الوقوف على مسرح هائل كمسرح "جرش"، الذي ضمَّ العديد من عمالقة الفن والغناء العربي والعالمي، هذا حلم أي فنان، وأن تستطيع أن تنشر الفرح والرقص بجانب الأحاسيس الكبيرة على مسرح كالمدرج الجنوبي، ليس بالأمر السهل أبداً، ولكن النجم اللبناني وائل جسّار، ورغم أنها المشاركة الثانية له فقط في مهرجان جرش للثقافة والفنون، إلا أنه أثبت حضوره بين هؤلاء العمالقة الذين سبقوه، وتعامل مع الجماهير كأنه يألفها منذ فترات طويلة، ويعرف أمزجتها جيداً.
وائل جسّار فاق التوقعات وبدا مختلفاً
رغم شخصيته المعروفة بهدوئها ورزانتها، وأغانيه التي اشتهرت باللون الطربي، وبالأحاسيس العالية، فاق النجم اللبنانية وائل جسّار كل هذه التوقعات، وكسر هذه الصورة التي يعرفها عنه جمهوره، فكان أكثر شباباً وحيوية، وبالوقت نفسه حافظ على رزانته وأغانيه التي تشعُّ مشاعراً كبيرة.
دخل جسّار إلى المدرج الجنوبي بعد تقديم أحد أفراد الـ"كورال" له، هادئاً واثقاً من جماهير جرش التي لا شكّ لها هيبة تخطف أنفاس أي فنان يقف أمامها، وبتصفيق حار، حيّت جماهير المدرج الجنوبي نجم ليلتها، وبفرح غامر كان جلياً جداً على وجه نجمهم، حيّاهم هو الآخر.
لم يتنظر جسّار طويلاً حتى يبدأ بالغناء، فاستهل سهرته بأغنية "انتبه ع حالك"، التي ومنذ اللحظة الأولى، كأنه يعد جماهيره من خلالها بالكثير من الكلام الشفّاف الذي يجول في خاطر كل واحد منهم، وعلى لحنها قليل الرقص كثير المشاعر، تمايلت معه الجماهير.
واستمرت عذوبة النجم اللبناني حتى ثاني أغانيه، فقدم للجماهير "جرح الماضي"، فكأن جسّار أراد دخول قلوب الحاضرين في بادئ الأمر، قبل أن يوزع الرقص والفرح عليهم بعد ذلك.
وأثبت النجم اللبناني أنه قادر على أداء جميع الألوان الغنائية، وأنه لن يكتفي بأغانيه الهادئة المعروفة، فأشعل حماسة جماهيره بالرقص، محافظاً بالوقت نفسه على جمال الكلمة والموضوع الذي اعتاده بأعماله الفنية، فقدم بلحن راقص "غريبة الناس"، التي لاقت تفاعلاً كبيراً لدى جمهوره بالمدرجات.
وعاد بعد ذلك يشكو لجماهيره تعب القلب الذي يخلفه فراق الأحبة، مقدماً لهم أغنية "قلبي وقلبك"، فكأن الحضور كان جائعاً لوجبة دسمة من كل هذه المشاعر.
وكان جسّار حريصاً بألحان أعماله التي قدمها بأن لا تكون على نفس الوتيرة، حتى لا يمّل الحاضرون، فداعبهم بالرقص على أنغام "البنت الشلبية"رائعة السيدة فيروز، التي لعب بكلماتها متغزلاً بـ"البنت الأردنية والفلسطينة"، فعرف كيف يشعل هتاف محبيه بشكل كبير، وراقصهم أيضاً من مكانه على المسرح.
وأدرك جسّار سر جماهير جرش، فلم يوقف الرقص والفرح من أغانيه، فبعد "البنت الشلبية"، قدم لهم "حبنا أكبر من كده"، فاستمرت حالة فرح طويلة على امتداد الدقائق القادمة خلال غنائه، فكان كأنه يلعب على أوتار المشاعر حيناً، وحيناً آخر يشعل عرساً لا ينقطع بين الجماهير.
وتكلم بلسان حال جميع العاشقين، حين ينسون كل عتابهم لأحبتهم حال رؤيتهم، ويأخذهم جمال ابتساماتهم إلى كل مكان بعيد عن كلامٍ أعدوه مسبقاً، فقدم "مليون مرة بحبك".
وعاد النجم اللبناني مرة أخرى إلى أعماله الهادئة، التي تحمل الكثير من المشاعر، والتي تحكي العديد من قصص الحب الموجعة حيناً والسعيدة حيناً آخر، فبعد وجبة دسمة من الرقص، قدم للمدرجات أغنية "بعدك بتحبو".
وبالرغم من أن رائعته "مشيت خلاص"، ذات لحن بطيء، وقصة موجعة، إلا أن الفرح الذي كان واضحاً على وجه وائل جسّار، حولها إلى حالة من الرقص، منتشياً بوجوده على مسرح جرش، وبوقوفه أمام جماهيره الهائلة.
وقبيل انتهاء ليلته، قدم النجم اللبناني وائل جسار أغنيته الجديدة "بتقلي بحبك"، والتي كشف لجماهير جرش بأنه يغنيها للمرة الأولى أمام الجماهير، فكانت هديته للأردن ولجميع جماهير المهرجان من كل الدول العربية.
وأنهى جسّار حفله بأغنيته التي تركت بصمة واضحة في مسيرته الفنية، والتي كانت أحد أسباب شهرته وحب الناس له، فقدم "بدي شوفك كل يوم"، والتي كما كان متوقعاً تماماً تفاعلت معها المدرجات بشكل كبير، وردّدوا كلماتها معه.
وهكذا كانت نهاية ليلة من ليالي العمر للنجم اللبناني وائل جسّار والجماهير في آن معاً، كان الحب واضحاً بالمدرجات، والفرح عمّ أروقة وأزقة المدينة الأثرية.
"جسّار" كان سعيداً على المسرح..
بدا واضحاً على النجم اللبناني وائل جسّار، أنه كان سعيداً بشكل حقيقي على المسرح، فكان يتصرف بعفوية كبيرة، وفرح ظاهر على وجهه، فلم يتعامل مع الجماهير على أنه "نجم مشهور" يلتقي معجبيه، بل تعامل كـ"وائل جسّار" الذي يستمتع بالغناء، فكان ودوداً جداً، وسعيداً جداً أيضاً، حتى أنه كان يخرج عن طبيعته الهادئة ويبدأ بالرقص على المسرح، كما عبّر عدة مرات خلال الحفل عن مدى سعادته لوجوده مع الجماهير في جرش.