توافر أجهزة الاتصال الذكية التي تضم عدسة كاميرا متطورة وارتباطها بمواقع التواصل الاجتماعي سهل الأمر على الكثيرين ممن يحبون التقاط الصور لأنفسهم، ثم مشاركتها عبر موقع "ماي سبايس" و"فليكر" وصولاً إلى "فيس بوك" و"تويتر" و"انستغرام".
توضح الاختصاصية الاجتماعية أميرة سلامة أن انتشار ظاهرة الـ"سلفي" بين الأطفال والمراهقين هو أمر طبيعي في سياق تطوّر الأجهزة المتوفرة بين أيديهم، وتعتبر هذه الظاهرة أمراً صحيّاً أيضاً؛ لأنه يساعدهم على تكوين صورة ذاتية مستقلة بالوضعية والخلفية والشكل الذي يرغبون به بعيداً عن الصورة المثالية التي كانت تلتقط من قبل للاحتفاظ بها في ألبوم العائلة.
وأضافت: إن نشر الطفل أو المراهق لهذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أمر لا يدعو للقلق طالما أنه ضمن الحدود المقبولة كنشر صورة كل عدة أيام تعبر عن شخصيته أو ما يدور في تفكيره أو اكتشافه للعالم الخارجي أو اختباره لتجربة جديدة بهدف نشر روح الود والصداقة والتعارف والثقافة بينه وبين الأصدقاء، أما إذا زاد الأمر عن الحد وأصبح هوساً بحيث يلتقط عشرات الصور ويقوم بنشرها على مدار اليوم فهذا أمر آخر، حيث أنّ الرابطة الأميركية للطب النفسي "APA" أكدت رسميّاً أن أخذ "Selfie" على مدار اليوم يمثل اضطراباً عقلياً، ويسمى هذا الاضطراب الجديد "سلفيتيس"، ويعرف بأنه الرغبة الكبرى بالتقاط الصور الذاتية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الاضطراب يعكس أنانية مفرطة وحباً جنونياً للظهور، كما أن استخدامه بإفراط يشير إلى وجود فجوة في العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، وهو ناتج عن افتقاد الشعور بالحب والحنان، مشيرة إلى أن هناك 3 مستويات من هذا الاضطراب، وهي:
1. الخفيف: التقاط الصور لا يقل عن 3 مرات في اليوم، ولكن لا يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
2. الحاد: التقاط الصور لا يقل عن 3 مرات في اليوم، ويتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
3. المزمن: لا يمكن السيطرة على الرغبة في التقاط الصور الذاتية على مدار الساعة، ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 6 مرات في اليوم.
ووفقاً لـ "APA" لا يوجد حالياً أي علاج لهذا الاضطراب، ويتوافر العلاج المؤقت من خلال العلاج السلوكي المعرفي.
• خطورة التمادي في التقاط "السلفي"
مع انتشار ظاهرة الـ"Selfie" بين الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم، بدأ التحدي بين بعضهم البعض في التقاط أخطر الصور، وذكرت إحصائية حديثة أن هوس "سلفي" يقع في الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 12 و24 عاماً، والتي تعد المرحلة العمرية الأخطر، فقرابة 11% من المراهقين يعترفون بأنهم يلتقطون صوراً لأنفسهم أثناء القيادة أو السير في الشارع مقارنة بـ7% لجميع المراحل العمرية الأخرى، مما يتسبب في وقوع حوادث قد تودي بحياتهم في كثير من الأحيان بسبب التشتت.
وأشارت الإحصائية إلى أن أكثر المستخدمين لشبكات "تويتر" و"بينتر إيست" و"انستغرام" من الفئة العمرية السالف ذكرها، بالإضافة إلى قائدي السيارات المتهورين الذين يجازفون بحياتهم من أجل صورة شخصية رغم التحذيرات والنداءات التي تندد بخطورة استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة.
وفي هذا السياق نذكر مراهقاً حاول التقاط فيديو "Selfie" بالقرب من سكّة قطار، ولكن القطار فاجأه ومر مسرعاً لدرجة أن رأسه ارتطم بقدم سائق القطار، لكنّه نجا بأعجوبة، كذلك لقيت فتاة إيطالية مصرعها أثناء محاولتها التقاط صورة "Selfie" لنفسها من أعلى قمّة في الواجهة البحرية جنوب إيطاليا، حيث كانت في رحلة مدرسية، وسقطت من علوّ 60 قدماً على الصخور، كما أن فتاة أمريكية التقطت صورة "Selfie" لها أثناء القيادة، ونشرتها على الـ"فيس بوك"، ثم لقيت حتفها بعدها بدقيقة واحدة إثر حادث تسبّب به استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة.
• راقبي طفلك
يمكن القول إنّ السبب الرئيسي في انتشار صور الـ"سلفي" يتمثل بسهولة التقاطها والتحكّم بها، فيما يتنوع الهدف منها، فنجد من يهوى الـ"سلفي" كوسيلة للتسلية، ومنهم من يجدها محاولة لخلق علاقة أكثر ألفة مع الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتشير الاختصاصية إلى ضرورة مراقبة الأهل للطفل أو المراهق الذي يهوى التقاط مثل هذه الصور للتعرف على الأسباب التي دفعته لذلك ومحاولة تفاديها، والعمل بجد على ملء وقت فراغه ولفت نظره لأمور أخرى أكثر نفعاً، مثل: تشجيعه على ممارسة رياضة معينة، أو تعلم مهارات فنية، أو دفعه إلى مشاركة اجتماعية بإلحاقه بالنوادي والتجمعات الثقافية والعلمية.
كما يجب توجيه الطفل إلى أن التقاط الصور ونشرها سلوك تحكمه عدة ضوابط اجتماعية، وليس له مطلق الحرية في القيام بهذا الأمر، ويمكن إرشاده إلى الضوابط التالية:
• علمي طفلك أن الـ"سيلفي" يجب أن تحمل بين طيّاتها فكرة أو رسالة معيّنة، فالصورة مثل الكلمة تتطلّب التفكير قبل نشرها حتى لا نندم عليها بعد ذلك.
• أخبري طفلك بألا يغالي في نشر اللقطات بطريقة عشوائيّة على مواقع التواصل الاجتماعي، فالناس ليست معنيّة برؤية صور تجسّد كلّ حركة يقوم بها على مدار الساعة، إذ عبر الكثيرون عن كرههم لهذه الظاهرة، مما يدفعهم أحياناً إلى حذف أصدقائهم مدمني الـ"سلفي".
• انصحي طفلك بأخذ "سلفي" تعكس صورة لائقة، وأن للصورة حرمتها، فلا يصح أن يلتقط صورة في غرفة النوم أو الحمام أو متجرداً من بعض ملابسه.
• علمي طفلك أن نشر الصور على مواقع التواصل يمكن أن يكون سبباً في تعريض الأسرة والطفل نفسه للخطر، فكم من حوادث ارتكبت نتيجة استعراض مقتنيات ثمينة أو كشف ثروات عائلية جذبت اللصوص والمجرمين.
• علمي طفلك أن الصور الـ"سلفي" الجماعية غير مسموح له بنشرها إلا بعد موافقة المجموعة الموجودة بالصورة، حيث يمكن أن يسبب نشر هذه الصور مشاكل اجتماعية في مجتمعاتنا العربية، خاصة لو أن تلك الصور كانت تجمع ذكوراً وإناثاً معاً.