بعد أن ملأت شهرتها العالم، المسرحية الموسيقية «البؤساء» في دار الأوبرا في دبي، في قالب فني مبهر، وزخم أدبي وحسي يدعو للتوقف عنده ومعرفة المزيد عن قصة تحول هذه الرواية إلى عمل مسرحي غنائي، تصدح به حناجر أبطاله قريباً.
من منا لم يسمع عن الرواية الأم «البؤساء» لفيكتور هوغو، سواء عبر قراءة الرواية، أو مشاهدة الفيلم، أو حتى الرسوم المتحركة للأطفال، ولكن قبل ذلك كانت هناك مراحل كثيرة سنستعرضها مع بعض من طاقم عمل المسرحية.
«سيدتي» التقت كاتبي المسرحية: آلان بوبليل، وكلود ميشيل شونبرغ، وحدثانا معاً عن التحديات التي واجهوها؛ فقال آلان بوبليل، وهو فرنسي مولود في تونس: كانت لدينا رواية من 1500 صفحة، وكانت الخطوة الأولى، تحديد النصوص المناسبة للمسرح الموسيقي، وأن نحول ما اخترناه إلى نصوص مغناة، وهكذا كتبنا النص الأصلي للمسرحية، وتابع شونبرغ، وهو بريطاني: بدأنا نحضر الموسيقى، وعملنا معاً لسنتين، وفي 1980 صدرت النسخة الأولى، ومن يومها لم نضف شيئاً إلى النص، وكانت الإضافات في النسخة الأخيرة في طريقة العرض أو الملابس أو الديكور والألوان والأضواء، لكن مع نفس الموسيقى والنصوص منذ 1985، ولم يحدث أي تغيير حتى 2010، وقد بدأنا بتحويل المسرحية من النسخة الفرنسية إلى النسخة الإنكليزية باكراً.
أشابهه في الشكل والمضمون
«سيدتي» التقت كذلك جون أوين جونز «جان فالجان»، وكشف لنا: «رغم المآسي والتعاسة التي عاشها بطل المسرحية، والذي أمثل دوره، إلا أني أجده محظوظاً؛ فقد دخل التاريخ وأصبح من أهم الشخصيات عالمياً، وبالمقابل أجد نفسي محظوظاً لأني مثلت دوره، ولأني أمثل هذا الدور منذ فترة طويلة، أشعر أنه التصق بي، وأحياناً أمزج بينه وبين حياتي الشخصية، وأقلده دون أن أشعر، في مدى لباقته وتعامله مع الآخرين؛ فهو شخص من الطبيعي أن يكون مؤثراً في كل منا، والحياة كانت قاسية معه، لكنه أبدى قوةً وإصراراً على المواجهة والمضي قدماً، وأصبح له هدف يسعى إليه، وتابع: كان التحدي كبيراً، وكان علي أن أشابهه في الشكل والمضمون والانفعالات.
رجل القانون
ولا يمكن أن يكون الحديث عن مسرحية البؤساء، دون أن نلتقي رجل القانون «جافير»، والذي قام بدوره، هايدن تي، الذي أعاد إلى أذهاننا مسلسل ملاحقاته لجان فالجان، وكيف نغص عليه حياته، وكان هايدن مقتنعاً أنه يمثل دور رجل القانون الشريف والمستقيم، والذي كان يلاحق خارجاً عن القانون، ويسعى لكشف الحقائق.
- ما هو التحدي الذي قمت به في دورك؟
كان دوري مليئاً بالتحدي؛ فقد كنت أعيش صراع رجل القانون الذي يجب أن يكون صارماً، وكيف يضطر لتخطي إنسانيته في بعض المواقف، وهو رغم قسوته، لم يكن شخصاً سيئاً؛ بل يؤدي عمله بحرفية، وكان علي أن أعي وأفهم لماذا يفعل ما يفعله، وأحلل شخصيته كإنسان، ودوافعه لكل فعل.
- ما هو انطباعك عن ردود أفعال الناس في دبي حول ما تؤديه؟
لقد كانوا متأثرين جداً ومنفعلين، لقد شدتهم الموسيقى أولاً، ومن ثم بدأت القصة تشدهم أكثر، وفي النهاية كانوا يبكون ويعبرون عن تأثرهم بأحداث القصة، ولقد كنت قلقاً من حاجز اللغة، ولكني شعرت أن الجميع كان يفهم كل كلمة، وبدا شديد التأثر والحماس.
- دبي مدينة السعادة وأنتم تقدمون هنا مسرحية البؤساء؛ فماذا تقول؟
يضحك قائلاً: رغم المآسي الموجودة في المسرحية، لكن نعدكم أن نترك كل من يحضرها سعيداً بالأصوات الجميلة والأداء والمشاعر الجياشة، وسنعيد التوازن، وتكون السعادة هي الخاتمة.
والتقينا باتريس تيبوكي، التي تلعب دور «فونتين»، الأم الشابة التي اضطرتها ظروفها لترك ابنتها الوحيدة «كوزيت» في عهدة أسرة ظالمة استغلتها كثيراً، وقد ماتت فونتين بسبب صراعها مع المرض، وبدت باتريس متأثرة وهي تشرح لنا عن دورها الذي تمثله على المسرح منذ سنتين ونصف وصراعها، واعتذرت منا ضاحكة؛ لأن فونتين توفيت خلال المسرحية، ولكنها قالت إن شخصيتها الحقيقية أكثر قوة من فونتين، وأشد مقدرة على مواجهة العقبات.
أوبرا دبي
أول مركز فني متعدد الاستخدامات للفنون المسرحية، في قلب منطقة دوان تاون دبي، تضم مسرحاً رئيسياً، وقاعة للحفلات الغنائية والموسيقية، ومساحة مفتوحة للفعاليات بمساحة 2000 متر مربع، ويمكن تجهيز القاعة الرئيسية لاستضافة حفل موسيقي يتسع لألفي مقعد، أو لحفل عشاء بسعة ألف مقعد، وخارج القاعة، توجد مساحة أصغر للعروض، وقاعة للتمارين، ومطعم على السطح، وحديقة سماوية تطلّ على برج خليفة ونافورة دبي.