على فوهة بركان ساخن تعيش المطلقات والأرامل، في مواجهة عدة جبهات منها مشاكل اجتماعية ومادية وصحية، إضافة إلى نظرات ترصد تحركاتهن وتحصي أنفاسهن، وتوجه لهن الاتهامات جزافاً، ولعل منها محاولاتهن لفت الأنظار وخطف الأزواج، وهو ما يشعل نار الغيرة لدى الزوجات، وللهروب من هذا الواقع تؤكد قوائم مأذوني الأنكحة الزيادة في نسب زواج المسيار من مطلقات وأرامل من شباب يصغرونهن بأعوام عديدة.
غيرة السلفات
بأسى بالغ استعادت أمل محمد عسيري، ربة منزل تفاصيل حياتها التي مرت أمام ناظريها كشريط سينمائي ولخصتها بقولها: تزوجت وأنا لا أزال في سن السادسة عشرة من عمري، وما إن بلغت الخامسة والعشرين إلا ووجدت نفسي أحمل لقب أرملة، وأماً لستة أطفال، وكنت أحظى أنا وأبنائي برعاية واهتمام والد زوجي، رحمه الله وأشقائه، كما أن والدة زوجي كانت تخصني باهتمام خاص كوني أرملة، وهو ما جعلني محط غيرة من قبل سلفاتي اللواتي، وحين تقدم لي أحد أشقاء زوجي بناء على رغبة والدته، قمت برفض الفكرة جملة وتفصيلاً؛ تفادياً للكثير من المشاكل، ومع ذلك لم أسلم من ردة فعل زوجته واتهاماتها لي بمحاولة خطف زوجها.
زوجة الأخ
أما سارة عبيد، فقد واجهت الغيرة من زوجة أخيها التي كانت تترصد لها ولأبنائها، فما إن حصلت على الطلاق من زوجها بعد سلسلة من المشاكل، عادت لتقيم مع أهلها مع طفليها، وهو ما لم يعجب زوجة أخيها التي أعمتها نار الغيرة من اهتمام زوجها بشقيقته وأبنائها، واقتطاعه جزءاً من راتبه لها لتضيفه إلى راتب الضمان الاجتماعي وتلبي به احتياجاتها واحتياجات أطفالها الثلاثة.
ثقة بالنفس
أم سعد، التي التقيناها داخل أروقة جمعية مودة الخيرية، أطلقت تنهيدة عميقة، أكدت على أنها وبعد تجربتها المريرة في الزواج وخوض سلسلة من المشاكل التي كان يفتعلها زوجها بشكل يومي، وشهدت نهاية سيناريوهاتها أقسام الشرطة والمحاكم، باتت في غنى عن التفكير بإعادة تجربة الزواج، وأضافت: شخصياً أرى أنني امرأة قوية، وأفتخر بأنني استطعت أن أتخذ قرار الطلاق، وأن أحارب بكل بسالة في سبيل نيل حريتي، لذلك لا تهمني نظرة المجتمع ولا همسات النساء؛ لأنني لا أفكر أصلاً في الزواج.
الضحية
الكاتبة هبة قاضي، ومن واقع تجربتها الشخصية كمطلقة منذ سنوات، نفت مواجهتها لأي إحساس بالغيرة من قبل السيدات، أو بطمع الرجال بها، وتبرر ذلك بقولها: المرأة المطلقة هي من تعطي الانطباع عن نفسها وفكرها من خلال تصرفاتها وطريقة حياتها، وأنا عن نفسي ومن خلال احتكاكي المباشر بمجموعة كبيرة من الأصدقاء من الجنسين، ومن خلال كتاباتي عن المرأة وتمكينها، ربما استطعت أن أضع حدوداً للتعامل مع الآخرين، ولم أقم بإعطاء ذلك الانطباع السائد عن بعض المطلقات بتقمص دور الضحية التي لا حول لها ولا قوة، وليس هناك أمر يشغل فكرها سوى خوض تجربة الزواج من جديد، والقيام بأي شيء مقابل الحصول على أي زوج تثبت من خلاله أنها لا تزال سيدة مرغوباً بها وصالحة للزواج.
الجارة الجميلة
وأيدت رماز الفوزان، معلمة تربية خاصة، طمع كثير من الأزواج بالزواج من مطلقة أو أرملة، وأنا شخصياً لن أمنع زوجي من الاهتمام وتقديم أي مساعدة لأي أرملة أو مطلقة، على ألا يتجاوز ذلك حدود الشرع والعادات والتقاليد، وسأذكر لكم قصة جارتنا الثلاثينية التي توفي زوجها تاركاً لها طفلين، وكيف تسابق سكان العمارة من الرجال في تقديم مساعداتهم لها، ما أثار غيرة الزوجات خصوصاً وأنها تتمتع بنصيب وافر من الجمال، ولم يهدأ بال الزوجات إلا بزواج الجارة الأرملة وانتقالها للسكن في حي آخر.
