افتتحت رئيسة هيئة البحرين للثقافة الشيخة مي آل خليفة، وبحضور الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، وحشد من الفنانين والدبلوماسيين، في مركز الفنون، المعرض الأول للفنانة البحرينية التشكيلية هدير البقالي «طوب».
ويأتي «طوب» كجائزة للفنانة التشكيلية البقالي، بعد فوزها بجائزة المركز الثاني في «معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية (42)» الذي يستمر حتى الشهر القادم.
وفي لقاء لـ«سيدتي» مع البقالي كشفت لنا الآتي:
* لماذا حمل معرضك عنوان «طوب»؟
- «طوب» هو الرمز الأول في بناء «الأشياء»، وهو اللبنة الأولى في «البناء»، وباكورة معارضي الشخصية، و«طوب» هو أول تكوين في الأرض، هو ارتباط فلسفي ووجداني يربطني بماهية الأشياء والعناوين والمكان والناس والوطن.
* وما هي فكرة المعرض؟
- تدور الفكرة حول نسق المادة الخرسانية التي تستخدم في هندسة المباني، الحديثة منها والقديمة، كالمباني الشاهقة، وناطحات السحاب، والمنحنيات، حيث باتت العمارة مرتهنة بهوية الأرض وثقافتها، وهي بالضرورة عمارة تحاكي المكان، إذ يصنع منها الإنسان انتماءه، إذ جنحت إلى التجريد في تمثيل مختلف المعالم الخاصة بالبحرين، إلى جانب تداخلات تميز العمارة القديمة في البحرين؛ كالأبواب والنوافذ القديمة، والتي شكلت عدداً من اللوحات.
الطفلة التي نضجت
لوحات الفنانة التشكيلية هدير تعكس روحها الطفولية المشاكسة التي كانت «تخربش» وهي صغيرة ببراءة على لوحات والدتها، لكن خربشتها هذه المرة هي أعمال فنية، حيث حرصت على أن تضمن أغلب اللوحات قصاصات ورقية لكتابات غير مفهومة، لكنها تمثل الروح الطفولية التي كانت تعيشها. وتكشف هدير مصدر الإيحاء الرئيسي لها؛ ألا وهو طفلها الذي كان إلى جانبها يمارس الرسم، وتقول: كنت ألقي بين الفينة والأخرى النظر على رسومه، فأستوحي منها بعض العناصر التي أضيفها إلى العمل الفني، وأنا في أشد الحرص على أن أحافظ على هذه البراءة التي يمتاز بها الطفل وهو يرسم، بالضبط كما حصل وأنا طفلة في عمر «ابني»، وكنت أشاكس أمي وهي تعمل في مرسمها في بيتنا.
* ماذا في هذه « الخربشات» الفنية؟
- تبتسم هدير وتقول في هذه الخربشات، التي تأطرت في إطار مربعي الشكل، وفي مساحات معدودة من اللوحة، تبرز المعالم بمختلف تواريخها، من مسجد الخميس، والمرفأ المالي، ومركز البحرين التجاري، وأزقة المنامة، والبيوت القديمة، والمشربيات، ومبنى الفورميلا، كما نجد المساجد والمآتم، والطرقات، إلى جانب تداخلات للعمارة الحديثة، عبر المباني الانسيابية التي تعرف بتصميمها للراحلة زها حديد، وتضيف في معرضي الأول عملت على تسليط الضوء على العلاقة ما بين الإنسان والبناء، وذلك من خلال لوحات عديدة كان فيها المفهوم السائد أن البناء الحديث يقطع علاقة الإنسان بأرضه، مستشهدة بقول المعمارية الراحلة زهاء حديد: «إن الأمر اللطيف بشأن الخرسانة هو أنها تبدو غير منتهية».
لا أستخدم فرشاة الرسم
تكشف هدير عن السرّ الغريب، وتقول: «لا أحب فرشاة الرسم»، وتتخذ من يدها وسيلة للرسم، فهي الأقدر على الولوج إلى روح اللوحة، وخلق اتصال وجداني بها، حيث تمتزج الألوان بين أصابعي، وتتغلغل في روح هذه الألوان، وأنا أخلق الأشكال والسطوح.
الأبيض... ملك لوحاتي
تقول البقالي: اللون الأبيض هو ملك الألوان في معظم اللوحات، بالإضافة إلى الأزرق السماوي، وتموجات البرتقالي، إلى جانب عدد من الألوان الزاهية المخففة، لأني لم أرد للمتلقي أن يستشعر قلقاً من الألوان الحادة والصارخة، لم أرد له أن يشعر بكآبة اللون الأسود، وصرخة اللون الأحمر القاني، ولهذا تستشعر في اللوحات مساحات من الطمأنينة، والتأصيل، سواء على صعيد البيئة المحلية، وارتباط اللون بمجوداتها من بحر، ورمل، وخضرة، وسماء، أو على صعيد العمارة، وتنوع أشكالها الهندسية، وأزمانها التاريخية.
تعدد الخامات
ولا تكتفي هدير بالتقيد بخامة واحدة في أعمالها، وإنما تعمد لتعدد الخامات، فهناك الألوان الزيتية، والأكريلك، والباستيل، والتكنيكات الخاصة، وقصاصات الورق الزاخرة بالخربشات، ولقطات من صور فوتوغرافية تتصل بمواضيع اللوحة، وتمزج البقالي الواقعي «الفوتوغرافي» بالتجريدي، عبر تداخلات بسيطة، تخلق فارقاً، أو قد تكون التداخلات أكثر سيطرة؛ حتى تصبح الصورة رسماً.