للسياحة في النرويج طعم خاص، فهي لا تبدو مثل البلدان الأخرى تميط اللثام عن بنياتها الفندقية أو الآثار الصامدة عل مر الزمن، بل من خلال الطبيعة الخلابة وكذا المتاحف التي تنتشر في البلاد وخاصة في العاصمة.
وتضم النرويج العديد من المتاحف التي توثق للآثار العظيمة وتاريخ هذا البلد الاسكندنافي المعروف بطقسه المتقلب والبارد طوال السنة وبالخصوص في الشمال القريب من القطب المتجمد.
ومن ضمن هذه المتاحف، التي تعدّ عنواناً كبيراً للسياحة ومعلماً تاريخياً شاهداً على عصور مضت لشعب شهد تطورا بطيئاً، متحف "سفن الفايكنغ" الموجود في شبه جزيرة تبعد مسافة كيلومترات عديدة عن العاصمة أوسلو.
ويحتوي هذا المتحف على سفن بنيت منذ 800 سنة بعد الميلاد من قبل الفايكنغ، وهم سكان النرويج الأصليين الذين كانوا منتشرين أيضاً في الدانمارك والسويد، وكذلك جزر فارو وجزيرة إيرلندا ودولة آيسلندا.
والفايكنغ يسمون غزاة الشمال ويمثلون مجموعة من سكان المنطقة الاسكندنافية، إذ تميزوا باستخدام السفن الحربية الطويلة من الطراز المعروف باسم سفن الفايكنغ.
ولعل اهتمام الفايكنغ بالصيد والقرصنة دفعهم إلى بناء العديد من السفن التي عبروا بها البحار الأوروبية، ووصلوا إلى أمريكا الشمالية والبحر الأبيض المتوسط، وسيطروا على مناطق شاسعة بحكم قوتهم الجسمانية وصبرهم على أحوال الطقس القاسية التي تعودوا عليها في بلادهم.
وهناك من يشير إلى أن "الفايكنغ" أو "شعب البحر" أو "سكان البحر" هم السبب في تعلم البريطانيين فن بناء السفن وكيفية اختراق المحيطات، ما مكنهم من السيطرة على مناطق كبيرة في بحار العالم.
ويضم متحف الفايكنج العديد من القطع الأثرية البحرية، وكذا ثلاث سفن لا تزال في وضعية جيدة وتسمى "تونا" و"أوسيبيرغ" و"يوكستاد".
وبالإضافة إلى العربات التي استخدمها شعب الفايكنغ في زمن مضى، يعرض هذا المتحف على الزوار من السياح الأجانب والوافدين على العاصمة أوسلو، قطعا أثرية استخرجها النرويجيون من مدافن الفايكنغ التي تقع في منطقة "بورا".
ويستمتع الزوار كذلك برؤية واكتشاف نماذج كثيرة من المجوهرات والمنسوجات والأدوات الحربية والقطع المنزلية والأسلحة.
إنها سفن استعملها الفايكنغ الأشداء والمحاربون في عرض البحر منذ نحو ألف عام، من بينها سفينة "فرام" التي استعملت بشكل كبير في المناطق القطبية.
ومن بين استثناءات هذا الشعب النرويجي القديم أنه حينما يغادر أحد الأغنياء منهم الحياة يتم وضع جثمانه في سفينة وبجانبه متعلقاته الخاصة، وتدفن السفينة بما فيها في الأرض أو يتم حرقها.
وتعتزم النرويج بناء متحف جديد لعصر الفايكنج من أجل جعل هذا التاريخ حاضراً باستمرار، إذ تم الإعلان مؤخراً عن تنظيم مسابقة معمارية عالمية من أجل تقديم نماذج لمتحف عصر الفايكنج الجديد في منطقة بيغدوي بالعاصمة أوسلو.
وأكد مسؤولون نرويجيون أن الهدف من ذلك هو بناء مركز رائد على المستوى العالمي لنشر المعرفة حول هذه الحقبة الزمنية وخاصة في صفوف الأجيال المقبلة، على مساحة تقدر بنحو 13 ألف متر مربع، أي أكبر بثلاث مرات من المتحف الموجود حالياً في منطقة بيغدوي.
متحف سفن الفايكنغ وجهة فريدة في أوسلو
- ثقافة وفنون
- سيدتي - جمال الدين الحاتمي
- 16 أكتوبر 2016