أشاد الكاتب الإيرلندي الشهير جورج برنارد شو، بقيمة العمل في حياتنا اليوميَّة فقال: كلما عملت أكثر عشت أكثر »، إلا أنَّ كثيرون في القرن الواحد والعشرين يريدون الحصول على المزيد من المتع، والمزيد من المال بأسهل الطرق بلامبالاة لعواقبها، فكثرت الطرق غير المشروعة للحصول على المال وكانت إحداها استجداء الأشخاص عبر الواقع الافتراضي، الذي أحدث الثورة التقنية الهائلة فاستخدموه بالسوء للحصول على ما يبتغون، فكان التسول عبر الشبكة العنكبوتيَّة، الذي خالطه كثير من الاحتيال والحسابات الوهميَّة المزيفة من خلف الشاشات لاستعطاف الأشخاص خلف الدواعي الإنسانيَّة كالمرض والحاجة الشديدة، ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعيَّة وتنوِّعها وتعدُّدها، تفاقمت هذه الظاهرة على مستوى العالم أجمع، وظهرت كثير من الحالات، التي رصدتها الصحف والأخبار والتي استنزفت جيوب الأفراد، وجلبت الآلاف والملايين من الأموال لأغراض واهية مثل الرغبة بأداء إحدى عمليات التجميل أو بغرض السياحة والسفر حول العالم.
عمليَّة التسول عامةً
فهد العامر، المستشار الاجتماعي والأسري، ورئيس وحدة التوجيه والإرشاد بجمعيَّة وفاق، تحدث لـ«سيدتي» عن رأيه في هذه الظاهرة المتصاعدة فقال: أرى أنَّ توجه البعض إلى عمليَّة التسول عامةً، وعبر الشبكات الإلكترونيَّة خاصة تعود لأسباب كثيرة أهمها الكسب المادي، الذي أصبح هوساً بالدرجة الأولى لدى كثيرون في عالمنا اليوم لأي غرض، هو المسبب الأول لهذه الظواهر، بالإضافة إلى التخفي وفقد الهوية في عالمنا الإلكتروني، فسهولة امتهان هذا العمل والشخص في غرفته بمفرده من خلال جهاز حاسوب واتصال بالشبكة العنكبوتيَّة فقط ومن دون وجود أي رقابة خارجيَّة على الشخص من أهل أو معارف أو جهات عليا، وانعدام الرقابة الداخليَّة، وهي الضمير البشري، توفران له بيئة خصبة لهذا السلوك، وذلك عبر استغلال عاطفة الناس ورقة قلوب ثلة من البشر تجاه بعض القضايا الإنسانيَّة الحساسة، وللأسف فإنَّ الغالبيَّة من الأفراد لا يقومون بالتتبع والتثبت من صحة الحالات التي يعرضها هؤلاء المتسولون، فيقعون ضحيَّة لنصب بعض المراهقين أو عصابات محتالة وما يزيد الطين بلة هو قيام بعض المشاهير بإعادة إرسال ونشر هذه الحالات من دون أدنى تأكد من وضع هذه الحالات، وما ساعد على انتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا ضعف الوازع الديني، بالإضافة إلى وجود أيادٍ خفيَّة تقع مصالحها خلف هذا السلوك. واستطرد فذكر دور الأفراد تجاه هذه الظاهرة التي لا تخفى عواقبها الوخيمة على مال المجتمع قبل الفرد فقال: ينبغي على الأفراد والمشتركين في إحدى منصات الشبكة العنكبوتيَّة أو وسائل التواصل الاجتماعيَّة عند الاشتباه في هذه الحالات التأكد لمعرفة صدقها أو كذبها قبل إعادة نشرها وفي حال التثبت من زيفها الإبلاغ عنهم وتحذير الناس من دجلهم، والتوعية بضرورة ربط غالبيَّة الحالات الإنسانيَّة المنشورة بالجمعيات أو مؤسسات المجتمع الخيريَّة المتخصصة، كما أناشد بضرورة وضع عقوبات صارمة للتسول الإلكتروني تدرج ضمن الجرائم الإلكترونيَّة ومحاسبة المخالفين.
دولار واحد
يُذكر أنَّ التسول الإلكتروني قد بدأ في أولى حالاته، التي أساءت الاستخدام للشبكة العنكبوتيَّة في عام 2002م ، وكانت أولى حالات التسول حين أنشأت الأميركيَّة كارين بوسناك موقعاً إلكترونياً كتبت في واجهته (كل ما أحتاجه هو دولار واحد من عشرين ألف شخص، أو دولاران من عشرة آلاف، أو خمسة دولارات من أربعة آلاف شخص)، وكانت العبارة مدعاة للشفقة فساهم كثيرون في التبرع لها ظناً منهم بأنَّ الحالة حرجة، وأوضحت كارين في آخر الأمر وعند اكتمال المبلغ الذي تريده أنّها تورطت في دين ولم تستطع إيفاءه فلجأت إلى هذه الوسيلة، كما صرحت بأنَّ أصدقاء الشبكة العنكبوتيَّة أصدقاء أوفياء وودودون، حينها صعق الشعب الأميركي من الملايين التي جنتها تلك السيدة عبر تلك الوسيلة وكانت السيدة بوسناك حديث العالم آنذاك، أما اليوم فلا بد أنَّ كثيرون سمعوا عن حالات مشابهة أو صادفتهم إحداها في وسائل التواصل الاجتماعيَّة لذا، حتى اللحظة لا توجد إحصاءات دقيقة حول هذه الظاهرة في مجتمعنا العربي وحتى في المجتمعات الغربيَّة، وذلك لصعوبة حصرها.
لقاء حزين وفراق أكثر حزنا بعد 62 عاما من الزواج! تعرفوا على أقسى صورة إنسانية وأكثر المشاهد إيلاما ووجعا في العدد 1854 من مجلة سيدتي المتوافر حاليا في الأسواق.