رأي شاب
الشاب بدر المانع، فوجئ من سؤالنا له عن مدى إمكانية قبوله الزواج من أرملة أو مطلقة، وبعد تفكير لبضع دقائق قال: نعم، أقبل بالزواج من أرملة أو مطلقة، فيكفي ما تواجهه المطلقة تحديداً في مجتمعاتنا من ظلم كبير واضطهاد ودفع ثمن باهظ من سمعتها، بل تصبح حياتها وتصرفاتها تحت المراقبة؛ لذا من حقها أن تبدأ صفحة جديدة من حياتها مع شخص آخر دون أن يلاحقها شبح الماضي، ودون أن توجه لها اتهامات جديدة باختطاف الرجال.
ظاهرة المسيار
ومن جانبه، أكد المستشار الأسري ناصر الثبيتي، على تفشي ظاهرة زواج المسيار في المجتمع السعودي في الفترة الأخيرة من مطلقات وأرامل من شباب يصغرونهن كثيراً في السن، وتتحقق بذلك المصلحة في الزواج، فمعظم هؤلاء المطلقات والأرامل يمتلكن المسكن والمورد المالي، إما من عملهن أو من الضمان الاجتماعي وغيره من المصادر، أما الشباب العرسان فيكون الغالب إقبالهم على هذا الزواج من باب الطمع أحياناً، وعدم قدرتهم على توفير متطلبات الزواج من سكن وخلافه، ومن هنا يجد كل منهم ضالته، وهو ما يجعل حصول أحدهما على الآخر صيداً سهلاً للزواج دون تكاليف أو شروط تعجيزية.
الرأي النفسي: المرأة عدوة المرأة
الاختصاصية النفسية منى يوسف، ترى أن مشاكل المرأة في المجتمع السعودي نابعة من المرأة نفسها، باعتبار أن المرأة عدوة للمرأة، إضافة إلى نظرة المجتمع للمرأة المطلقة والأرملة، وحتى العانس، على أنها قاصر ولا يمكنها القيام برعاية نفسها وأبنائها إلا بواسطة رجل، وهو ما يجعل الكثيرات منهن يواجهن ضغوطاً واضطرابات نفسية، ما يؤدي إلى لجوء البعض منهن للزواج بأي طريقة ومن أي شخص، فقط للتخلص من تلك النظرة السلبية، وإن كان ذلك يعرضهن للانزلاق في دائرة أخرى من المشاكل التي لا حصر لها.
الرأي الشرعي
من الناحية الشرعية، أكد الشيخ عبدالله الروقي، على حث الدين الإسلامي على القيام على الأرملة أو المطلقة، سواء كانت أختاً أو بنتاً أو عمة أو خالة أو قريبة، وهو من أفضل الأعمال، فيقوم من وفقه الله على الإنفاق عليها وتعاهد شؤونها وقضاء حوائجها وتذليل الصعاب التي تواجهها في الحياة، والوقوف معها في تحديات العيش ومصاعبه.
والواجب على المسلم التعاون في هذا الأمر، ولا ينظر إلى تخاذل قريب لها أو غيرة زوجة في غير محلها وغيره، فلهؤلاء النساء حقوقهن على المجتمع، لصيانتهن وحفظهن، مع إعانتهن على أسباب النجاح والإنتاج على وجه لا يخالف الشرع المطهر؛ حتى يقمن بواجباتهن تجاه ولد أو والد، وللأسف قد ينسى أو يتناسى البعض حقوق هؤلاء النسوة، فيفرطون في ذلك، ويتركون ما أوجب الله عليهم من الرعاية وأداء الأمانة.
نظرة المجتمع للمطلقة
يشير الدكتور إبراهيم الحمود، إلى نظرة المجتمع الدونية القاسية للمطلقة كأنها ارتكبت ذنباً أو خطيئة، فهي في نظر أبناء المجتمع غير صالحة للتزويج، وقد فاتها قطار الحظ، وأنها مصدر للمتاعب والمشاق، وقد فقدت دورها في الحياة، بالإضافة إلى نظرة كره وأنانية من بنات جنسها؛ خوفاً على أزواجهن منها.
لا يفوتكم قراءة "التجمهر حول الحادث للمساعدة أم للفضول؟" في عدد سيدتي 1887 المتوفر في الأسواق