إذا كنت من عشاق «الشوكولاتة» فإن هذا المهرجان الذي تقيمه لندن كل عام هو المكان الذي تبحث عنه، ولكن شرط أن تترك المحاذير والحميات الغذائية جانباً وتنسى كل ما يتعلق بالرشاقة والخوف من زيادة الوزن؛ لأن أمامك في هذه المهرجان مشواراً طويلاً لتذوق كل ما يخطر ولا يخطر على البال من نكهات هذه الحلوى السحرية التي تذوب في الفم بنعومة، وتملأ المكان برائحتها المميزة.
تحبها سمراء أم داكنة أم بيضاء؟
عادة ما يقام هذه المهرجان السنوي في قاعة «لندن أوليمبيا» في غرب العاصمة البريطانية، ويستمر لثلاثة أيامٍ بمشاركة أعدادٍ كبيرةٍ من أشهر المصانع العالمية التي تنتج الشوكولاتة السمراء والداكنة والبيضاء، كما يستقطب جمهوراً كبيراً يجد في المهرجان فرصة للتفرج على ما تعرضه الأكشاش من أصناف جديدة للشوكولاة بنكهاتٍ حلوةٍ ومالحةٍ ومرة، إضافة إلى ما تقدمه من النوافير والتماثيل واللوحات وحتى الثياب والقبعات والأحذية والفساتين المصنوعة من هذه المادة المطواعة التي تتحول بين أنامل الفنان إلى قطعٍ رائعة. وثمة فرصة أيضاً لحضور حلقات الطبخ ومتابعة أشهر الطباخين العالميين الذين يقدمون أحلى الوصفات التي تخرج منْ جلباب هذه الحبوب السحرية. أما الباحثون عن الأجواء المرحة فيمكنهم الجلوس في المسرح الصغير ومتابعة الراقصين الذين يزيّنون أجسامهم بالشوكولاتة السائلة ويرقصون على وقع الموسيقى الصاخبة، ويمكن أيضاً مشاهدة عروض الأزياء التي تتهادى فيها العارضات على المنصة بثيابٍ مصنوعةٍ من الشوكولاتة الملونة.
صناع أغنياء ومزارعون فقراء
ولعل عشاق الشوكولاتة لا يجدون بعد اليوم من يلومهم على إدمانهم هذه الحلوى السحرية التي توقعهم في غرامها من أول قضمةٍ وتزيد أوزانهم دون رحمةٍ؛ حيث تشير آخر الدراسات إلى أن السبب في إدمان هذه الحلوى لا يعود إلى شراهتهم، بل إلى موادٍ كيمياوية موجودة في أجسامهم تجعلهم ينجذبون إليها والمواد هي نوع من البروتين الموجود في الدماغ، والذي يرسل إشارات تدفع الإنسان إلى إلتهام الشوكولات في حالات نقص نسبة الغلوكوز في الجسم، ويطلب منه البحث عن مصادر إضافية للسكريات. كما أكدتْ الدراسة على صعوبة وجود شخصٍ واحدٍ لا يحب الشوكولاتة، وهذا ما يفسر ازدهار سوقها الذي تصل إيراداته إلى نحو 110 مليارات دولار سنوياً تذهب إلى جيوب الشركات المّصنعة فيما لا يحصل المزارعون إلا على نسبةٍ ضئيلةٍ منها، حيث تخفي المزارع أسوأ أنواع الفقر وعمالة الأطفال الذين يقدر عددهم في ساحل العاج وحدها بنحو 800 ألف طفلٍ فقيرٍ يعملون في قطاع الكاكاو في هذا البلد.
