«زرياب» لم يمت حتى لو حاولوا قتله وكسر عوده وقطع وتره الخامس، زرياب ما يزال حتى اللحظة حياً بصوته ومقاماته، بأندلسه الحبيب، ما زال يتجول مدندناً بشوارع بغداد والشام وفلسطين والحجاز، وحتى اللحظة يرفع «بياته وصباه وكرده وعجمه».
هذا ما قدمه المخرج الأردني «فراس المصري» بالعرض الإماراتي «مرثية الوتر الخامس» الذي ألفه الكاتب والروائي الأردني الكبير «مفلح العدوان» وأداه الفنان الإماراتي «عبد الله مسعود»، ضمن ثاني أيام فعاليات مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي بدورته الحادية عشرة «المسرح في مواجهة الفكر المتطرف» على المسرح الدائري بالمركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان.
«مونودراما» الموسيقى..
بعد قرابة الأربعة أعوام من الانقطاع، يعود الفنان الإماراتي عبدالله مسعود إلى الخشبة، بيده عود زرياب، متقمصاً روحه.
زرياب الذي قتلوه وحاولوا حرمانه من وتره الخامس، ومن مقاماته وغنائه، عاد أيضاً هو الآخر من بين كلمات العدوان وبرؤيا المصري وموسيقى عامر محمد، كي يستعيد حقه بالجمال والحياة والفن، محارباً هؤلاء الذين ما ينفكون يطاردون السلام والجمال بالسكين والبارود.
وضعه المصري داخل الوقت المتوقف بلا عقارب، فهو الآن في اللازمان واللامكان، يحكي قصته وينادي على شوارع العواصم التي تربى بها صوته.
داخل اللازمان..
استعان المصري بديكورات العمل برمزيات واضحة، لكنها تحمل الكثير من العمق، فاستعان بساعة بلا عقارب، كي يحكي قصة الوقت الميت واللامتناهي التي تعيشه الأرواح، فبقي عمل مسعود داخلها، واستعان بسلالم كانت تأخذ المتلقي بكل مشهد لرمزية جديدة في كل مشهد، فكان بلحظة ما منبر الخليفة هارون الرشيد، وكانت سلالم موسيقية تارة أخرى، وأخرى كانت بندول الساعة الذي لا يتوقف، فكان المصري الذي صنع السينوغرافيا بنفسه كعادته بأي من أعماله، ناجحاً إلى حدٍ كبير، فخدمت السينوغرافيا ككل فحوى العمل وأدائه.
عبد الله مسعود.. وحده كان زرياب
يبدو أن الفنان الإماراتي عبدالله مسعود كان يحشد الكثير من الشخصيات خلال السنوات الأربع التي غابها، فكان وحده على الخشبة فرقة مسرحية كاملة من الممثلين والشخصيات والحالات، ببراعة لمحترف وحنكته استطاع أن يقلب الشخصيات بخفة بالغة، وينتقل من «الخليفة هارون الرشيد» ومعلم زرياب «إسحاق الموصلي» وغيرهم، بدون أن يشعر المتلقي بثقل الانتقال بين هذه الأرواح جميعها، ظل مسعود جاذباً حضور العرض حتى اللحظة الأخيرة دون ملل أو تململ.
العرض الإماراتي.. روح زرياب ترفع صوتها بالغناء
- ثقافة وفنون
- سيدتي - نت
- 16 مايو 2016