تحتضن السعودية بين الحين والآخر الكثير من المهرجانات السينمائية، مثل: مهرجان الفيلم السعودي، ومهرجان جدة والدمام. ومؤخراً، أقيم مهرجان الشباب للأفلام في جدة، تحت رعاية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حيث كان اللافت في هذا المهرجان مشاركة عدد كبير من الأفلام المحلية، وحصول العديد منها على جوائز.
"سيِّدتي" في هذا التقرير ترصد آراء بعض الفنانين والمختصّين حول أهمية المهرجانات السينمائية والأفلام الشبابية المستقلّة في صناعة السينما في السعودية، التي لا توجد فيها دور عرض سينمائية؛ وهذا الحراك يبشّر بقرب موعد وجود سينما، ويمهّد المجتمع السعودي لقبول ذلك.
الفنان فايز المالكي أشاد بما تمّ تقديمه في السنوات الأخيرة من أفلام سعودية ذات مستوى عالٍ في العديد من المهرجانات المحلية والعربية والعالمية، معتبراً أن تشكيل هوية للفيلم المحليّ من خلال الشباب المبدعين سيُسهم في قيام صناعة حقيقية وبنية تحتية للسينما في السعودية، وهي التي أسهم فيها من خلال فيلمه "مناحي" الذي قدمه منذ سنوات من إنتاج "روتانا".
وأوضح المالكي أنه وغيره من الفنانين السعوديين يتمنّون وجود صناعة للفيلم والسينما المحلية؛ نظراً لما يمثله ذلك من قيمة ثقافية وفنية وتجارية تُضاف إلى الفنّ السعودي، وفق ضوابط وأطر تحددها الدولة ويتّفق عليها المجتمع.
وصرّح المخرج ممدوح سالم بأنّ المهرجانات السينمائية العديدة في السعودية تمثل حراكاً فنياً وثقافياً وتبادلاً للخبرات بين الشباب السينمائيين السعوديين، معتبراً أنها في ظلّ غياب السينما في السعودية تبقى البديل المناسب للشباب من صناع الأفلام، وأضاف: "الأفلام المستقلّة برزت في السعودية منذ ما يقارب عشر سنوات، والآن يوجد أكثر من 500 فيلم في السعودية منوعة بين الأفلام الطويلة، وهي قليلة، والأفلام القصيرة والوثائقية والتحريك. وصناعة هذه الأفلام تقوم على جهود ذاتية، والقليل منها مدعوم".
وقال في تصريح خاص لـ "سيِّدتي نت": مهرجان الشباب للأفلام الذي عقد منذ أيام في جدة وكنت مديره كان مدعوماً من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهي جهة حكومية، وأشكرها كثيراً على هذا الدعم. ولكن الأمر لا يقتصر على إقامة مهرجانات سينمائية، فلا بدّ من توفير البنية التحتية لصناعة السينما في السعودية من خلال التعليم والتدريب للشباب السينمائيين في المعاهد والجامعات، وأيضاً من خلال وجود دور عرض سينمائية في السعودية، والعنصر الثالث هو التمويل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص مع وجود جهة خاصّة لصناعة السينما تكون مسؤولة عن تنظيم صناعة الفيلم المحلي".
وأوضح سالم أنّ المؤسسات الثقافية والحكومية في السعودية لم تعترف رسمياً حتى الآن بصناعة السينما السعودية، وإن كان هناك بعض المحاولات على استحياء من خلال الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، وتابع: "من وجهة نظري السبب الرئيسي لعدم وجود دور عرض سينمائية في السعودية أو عجلة إنتاج للأفلام هو غياب التشريع الرسمي للسينما".
وأكّد أنّ قرار وجود سينما في السعودية قرار حكومي في الجهة الأولى، مشيراً إلى أنّ الدولة، إذا أصدرت القرار، فإنّ جزءاً من المجتمع سيقبل السينما، بينما سيتحفّظ الجزء الآخر، وتابع: "المجتمع السعودي، وخلال السنوات الماضية، كان رافضاً للكثير من الأشياء كجوالات الكاميرا وأجهزة الدشّ. ومع تنظيم الدولة وتقنين هذه الأمور، باتت هذه الأشياء مقبولة اجتماعياً ومتاحة، والأمر ذاته بالنسبة لوجود دور عرض للسينما في السعودية، حيث ستضع الدولة ضوابط معينة لدور العرض".
ورفض ممدوح اعتبار أنّ الفنانين السعوديين فشلوا في استغلال فرصة إنتاج أفلام سعودية تجارية، مثل: "كيف الحال" لهشام الهويش وخالد سامي، و"مناحي" لفايز المالكي، مشيراً إلى أن الفشل لم يكن بسبب الفنانين السعوديين، ولكن بسبب عرض تلك الأفلام في دول أخرى، كما أنّ هذه الأفلام كانت تهدف إلى صنع حالة تسمح لاحقاً بوجود دور عرض في السعودية، وهذا لم يتمّ حتى الآن.
ومن جهته، قال الفنان عبدالإله السناني لـ"سيِّدتي نت": "مهرجان الشباب للأفلام، الذي شاركت فيه كعضو لجنة تحكيم أيقونة ثقافية لكلّ سينمائي حقيقي، وقد اجتمعت فيه جهتان هامتان، هما: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وجامعة عفت، حيث تبلور هذا المهرجان من خلالهما، وأصبح هناك تنظيم لا عرض أفلام فقط. وهذا تأسيس نواة حقيقية لصناعة الأفلام السعودية، حيث تمّ تقديم ورش عمل يومياً خلال فعاليات المهرجان من قبل متخصصين في علوم السينما من جامعة عفت، ومن طلبة تخصصات السينما في جامعة عفت، وهم موهوبون ومؤسسون بشكل أكاديمي، وقدّموا أعمالاً ذات قيمة، وفازوا بعدة جوائز في المهرجان".
وشدّد على أن المهرجان يعدّ أول مهرجان سينمائي تتبناه الدولة من خلال رعاية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، معتبراً ذلك خطوة مهمة للغاية، إذ يعدّ أول اعتراف من الدولة بالسينما في وجهة نظره، مبيناً أن هذه المهرجانات تصبّ في صالح المواهب الصاعدة من الشباب والفتيات، وتمثل تشجيعاً وإعطاء دفعة ودماء جديدة للسينما السعودية مستقبلاً.
وأضاف السناني: "أعتقد أنّ هناك تطوراً كبيراً في مجال صناعة الفيلم المحليّ من خلال الشباب الذين يعبّرون عن شريحة هامة في المجتمع، وهذا هو الأهم من وجهة نظري، أي وجود صناع للسينما، وليس المهم وجود دور العرض".
أكثر من 500 فيلم بدون دور عرض محلية بالسعودية! المهرجانات السينمائية لا تصنع سينما في السعودية