قطار الحياة يمر كثيراً دون توقف، وعلينا أن نجري سريعاً وكثيراً حتى نتمكن من اللحاق به، أو أن نخلق بإرادتنا قطاراً آخر يكون خاصاً بنا، هذا ما لم يقله العرض المسرحي الأردني "ظلال أنثى"، رغم أنه تحدث كثيراً عن القطار الأول، قطار الحياة والزواج والعمر.
العمل من إخراج إياد شطناوي، وتأليف هزاع البراري، وإعداد علي عليان، وأدى العمل كلٌ من "أريج جبور، مرام أبو الهيجا، وأريج دبابنة"، ضمن فعاليات اليوم السادس بمهرجان الأردن المسرحي بدورته الثالثة والعشرين، على خشبة المسرح الرئيسي بالمركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان.
ثلاث قصص متشابكة..
يعرض العمل ثلاث حكايات منفصلة ومتداخلة بالوقت نفسه، أبطالها ثلاث نساء، ينتظرن مع حقائبهن القطار، الذي رُمّز له بقطار العمر أو الزواج، وكل واحد منهن لها حكايتها ومعاناتها الخاصة، فالأولى ممثلة مسرحية كانت تحلم بالشهرة، حتى أحبت رجلاً رفض أن تكون ناجحة أكثر منه، ففرض عليها أن تعتزل التمثيل، والأخرى فتاة عاملة ومثقفة، أحبت أحد زملائها بالعمل ورفض الزواج بها بعد ذلك، والأخيرة مناضلة وسياسية، أحبت أحد رفاقها المناضلين، وبيوم زفافهم لم يأتِ وكان يخونها مع أخرى.
تكريس المرأة المهزومة بالعرض..
حاول العرض أن يطرح المشاكل والقضايا التي تتعرض لها الأنثى في المجتمعات الذكورية، ظاناً أنه من خلال طرحه سيكون مناصراً لقضاياها وحليفاً لها ضد ما تتعرض له من ظلم بمجتمعاتنا الشرقية، لكنه كرّس بشكل كبير صورة الأنثى المهزومة والمنكسرة، والتي يُشكل الذكر الركيزة الأساسية في حياتها، كما كرّس فكرة أنه – أي الذكر – هو السبب الوحيد والأساسي في مشاكلها، كما هو السبب الوحيد في وجودها، سارقاً منها كيانها وشخصيتها، وكان هذا الطرح – بقصد ربما أو بغير قصد- أحد أكبر أعدائها بعكس ما أراد فريق العمل، من كاتب ومعد ومخرج وممثلين.
واستغلال العرض لفكرة "القطار" الذي ينتظرنه الشخصيات، هي الأخرى فكرة تؤكد الطرح الشرقي المتناقض للعمل، من خلال أن لا دور ولا تأثير للمرأة في الحياة، سوى انتظار قطار العمر والزواج، الذي طلبنه الشخصيات الثلاث، وانتظرنه وعشنّ مأساتهن بسببه، ما جعلهن "وحيدات" منعزلات.
لا أحد في عالمنا العربي يستطيع إنكار دور وتأثير الذكورية على المرأة، فهذا التأثير واضح جداً، وحركات التحرر الكثيرة التي قامت وتقوم بها النساء في العالم أجمع، جميعها تحاول إعادة كيان المرأة، وأن الرجل شريك لها في حياتها وليس أساسها، وهذا ما أخفق المؤلف كثيراً بعرضه، فقد ركز على الصورة المعاكسة تماماً لهذا الطرح التحرري، مُثَبّتاً بمسامير الكلمة والشعارات صورة إنهزامية للمرأة، وعرضها مكسورة ومهزوزة، طارحاً أنها لن تستطيع أن تكمل ولا أن تنجز من غير "ظل الرجل"، هذا الظل الذي صنعه الرجل الشرقي عموماً، فكان طرحاً متناقضاً جداً، بأن اتنصر للمرأة من خلال عين الرجل الشرقي، الذي يؤمن تماماً بأن لا وجود لها بدونه. ناهيك عن سقوط العمل بالكثير من الـ"كلاشيهات" الجاهزة والشعارات الخطابية المعدة مسبقاً، والتي تتناقض كثيراً مع مضمون العمل بالوقت نفسه.
السينوغرافيا تنقذ عملاً جديداً ..
وبعد أن أنقذت السينوغرافيا العمل الكويتي "القلعة" كما ذكرنا بمقالة سابقة، يعود فنان إضاءة آخر، وهو الفنان الأردني محمد المراشدة، بحمل العمل على خيوط الضوء التي رسمها فوق الخشبة، مقدماً متعة بصرية كاملة، ووجبة دسمة من الدهشة التي دائماً ما ينتظرها جمهور المسرح بأي عرض وبأي مهرجان مسرحي.
واعتمد المراشدة على رسم طرق من الإضاءة لمسير الفنانات الثلاث على الخشبة، بتكوينه تشكيلاً مكوناً من أربعة أوامر إضاءة، اتخذت كل واحدة من الشخصيات طريقاً أو ضلعاً خاصة بها، وبدأت الإشتغال من خلاله، كما رسم طرق أخرى لتقاطع الشخصيات مع بعضها وللحوارات المشتركة، فكانت كل خطوة لهنّ محسوبة "سينوغرافياً" بشكل كبير جداً، كما استطاع بأوامر إضاءة بسيطة أن يُجسد مرور القطار من خلفهن، بعمق المسرح، هذا القطار الذي كان يمر كثيراً دون توقف.
