بعد أن تجاوزت المرأة السعودية العديد من الحواجز في اتجاه تحقيق طموحاتها، وإثبات ذاتها، استطاعت من خلال كسب ثقة الحكومة والمجتمع أن تجاور شقيقها الرجل في تبوؤ أعلى المناصب؛ حتى يصبح لها دور أساسي وفاعل في تنمية المجتمع، وتصدره أعلى مراتب التقدم بين دول العالم.
ولأن «سيدتي» تسعى على الدوام لمشاركة المرأة السعودية نجاحاتها، توجهت إلى «ميناء الملك عبدالله»، الذي يعد أوّل منفذ حيويّ على المستوى الوطني يوظف أكثر من 100 امرأة سعودية من ذوات الطموح والخبرة. وعلى مدار 3 سنوات من خلال توفير تدريب مكثف لهن على مستوى عالٍ أصبحن مستعدات لإدارة العديد من أقسام الميناء عند انطلاقه.
كان لقاؤنا مع الموظفات مليئاً بمشاعر الحماس، والحوار معهن كان يعكس مدى فخرهن بأنفسهن بما حققنه من إنجازٍ وتطور، والتفوق في أعمال يقوم بها الرجال.
الحماسة والطموح سر النجاح
كانت البداية مع «بسمة الرابغي» 32 سنة –«مشرف مركز التحكم»- وقد أثارت استغرابنا كون تخصصها الجامعي كان «محاسبة»، وعملها الحالي مختلف كلياً عن ما درسته، وهو جديد كلياً أيضاً على مستوى السعودية، وفي هذا الشأن قالت: الحماسة والطموح والعمل في الميناء هو ما جعلني أقبل العمل في مجال يختلف عن تخصص دراستي. ولكن بعد مرحلة تدريب نظرية استمرت 3 أشهر انتقلنا بعد ذلك إلى مدينة الملك عبدالله، وحاكينا الذي قمنا بدراسته مسبقاً واقعاً ملموساً بجميع الحالات والأجواء المناخية.
«سمر البلادي» 33 سنة، «مشرف مركز التحكم»، قدِمت للعمل في الميناء، ولم يكن لديها خلفية مسبقة عن طبيعة العمل؛ كون تخصصها الجامعي كان «نظم معلومات إدارية»، ولم يكن هناك زيارة مسبقة لها للميناء سوى من خلال الصور والفيديوهات التي يشاهدنها. وقالت: خلال مرحلة التدريب تجاوزنا صعوبات كثيرة، وكان التركيز خلالها على أمرين اللغة الإنجليزية والحاسب من خلال توفير مدربات متمرسات فيها، ثم انتقلنا إلى الميناء وبدأنا العمل الميداني.
قسم «العمليات»
«إيمان صبحي» 30 سنة –مسؤولة علاقات الموظفين بشركة محطة حاويات وطنية– بدايةً تم تعيينها في الميناء في قسم «العمليات»، وبعد سنة منحتها الشركة الثقة، وانتقلت إلى قسم الموارد البشرية بعد أن لمسوا الطموح الذي يملؤها؛ لتبدأ بعدها رحلة النجاح وإثبات جدارتها. قالت: كنساء سعوديات كنّا نجهل في البداية كل ما يتعلق بالميناء والمحطات، لكن استطعنا التغلب على ذلك كون الشركة وفرت لنا خبيرة تدريب موانئ عالمية، فتدربنا على التدريب التقني، «والآي تي»، واللغة الإنجليزية؛ لنتخطى بذلك جميع الصعوبات. وأضافت: طموحي كان هو الحصول على تعليم وتدريب على مستوى عالٍ، وأتطور، وأن أسهم في وضع الخطط وتنفيذها على أرض الواقع بناءً على تخصصي الجامعي «تطوير وتنظيم إداري».
وأخيراً أطمح أن تكون أعداد السعوديين أكبر من الجنسين في الميناء؛ كونهم أثبتوا جدارتهم.
