيش مع والدته المنفصلة عن والده. كان إخوته الذين يكبرونه يمارسون عليه ضغوطاً شتى، فيجبرونه على أعمال المنزل من تنظيف وشراء الحاجيات وغيره. وفي يومٍ متعب أشار عليه أحد أصدقائه لكي ينسى التعب أن يستنشق بخاخ معطر للجو، وأن ذلك سيكون كفيلاً لأن يدخله في حالةٍ من السعادة، فانساق الشاب لحديث صديقه. وبعد شهرٍ من الاستمرار في هذه الممارسة كل ليلة، دخل الشاب في دائرة الإدمان لمدة 6 أشهر، فلاحظ أخوه الكبير تغيّره الذي انعكس في تحصيله الدراسي الذي تدهور، مع ظهور حول في عينه اليمنى.
هذه الحالة هي نموذج للعديد من الأطفال والشباب الذين أصبحوا يقعون ضحية أصدقاء السوء الذين يستغلون ضعفهم وجهلهم وعدم درايتهم في فداحة ما سيقعون فيه جرّاء الانسياق لهم، حيث يبالغون في وصف حالة النشوة التي سيصل المستخدم لها، وتوفيرهم للظروف الملائمة، وفي بعض الأحيان تكون للتجارب الأولى عواقب وخيمة تؤدي إلى الوفاة.
وأشارت الدراسات أن هذا النوع من الإدمان ينتشر بكثرة في أواسط الأطفال والمراهقين اللذين تتراوح أعمارهم مابين (8-16) سنة، وينتمون إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، ويتركز خاصة في أطفال العائلات المتفككة وغير المتزنة. ويسهل حصولهم عليها لأن هذه المركبات غير خاضعة للرقابة القانونية، وتتواجد في المخازن والبقالات بأسعار زهيدة.
وفي هذا الشأن وضحت الدكتورة فاطمة كعكي – رئيسة القسم النسائي واليافعين بمستشفى الأمل بجدة – أنه عند إستنشاق المركب لأول مرة يبدأ نوع من التنبيه والاستثارة الذي يولد إحساسًا بالنشوة بالإضافة إلى دوار مقبول ومستعذب وتستمر هذه الحالة من السكر تبعاً للمقدار المستهلك حوالي (15-45) دقيقة، ومن الممكن إطالة المدة إلى عدة ساعات إذا استمر استنشاق الأبخرة من وقت لآخر. وقد يحدث هذا لبعض الأفراد أن يفقدوا توازنهم وتختل عندهم الأفكار والآراء، ويضطرب إدراكهم للألوان والأصوات وأشكال الأشياء، ويصابون بنوع من الهلوسة في الرؤية أو السمع؛ أي أنهم يتوهمون رؤية بعض الأجسام أو يسمعون بعض الأصوات التي لا أصل لها.
وعن مخاطر هذا النوع من الإدمان أشارت أن هذا النوع من الإدمان يعد شديد السميّة، وعند إستنشاقه فإنه يصل سريعاً إلى المخ وإلى الدورة الدموية و خلايا الجسم وأجهزته، وبالتالي تسبب تلف الأعضاء التي تلامسها وخاصة في مستوى القصبات الرئوية والرئتين والكبد والكليتين والدماغ وجميع كريات الدم، وكذلك تلعب الحالة النفسية دورها.
وعن أبرز العلامات والسلوكيات التي تكشف لنا الطفل المدمن: انتشار رائحة المعطرات في الغرف، ووجود العبوات الفارغة، وأن يفقد الطفل سيطرته على عضلاته وسيره بمشية تشبه الرقص، وميوعة في النطق، ونعاس مستمر وخاصة إذا كان الطفل قد تعاطى تلك المادة حديثًا. كما يفقد الطفل شهيته ويقل اهتمامه بالمدرسة وعائلته، وعدم تناسق الحركات وفقدان حالات الحذر الطبيعية واضطراب الإحساس. وقد تنجم بعض الانفجارات الخطيرة كون هذه المركبات سريعة الإشتعال. وأيضاً تظهر على الطفل سلوكيات عدوانية وأخلاق اجتماعية شرسة جدًّا فيقوم بأعمال طائشة قد تقضي على حياته، وقد يفضي به الأمر للاعتداء على رفاقه وعلى أعز أصدقائه. وإذا كان التعاطي مستمرا فإنه سيشاهد حالات من السيلان من الأنفي المفرطة، وتخرش الأنف والقنوات الدمعية كالحالة المرافقة للزكام الشديد.
إدمانٌ جديد يجتاح أطفالنا.. فاحذروا
- أخبار
- سيدتي - ليلى باعطية
- 03 أبريل 2016