أطلق عليهم «الطوافون والطوافات»، أي متاع البيت، يدخلونه فيُرحَمون، يأكلون ويشربون، يشاهد بعضنا تلك المخلوقات الضعيفة تأوي إلى منزله طالبةً قوت يومها؛ فتُرجم أو تُركل لتذهب إلى النفايات الملوثة وتأكل منها، وتدهس يومياً تحت عجلات السيارات، حتى بعد موتها تبقى جثثاً على قارعة الطريق لتتحلل وتختفي، والنتيجة الطبيعية أمراض وأوبئة، «سيدتي» قامت ببحث مطوّل عن أهم الدراسات والحلول الخاصة بهذه القضية، وكان هذا ما وجدته دراسات أمريكية عدة أثبتت انخفاض متوسط عمر القطط من 15 سنة إلى سنتين مع التقدم العمراني للمدن، وأن بعض الدول أوجدت حلولاً للحد من معاناة هذه المخلوقات، كمستعمرات القطط المتواجدة في عدد من الدول الغربية. لكن ماذا عن السعودية؟.
مرسوم للرفق بالحيوان
تواصلت «سيدتي» مع وزارة الزراعة لمعرفة، هل لمثل هذه المسألة مكان في لوائحها التنظيمية؟ لتزودنا الوزارة بأوراق رسمية لمرسوم ملكي يقر قبل عامين، نظام «الرفق بالحيوان» لدول مجلس التعاون الخليجي عام 2011، «مرفق في الصور، الأنظمة والأحكام المتعلقة بالنظام».
كما لاحظنا أثناء البحث، أنه في السنوات الأخيرة اكتسحت موجة شبابية مواقع التواصل الاجتماعي، تعدت الـ30 حساباً، خاصاً بالرفق بالحيوان وتوفير احتياجاته، وعلى سبيل المثال وليس الحصر:
soft paws
mercy paws
open paws
gus’s hope
kitty tender love and care
riyadhcats
save a life
عيادات جشعة
تشاركنا إسراء محب، طالبة جامعية - 22 عاماً، إحدى مؤسسات فريق «save a life» الذي نفذ حملات الإنقاذ وإطعام قطط الشوارع بعدد من أحياء مدينة جدة، تقول: «رغم أن عائلتي كانت تمنع دخول أي حيوان للمنزل، لكنني وظفت حبي للحيوانات بمساعدة أي حيوان بحاجة لمأوى أو علاج، وإيصاله لمن يستطيع مساعدته؛ أذهب به للعيادة، وأحياناً لا أستطيع التكفل بعلاجه فأقوم بنشر خبر عن هذا الحيوان وحاجته للإنقاذ، وسرعان ما يتفاعل معي بعض الناس، والآن أفكر بحملة يساعد بها كل السكان، بوضع صناديق بجانب بيوتهم وتزويدها بالطعام النظيف والخاص بالقطط، هذا سيساعد في التقليل من إصابتها بأوبئة قد تؤذينا»، تكمل «نصادف الكثير من العوائق، كنظرة أغلبية المجتمع واستهتاره بما نقوم به، واستغلال العيادات البيطرية لنا بمبالغ باهظة، لماذا لا تكون هناك عيادات حكومية بمستوى مباني العيادات الخاصة، والوقوف بوجه التجارة العشوائية؟ فهناك سوق بجنوب جدة لبيع الحيوانات يدمي القلب من المناظر المقززة للأقفاص».
ضد الاتجار ومع التبني
وفي الصدد نفسه، أشارت مياسر بندقجي «27 عاماً»، ربة منزل ولديها أطفال، ومؤسسة لحملة توعوية لمحاربة التجارة بالحيوانات واستغلالها بطرق غير إنسانية، لتقول: «أسعى الآن لنشر ثقافة تبني الحيوانات المشردة في مجتمعنا، ورفض فكرة التجارة بها، وما أقوم به، محاولة إيجاد نظام خاص ورسمي يضمن البيئة الآمنة للحيوان؛ يكفي ما نراه من استهتار بأرواح هذه المخلوقات الضعيفة، لم يخلقوا لنتسلى بهم؛ فالتجّار يبيعون الحيوان مهما كانت علته، والناس يأخذونه إما لعبة لأطفالهم، أو لملء فراغهم، وبمجرد مرض الحيوان، يلقى في الشارع بلا رحمة».
