بدأت أسارير الفرح والسرور تظهر على الطلبة والأسر والمعلمين مع انتهاء العام الدِّراسي، ومضي مرحلة الاختبارات، وبدأ الجميع يردد بأسى وحزن «اجازة طويلة يعني ملل!» في حين ردد البعض الآخر بفرح واغتباط «الحمد لله رح نرتاح من الدراسة والهم» وبين اختلاف الآراء بين المربين والتربويين والطلبة تنقلت «سيدتي» لطرح الآراء والحلول من وجهة نظر المجتمع.
السهر وجهاز المحمول
فتعبر لنا الطالبة سمارا عاشور 18 عاماً، تخرجت هذا العام وتحكي وهي تتنهد بصوت مسموع كله مرارة وحسرة: أحس بالممل منذ بداية الاختبارات، فليس هناك شيء أعمله، سوى السهر في الليل على التلفاز أو جهاز المحمول أو محادثة صديقاتي بالجوال، وهذا العام الإجازة طويلة، أطول من العادة، ولكن يمكن أن تستفيد منها في أشياء عديدة مثلاً، التسجيل في معهد لتعلم لغة جديدة، أو السفر والسياحة، كما يمكن استغلال شهر رمضان في زيادة الطاعات، وبالنسبة لي ليس هناك هدف محدد لأنَّه لا يوجد من يرشدني لذلك. ولكن أحاول الاعتماد على نفسي وقد بدأت في الخروج يومياً للبحث عن وظيفة للطالبات أو شيء مفيد أشغل به نفسي.
استغلال المواهب
بيان داود 19 عاماً، على خلاف سمارا تحدثت في وصفها للفراغ الذي أحست به مع بدء الإجازة فتخبرنا وهي متحمسة وفي عينيها نظرة سعادة مع حيرة: بدأ الفراغ يتسلل إليَّ مع بدء الإجازة، ولكن أنا امتلك موهبة الرسم فقررت أن استغلها وأنميها من خلال الالتحاق بمعهد، كما أنَّني أود أن أتعلم اللغة الإسبانيَّة وأحصل على شهادة فيها للاستفادة مستقبلاً منها، علينا أن نستغل وقتنا بما هو مفيد لنا بتوزيع أيام العطلة من خلال جدول تقسم فيه أيام الإجازة ونحدد في كل يوم النشاط الذي سنقوم به والأعمال التي ننجزها حتى نشعر بالفخر والإنجاز.
أما بالنسبة للمعلمين فذكر المعلم عادل الزهراني ( 39 عاماً)، أنَّه يجب استغلال الإجازة الطويلة لهذا العام بما ينفع من خلال الالتحاق بأندية الحي أو برنامج إجازتي الذي أطلقته وزارة التعليم هذا العام، كما أنَّ هناك أندية صيفيَّة يمكن للطلبة الالتحاق بها، وبتنظيم الوقت يمكن أيضاً استغلال الثلاثة أشهر في عمل جولة سياحيَّة على مناطق المملكة، حيث هناك مهرجانات عديدة وملتقيات في وطننا بالتعاون مع بعض المؤسسات التي تقيم دورات تدريبية تطويريَّة، كما يمكن تعلم بعض الحرف، وهذا كله يعود لتوجيهات الوالدين ودعمهما لأبنائهما في استغلال هذا الوقت.
التسلية والبعد عن العمل
وذكرت هوزان كتبي، إدارية في جامعة الملك سعود (37 عاما)، أنَّ الهدف من الاجازة هو تغيير جو العمل والتسلية، لكن قد يكون طول وقت الإجازة فرصة لوجود وقت فراغ كبير، وقد تضيع أوقات كثير من الناس من دون فائدة تذكر أو عمل شيء مفيد، فلا بد من تنظيم الوقت، ويتعدى ذلك مجرد ترتيب المواعيد إلى ربط الوقت بالأهداف والدقة، ولا بد من ربطه كذلك بالقدرات والإبداعات الشخصيَّة، كما أنَّ التخطيط للقراءة والثقافة يثمر طالب علم وصاحب ثقافة عامة، كما تضيف هوازن: لو تنبه الطلاب في الاجازة الصيفيَّة للتركيز على فنٍّ من الفنون والإبحار به وتعلم تفاصيله لأثمرت جهوده ثمرة عظيمة بدلاً من التنوع في الفنون والعلوم وعدم الاستقرار على فنٍّ معين ما يدفع الطالب إلى الملل والسآمة ثم الانقطاع والترك.
المستشارة الأسرية الدكتورة سحر رجب أجابت عن بعض التساؤلات التي طرحتها عليها «سيدتي نت» بخصوص الإجازة المدرسية الطويلة لهذا العام فقالت: دوماً نرحب بأي اجازة لأنَّها تجديد للنشاط والحيويَّة، وبالذات لو استثمرت بشكل صحيح وبفائدة، لتكون العودة بعد ذلك مشجعة ومعطاءة، في كل محافظة من محافظات مملكتي الحبيبة نجد دورات تدريبية، تعليم بالترفيه، وأي شيء يفيد العقل ويقوي الذاكرة للاستثمار الأمثل. هذا يقودنا للاستدراك والعطاء. ويزيد من الطاقة والحيوية. كما أنَّ تبادل الآراء والأفكار يعطي مناعة ضد التبلد والكسل. فكل شيء خلقه الله بمقدار. وجوبًا على ذلك نحن أمةً وسطا. هنا تأتي الأريحية، إذا تم تقسيم كل شيء برقي واقتدار كانت الفائدة القصوى والمرجوة.
إذا انشغلنا بالتقنيات فقط غير الهادفة وغير المثمرة، فنحن نكون قد دمرنا العقل بكل خلاياه. الاعتدال مطلوب، كما قال علي كرم الله وجهه. روحوا القلب ساعة بعد ساعة. فعلى الأسر أن تكون أمينة على صحة أبنائها، وعدم السماح للأبناء بالسهر للفجر، فهناك خلايا لا تنمو في الدماغ إلا في الظلام وعند النوم والراحة. علينا أخذ هذا الكلام من باب الجدية. فمهما كبر الأبناء نظل راعين لهم. أكرموا ابناءكم بحسن التربية. وعدم السماح لهم أو الخوض في مهاترات أنتم في غنى عنها، كترديد نحن في إجازة، الإجازة ليست في السهر للفجر والنوم للمغرب، أين الفروض، أين الاستفادة من الوقت والعلم والتعلم وزيادة الثقافات؟