«روان باعامر» 30 سنة- «آي تي برودكس سوبورت»، قالت: يمثل لي العمل في الميناء فرصة استطعت من خلالها تحقيق طموحاتي، والتدريب المستمر ساعد على وصولهم لهذه المرحلة الحالية، ومازلت أسعى للتطور أكثر. وأكملت: إضافةً للأثر المهني الذي حققته، حققت أيضاً أثراً اجتماعياً من خلال ارتباطي بأحد موظفي الشركة؛ لذلك يعني لي العمل في الميناء الشيء الكبير.
قصة غرام
«مشاعل النفيعي» 29 سنة -«منسقة التصاميم الهندسية»– حكت لنا عن تفاصيل قصة الغرام التي وقعت لها تجاه العمل في «ميناء الملك عبدالله»؛ حيث قالت: كون ما درسته خلال مرحلتي البكالوريوس والماجستير في الهندسة المدنية مارسته واقعاً في الميناء منذ كان تحت الإنشاء جعلني أغرم بالعمل، ومنحني الإحساس بأني «محظوظة»، وانتقلت على إثر ذلك من الرياض، فبيئة العمل بين أفرادها رائعة ومتعاونة، مع الخصوصية الكافية التي تم توفيرها لكل فرد في ممارسة عمله، وتأدية مهامه والإنجاز. وأضافت: تم مؤخراً تسليمي مشروع «اللانس كيبينج» من خلال التنسيق والهندسة والسعي؛ لتقديم أفضل الحلول للـ50 سنة القادمة، ونسعى للانتقال للعالم الأول؛ كون الميناء يعتبر من أضخم الموانئ على مستوى العالم.
«الفيصل» في زيارته للميناء: عملكن عن 100 «رجّال»
في الرابع من شهر أبريل الماضي قام مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، بزيارة ميناء الملك عبدالله، وهناك التقى الموظفات اللواتي امتلأن فرحاً لهذا اللقاء، وعن أثرها قالت «سمر البلادي»: كان الفيصل سعيداً جداً بما أنجزناه، وشرحنا لأدوارنا؛ ليمنحنا ذلك حافزاً للاستمرار في الإنجاز. و«بسمة الرابغي»: لن أنسى كلمات الفيصل حين قال لنا: أنا فخورٌ بكن؛ لأن عملكن عن 100 رجّال، وذلك كان كفيلاً أن ينسينا حينها تعبنا. و«إيمان صبحي»: عكست زيارة الفيصل فخر الحكومة السعودية بما تقدمه النساء السعوديات على الميناء كأول تجربة بإدارتهن للعمليات، وإداراتهن للموارد البشرية، والتي توضح مدى ثقتهم تجاهنا.
ميناء الملك عبدالله
ميناء الملك عبد الله هو أحدث ميناء تجاري متكامل الخدمات في المملكة العربية السعودية والمنطقة، يقع في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ويتميّز بموقعه الجغرافي الاستراتيجي وخدماته المتكاملة من خلال استخدام أحدث التقنيات على أيدي أخصائيّين متمرّسين في هذا المجال.
يعدّ أوّل منفذ حيويّ على المستوى الوطني حيث يمتلكه القطاع الخاص وتديره جهة تنظيميّة واحدة، وسيسهم هذا في تعزيز موقعه على خريطة الموانئ العالمية كنموذج رائد في إدارة الأعمال البحرية في المملكة العربية السعودية.
يتميّز موقع ميناء الملك عبد الله بقربه من المراكز الصناعية والسكانية في السعودية، وقد تمّ تصميمه لزيادة الكفاءة والسرعة في عمليات النقل البحري.
يعد مركز جذب للاستثمارات التجاريّة والصناعيّة بشكل مطّرد. فخلال عام 2014 استوعب البحر الأحمر مرور أكثر من 6 آلاف سفينة محملة بأكثر من 42 مليون حاوية.
وجوده مباشرة على خط آسيا أوروبا الرئيس سيسهم في تقليص مدة نقل البضائع بين القارتين بمعدل 5 إلى 7 أيام.