حملة نسائية
وعلى النقيض، تحدثت إلينا هبة خان «31 عاماً»، تاجرة، ومؤسسة لحملة «رفقاً بهم» التطوعية، عن تجارتها، وأكدت: «أنا تاجرة لكنني ضد المتاجر التي تهمل الحيوان وتظلمه، حيواناتي الخاصة أهتم بها وبفصيلتها لأربيها وأدربها تدريباً عالي الجودة وأعرضها للبيع، لكن هناك الحيوانات المنقذة الضعيفة، وهذا ما جعلنا نؤسس (رفقاً بهم)؛ وهدفها التوعية المجتمعية بحقوق الحيوان والرفق به، وإعطاء الحق للحيوانات ذات الاحتياجات الخاصة؛ فهي من حقها الحياة».
محل حيوانات هاجمني لأنني قررت التبليغ عنه
ريفال الرشيدي، في العشرين من العمر، طالبة جامعية، تروي لنا: «عند ذهابي لمحل شهير للحيوانات، رأيت ما تشمئز منه النفس؛ فبعض الحيوانات حبيسة الأقفاص، تأكل فضلاتها من الجوع، والأخرى مريضة، والمكان بحالة مزرية من سوء النظافة، والأدهى أن هذا المحل يحوي بيطريين لعلاج حيوانات الزبائن، وهذا ما جعلني أقرر أن أنحو منحى رسمياً وأقوم بتصوير منظر المكان، وحال الحيوانات وتبليغ وزارة الزراعة، ونشر الفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وقام بتعديل وضعه المشبوه حتى لا يتم إغلاقه».
لائحة مخالفات
تواصلت «سيدتي»مع الدكتور حمد البطشان، وكيل الثروة الحيوانية لوزارة الزارعة؛ لمعرفة كيف يمكن لأي شخص أن يبلّغ عن المخالفات، من حالات تعذيب أو إهمال أو غيرها، ليذكر لنا:
• الاتصال على الغرفة المركزية للطوارئ والمعلومات على الرقم 8002470000 للتبليغ بالمخالفة.
• سيرفع البلاغ لقسم الرفق بالحيوان، ويعد خطاباً بالمعلومات الواردة.
• يبعث لضابط الاتصال المباشر الخاص بالمنطقة؛ فكل منطقة بالمملكة لديها ضابط اتصال مباشر.
• يذهب الضابط لمكان المخالفة، ويسجل محضراً ويرفعه لإدارة قسم الرفق بالحيوان بالوزارة.
• تنفذ العقوبات، والتي تبدأ بـ50 ألف ريـال، وتصل إلى حدود 400 ألف ريال، مع إلغاء ترخيص المنشأة بشكل نهائي، وذلك في حال تكرار المخالفة أربع مرات خلال العام ذاته.
البطشان: «نحن نفتخر بما يصلنا من جهود شبابية بمجال الرفق بالحيوان، وبصدد إنشاء جمعية رسمية حكومية تضم جهودهم وتدعمها».
وفي أثناء حديثنا مع د. البطشان، أشاد بجهود الشباب والفتيات بجميع مناطق المملكة في حملات الرفق بالحيوان، ومحاولاتهم المستمرة بالتعاون مع الوزارة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو الغرفة المركزية، ويقول: «هؤلاء الشباب فخر لنا، يحاولون مساندتنا عن طريق حملاتهم ومواقعهم الإلكترونية، وأن يكونوا أعيننا على المجتمع، جهودهم قوية ورائعة؛ فنحن وهم شركاء في توعية المجتمع بثقافة الرفق بالحيوان؛ لذلك تسعى الوزارة الآن لإنشاء جمعية للرفق بالحيوان، وتمت مخاطبة وزارة الشؤون الاجتماعية بذلك، وجاءنا الرد مشجعاً جداً، وهناك أيضاً مخاطبة للمقام السامي بهذا الخصوص، وهذه الجمعية ستكون عملاً مشتركاً بين الوزارة والمهتمين بالرفق بالحيوان».
عالم غامض مليء بالغرائب والسحر، وجد فيه مجموعة من الشباب متعة المخاطرة والمجازفة لاكتشاف مافيه من كائنات بحرية، تعرفوا عليه في عدد سيدتي 1834 المتوفر في الأسواق