هل «الشوكولاتة» صحية أم ضارة؟
وربما تكون «الشوكولاتة» مظلومة أحياناً حين يربطها بعض الناس بالصداع وزيادة آلامه؛ لأن الدراسات العلمية تؤكد أن الشوكولاة يمكن أن تخفف الآلام في بعض الأحيان إذا تناولناها مع كمية من الماء. وفي الحقيقة إن هذه الثمرة البنية مُحيرة ومثيرة للتساؤل؛ حيث يصفها بعضهم بالضارة بالصحة ويضعها آخرون في خانة الأغذية الصحية، والحقيقة أنها تقع في الخانتين معاً، ويعتمد الأمر على نوعها وكمية ما نأكله منها، فهي لا تسبب الحساسية إلا في حالاتٍ نادرةٍ، وهي صحية لأنها تحتوي على أكثر من خمسمائة عنصر غذائي وكيميائي مثل الدهون الموجودة في زبدة الكاكاو، والتي لا تزيد من نسبة الكوليسترول في الدم ومركبات «البوليفينول» التي تحمي «الشوكولاتة» من الفساد حتى من دون وضعها في الثلاجة، والأحماض الأمينية ومادة «الدوبامين»، التي تزيد من مشاعر الفرح والبهجة ومادتا «الميثيلزانثين والكافيين» اللتان تقودان إلى التوق الدائم إلى التهام المزيد من هذه المادة. أما ما يشاع عن تسبب الشوكولاة في ظهور حب الشباب فإنه أمر لا يستند إلى أساسٍ علمي قوي. ولكن العلماء يقرون بحقيقة ما تسببه الشوكولاة من زيادة في الوزن وتسوس الأسنان.
قالوا في الشوكولاتة
•لقد نسيت الحب، بعد أن وقعت في حب الشوكولاتة. Deanna Troi بطلة فيلم Star Trek: The Next Generation
•كل ما أحتاجه حقاً هو الحب.. ولكن قليلاً من الشوكولا قد تكفيني. الشخصية الكارتونية الشهيرة «Lucy van Pelt».
•نعم أستطيع أن أتخلى عن الشوكولاتة.. ولكني لست من النوع الذي يفّرط بالأشياء الجميلة. «Lora brody» مؤلفة كتاب: Growing Up on the Chocolate Diet
ما تعرفه ولا تعرفه عن الشوكولاتة
•استُعملت حبوب الكاكاو ذات الشكل النادر كعملةٍ نقديةٍ في بعض المدن المكسيكية قبل مئات السنين وكانت كل مائة حبة منها تعادل قيمة شراء أحد العبيد.
•جاء اسم كاكاو من الكلمة المكسيكية (كاكاهواتل) ومعناها (الماء المر).
•السويسري هينري نستلة هو أول من صنع الشوكولات بالحليب بإضافة حليبٍ مكثفٍ مع السكر، وتصنيع قطعٍ بأشكالٍ مختلفةٍ.
•يعتقد المكسيكيون أن حبوب الكاكاو تجلب الحكمة والقوة وكان الإمبراطور المكسيكي حريصاً على احتساء شراب الكاكاو كل يوم، وكذلك كان يفعل الإيطالي كازانوفا، كما تعوّد نابليون على حمل كمياتٍ كبيرةٍ من الشوكولات أثناء حملاته العسكرية.
•تحتوي الشوكولات على أكثر من 500 عنصر كيميائي، وهذا ضعف ما هو موجود في الفراولة مثلاً.
•استعمل المخرج الشهير هيتشكوك عصير الشوكولات كبديلٍ عن الدم في فيلم «سايكو»، وقد استغرق المشهد 45 ثانية إلا أن تصويره احتاج إلى سبعة أيام تصوير.
•طورت إحدى شركات إنتاج الشوكولات العالمية نوعية خاصة تحتفظ بقوامها، وتماسكها رغم ارتفاع درجة الحرارة التي قد تصل إلى 55 درجة مئوية. ويمكن الاحتفاظ بهذه القطع في الحقيبة أو الجيب دون أن تذوب وتتلف.
•يمزج المكسيكيون الكاكاو مع الفلفل الحار ودقيق الذرة والفطر والماء؛ للحصول على شراب مُر لكنه منشط.
•ظهرت الشوكولاتة في أعمال أدبية وروائية مثل Charlie and the Chocolate Factory تأليف رولد داهل و‘Like Water for Chocolate' تأليف لورا اسكويفل و'Chocolate تأليف جوان هارز.
•تُعد أمريكا الوسطى والمكسيك الموطن الأصلي لأشجار الكاكاو.
•لا تحتاج أشجار الكاكاو إلى رعاية الإنسان كي تتكاثر بل إلى شطارة القرود التي كانت تتسلق الأشجار العالية، وتأكل ثمرة الكاكاو وترمي البذور المرة بعيداً وبهذه الطريقة تكاثرتْ الأشجار، وانتشرتْ لتصل أخيراً إلى آسيا وأفريقا التي صارتْ تسهم بما يصل إلى 70% من إنتاج العالم.