كنا مجموعة من وسائل الإعلام العربية واللبنانية لبّينا الدعوة لقضاء يوم في عاصمة الشمال اللبناني مدينة طرابلس التي تبعد عن بيروت حوالي 85 كيلو متراً. الهدف الرئيس من الدعوة كان ترويجياً سياحياً من خلال زيارة أسواق المدينة القديمة وخاناتها الشهيرة وتذوق مأكولاتها التقليدية وحلوياتها في رحلة جذب مستمرة للحواس لم تخل من المتعة وحس المغامرة .
محطات الرحلة متنوعة بين الآثار في قلعة طرابلس وزيارة جامع المنصوري الكبير والتعرف إلى أحد أشهر معالم طرابلس الأثرية من بقايا الحكم التركي وزيارة الخانات بين خان الصابون وخان الخياطين وسوق النحاس وسوق الصاغة التي حافظت جميعها على طابعها القديم من العهد المملوكي .
أسواق طرابلس لا تشبه إلا أهلها. صندوق فرجة لكل أنواع البضائع والأشغال الحرفية والمنتوجات المحلية وأشهرها الصابون، إذ يعتبر خان الصابون المقصد الأساسي والمعلم التجاري الأكثر شهرة حيث تتوارث العائلات حرفة صناعة الصابون وفقاً للطرق التقليدية .
شوارع وأزقة المدينة نابضة بحياة الساعين وراء أرزاقهم ولقمة العيش، ومنهم بائع الكعكة الطرابلسية والباعة الجوالون على عربات الخضار والفاكهة والعصير. ويبقى لصحن الفول وطبق" الماليزية "والفتة والحمص نكهتها التي لا تقاوم في مطعم "عكره" المشيد على الطراز القديم وسط أجواء التراث اللبناني. ولا تكتمل رحلة التذوق من دون حلاوة الرز والجزرية والمعجوقة من محال توارث أصحابها مهنة صناعة الحلويات التقليدية أباً عن جد في مدينة بنى أبناؤها قصوراً للحلويات وأشهرها "الحلاب" بكل فروعها .
وإذا صودف مرورك في الأسواق القديمة وأنت على عجلة من أمرك ولا وقت كافياً لديك لتناول الغداء أو العشا ء، ينصحك أبناء طرابلس بساندويش المغربية "عالسريع" تليها كعكة معجوقة تفوح منها رائحة ماء الزهر، ولا تختتم رحلتك إلا بكوب من الليموناضة أو شراب التوت في قهوة من مقاهي طرابلس الشعبية القديمة .
من البر إلى البحر تستمر حكايات المدينة بجولة نحو جزرها التسعة الصغيرة عبر مراكب البحر الرابضة على المرفأ في انتظار إما الصيادين أو الزائرين باتجاه جزيرة الأرانب أو جزيرة النخيل أو غيرهما من الجزر التي تحيط بالمدينة ويقصدها هواة السباحة والغطس وصيادو الأسماك. وقد أعلنت منظمة اليونيسكو بعض هذه الجزر محميات طبيعية، وهي غير مأهولة وتعتبر من نقاط الجذب التي تضفي على طرابلس قيمة سياحية وبيئية.
يعود القارب الذي يقلّنا إلى الشاطىء حيث يبدو مشهد المدينة بانورامياً متنوعاً. هذه المدينة التي لطالما التزم صيتها بالصراعات المحلية والحروب الأهلية نراها اليوم بمنظار جديد يرسم في أذهاننا انطباعاً مختلفاً. إنها مدينة تستحق الفرح بما تملكه من عناصر جذب أثرية وتراثية جميلة وتستحق أيضاً أن نقصدها خصيصاً لنكتشف طعماً مختلفاً ونكهة جديدة تضاهي في حلاوتها "حلاوة الجبن" و"حلاوة الرز".
جولة في طرابلس الفيحاء وجزرها الصغيرة
- دليل السفر
- سيدتي - كاتيا دبغي
- 26 يوليو 2016