العمل من إخراج إياد شطناوي، وتأليف هزاع البراري، وإعداد علي عليان، وأدى العمل كلٌ من "أريج جبور، مرام أبو الهيجا، وأريج دبابنة"، ضمن فعاليات اليوم السادس بمهرجان الأردن المسرحي بدورته الثالثة والعشرين، على خشبة المسرح الرئيسي بالمركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان.
ثلاث قصص متشابكة..
يعرض العمل ثلاث حكايات منفصلة ومتداخلة بالوقت نفسه، أبطالها ثلاث نساء، ينتظرن مع حقائبهن القطار، الذي رُمّز له بقطار العمر أو الزواج، وكل واحد منهن لها حكايتها ومعاناتها الخاصة، فالأولى ممثلة مسرحية كانت تحلم بالشهرة، حتى أحبت رجلاً رفض أن تكون ناجحة أكثر منه، ففرض عليها أن تعتزل التمثيل، والأخرى فتاة عاملة ومثقفة، أحبت أحد زملائها بالعمل ورفض الزواج بها بعد ذلك، والأخيرة مناضلة وسياسية، أحبت أحد رفاقها المناضلين، وبيوم زفافهم لم يأتِ وكان يخونها مع أخرى.
تكريس المرأة المهزومة بالعرض..
حاول العرض أن يطرح المشاكل والقضايا التي تتعرض لها الأنثى في المجتمعات الذكورية، ظاناً أنه من خلال طرحه سيكون مناصراً لقضاياها وحليفاً لها ضد ما تتعرض له من ظلم بمجتمعاتنا الشرقية، لكنه كرّس بشكل كبير صورة الأنثى المهزومة والمنكسرة، والتي يُشكل الذكر الركيزة الأساسية في حياتها، كما كرّس فكرة أنه – أي الذكر – هو السبب الوحيد والأساسي في مشاكلها، كما هو السبب الوحيد في وجودها، سارقاً منها كيانها وشخصيتها، وكان هذا الطرح – بقصد ربما أو بغير قصد- أحد أكبر أعدائها بعكس ما أراد فريق العمل، من كاتب ومعد ومخرج وممثلين.
واستغلال العرض لفكرة "القطار" الذي ينتظرنه الشخصيات، هي الأخرى فكرة تؤكد الطرح الشرقي المتناقض للعمل، من خلال أن لا دور ولا تأثير للمرأة في الحياة، سوى انتظار قطار العمر والزواج، الذي طلبنه الشخصيات الثلاث، وانتظرنه وعشنّ مأساتهن بسببه، ما جعلهن "وحيدات" منعزلات.
لا أحد في عالمنا العربي يستطيع إنكار دور وتأثير الذكورية على المرأة، فهذا التأثير واضح جداً، وحركات التحرر الكثيرة التي قامت وتقوم بها النساء في العالم أجمع، جميعها تحاول إعادة كيان المرأة، وأن الرجل شريك لها في حياتها وليس أساسها، وهذا ما أخفق المؤلف كثيراً بعرضه، فقد ركز على الصورة المعاكسة تماماً لهذا الطرح التحرري، مُثَبّتاً بمسامير الكلمة والشعارات صورة إنهزامية للمرأة، وعرضها مكسورة ومهزوزة، طارحاً أنها لن تستطيع أن تكمل ولا أن تنجز من غير "ظل الرجل"، هذا الظل الذي صنعه الرجل الشرقي عموماً، فكان طرحاً متناقضاً جداً، بأن اتنصر للمرأة من خلال عين الرجل الشرقي، الذي يؤمن تماماً بأن لا وجود لها بدونه. ناهيك عن سقوط العمل بالكثير من الـ"كلاشيهات" الجاهزة والشعارات الخطابية المعدة مسبقاً، والتي تتناقض كثيراً مع مضمون العمل بالوقت نفسه.
السينوغرافيا تنقذ عملاً جديداً ..
وبعد أن أنقذت السينوغرافيا العمل الكويتي "القلعة" كما ذكرنا بمقالة سابقة، يعود فنان إضاءة آخر، وهو الفنان الأردني محمد المراشدة، بحمل العمل على خيوط الضوء التي رسمها فوق الخشبة، مقدماً متعة بصرية كاملة، ووجبة دسمة من الدهشة التي دائماً ما ينتظرها جمهور المسرح بأي عرض وبأي مهرجان مسرحي.
واعتمد المراشدة على رسم طرق من الإضاءة لمسير الفنانات الثلاث على الخشبة، بتكوينه تشكيلاً مكوناً من أربعة أوامر إضاءة، اتخذت كل واحدة من الشخصيات طريقاً أو ضلعاً خاصة بها، وبدأت الإشتغال من خلاله، كما رسم طرق أخرى لتقاطع الشخصيات مع بعضها وللحوارات المشتركة، فكانت كل خطوة لهنّ محسوبة "سينوغرافياً" بشكل كبير جداً، كما استطاع بأوامر إضاءة بسيطة أن يُجسد مرور القطار من خلفهن، بعمق المسرح، هذا القطار الذي كان يمر كثيراً دون توقف.