شهد التاريخ العديد من الإنجازات من قبل النساء، والتي كانت مثالاً يحتذى به للنجاح والتفوق والقدرة للتغلب على الصعاب، ولتحقيق أي إنجاز، يحتاج المرء العادي إلى الشجاعة والعزم لتحقيقه، ولكن هناك من اجتزن جميع تلك العقبات وحققن نجاحات باهرة رغم الإعاقات التي ألمت بهن، وضربن أروع الأمثال في أن القدرة الحقيقية تكمن في عزيمة الفرد وعدم استسلامه للعقبات.
وهنا نسلط الضوء على بعض نماذج عالمية من النساء أثبتن أن الإعاقة هي إعاقة الفكر وليس الجسد، وحققن شهرة عالمية كانت بمثابة الأمل للكثيرين:
فريدا كاهلو (1907 - 1954): رسامة مكسيكية شهيرة، في السادسة من عمرها تعرّضت لمرض، وأصيبت بشلل الأطفال، فتأذت رجلها اليمنى، وخلّف ذلك عوقاً بساقها، وترك ذلك العوق أثراً نفسياً سيئاً عليها لفترة طويلة من حياتها، لم ترتدِ الفستان في حياتها إلاّ مع الجوارب الصوفية حتى في الصيف كي تخفي إعاقتها، وهي في عمر 18 تعرضت لحادث باص، واضطرت للتمدد على ظهرها من دون حراك لمدة سنة كاملة، واكتشفت حبها وشغفها بالرسم، وكانت أول فنانة مكسيكية من القرن 20 يتم شراء أعمالها من قبل المتحف الدولي.
هيلين كيلر(1880 - 1968): أديبة ومحاضرة وناشطة أمريكية، أصيبت وهي طفلة رضيعة بحمى القرمزية، والتي أفقدتها السمع والبصر تماماً، مما جعلها غير قادرة على التواصل مع أسرتها عندما بلغت سن السابعة، حينها قرر والداها إيجاد معلمة خاصة لها، ومن هنا بدأت رحلتها مع المعلمة سليفان التي استطاعت بدورها تعليم هيلين لغة الإشارة، واستطاعت بتفوقها الدراسي الالتحاق بمدرسة للبنات في جامعة هارفارد، ثم أكملت المرحلة الجامعية، ونشرت هيلن كيلر ثمانية عشر كتاباً، وأصبحت من أشهر الكتاب، كما لعبت كيلر دوراً مثيراً للجدل في عكس كل أفكار الحزب الجنوبي.
سودها تشاندر (1965): ولدت سودها تشاندر في تشيناي في جنوب الهند، أكملت شهادة الماجستير في الاقتصاد من مومباي، وأثناء عودتها من مومباي إلى تشيناي وقع لها حادث أدى إلى بتر ساقها اليمنى، وقد أعطيت ساق اصطناعية، وعلى الرغم من هذا العجز الرهيب، أصبحت واحدة من أبرع الراقصات والمشهود لهن من شبه القارة الهندية، وقد تلقت العديد من الجوائز.
مارلي ماتلن (1965): ممثلة أمريكية حاصلة على جائزة الأوسكار 1986 كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم أطفال بعنوان "آلهة أخرى"، حصلت بنفس الدور على جائزة الغولدن غلوب 1987 كأفضل ممثلة في فيلم درامي، ومن الجدير بالذكر أن مارلي تعاني من الصم، لكنه لم يكن عائقاً أمامها للظهور على الشاشة الفضية.
الجدير بالذكر، هناك الكثيرون من ذوي الاحتياجات الخاصة أثبتوا أنهم يمتلكون قدرات خاصة وفريدة من نوعها يكاد يفتقر إليها العديد من الأصحاء، وأعطوا درساً قيماً للأصحاء يفيد بأن الإعاقة لا تكمن في الجسد، إنما في إرادة الفرد وقدرته على البقاء والتميز والاستمرار، ولعل الشخصيات السابقة هي نماذج من شخصيات عديدة أثبتت قدراتها في جميع المجالات رغم ما ألمَّ بها من إعاقات جسدية.
