أثارت لوحة "المرأة الجميلة"- في كوريا الجنوبية- الحديث مجدداً عن رواج اللوحات المزيفة في الأسواق، فالمحققون في سيؤول أكدوا مؤخراً أن "المرأة الجميلة" رسمتها الكورية "شون كويونج جا" وأنها أصلية، فيما أكدت الفنانة ذاتها- قبل وفاتها- أن تلك اللوحة المعروضة في متحف سيؤول الوطني لا تخصها، وأن.."الأم لا تتوه عن أولادها، وتلك اللوحة لم أرسمها"، وما زالت عائلة "شون" تنفي أي صلة بين فقيدتهم الراحلة وبين "المرأة الجميلة" المعروضة في المتحف.
الأعجب أن الرسام الكوري "كوان شون سك" اعترف أنه رسم اللوحة المزيفة بتقنيات شبيهة جداً بتقنيات "شون جا"، ثم عاد وسحب اعترافه، وبعد خمسة أشهر من التحقيقات خلص الادعاء إلى أن اللوحة أصلية.
وبالإضافة إلى شبكات ترويج اللوحات المزيفة، فإن البيع الإلكتروني يساهم كثيراً في تسويق أعمال يرسمها مقلدون موهوبون، حتى التوقيع يزورونه، لمشاهير الفنانين مثل؛ بيكاسو، شاجال، ميرو، ودالي، روزاليس..وآخرين.
وتستعين دور العرض الشهيرة بخبراء لفحص اللوحات قبل عرضها، مقابل مخصصات شهرية، خشية تورطها في بيع لوحات مزيفة، ومع ذلك تورطت بعض المعارض في قضايا من هذا النوع.
تقول الخبيرة الفنية باتريشيا كوهين: "بعض الفنانين كشفوا صفقات مشبوهة للوحات مزيفة بملايين الدولارات، لكن المحامين نصحوهم بالتزام الصمت حتى لا ترفع عليهم دعوى قضائية، مما يؤكد أن سوق اللوحات الفنية تفتقر إلى الشفافية".
حتى رابطة خبراء الفن في نيويورك لا يبدون رأيهم في لوحة ما إلا بطلب موثق من المالك، مع تعهد بالشهادة معهم في أية دعوى ترفع ضدهم لاحقاً، وكذلك تمتنع المتاحف التي لديها خبرة في تقييم اللوحات عن تقديم المشورة تجنباً للمشاكل القانونية.
ومن أشهر القضايا التي شهدتها نيويورك قضية "جاليري نيودلر" التي كانت وسيطاً لبيع لوحات مزيفة لمشاهير الفن الحديث الأمريكيين، مثل "روزاليس"، إلى متاحف في سويسرا وألمانيا، وأظهرت التحقيقات أن تلك العمليات لا تعتمد فقط على فنان موهوب- مثل الصيني "بي شين يان" الذي زيف لوحات روزاليس في القضية المذكورة- بل تضم شبكة من الوسطاء والمروجين، وكان في تلك القضية "آن فريدمان"، رئيسة سابقاً في "جاليري نيودلر".
ولا شك أن توسط معارض مشهورة في تلك الصفقات يمنح الأعمال المزيفة قيمة لا تستحقها، كما أن طلبات النسخة الواحدة "الماستر" لمالك مجهول الهوية، أو المجموعات الخاصة، تُبقي تلك الصفقات سرية، من مصدر واحد لمشتر واحد، ما يكسبها حصانة ضد العرض والتقييم، ويكفي أن تقول .."تلك اللوحة من المجموعة الخاصة لفلان"، أو "رسمها فلان"..لتجد مشترين كثر.
ويؤكد "جاك فلام"- اختصاصي في تاريخ الفن التشكيلي، أن أهم سبب في انتشار مبيعات اللوحات المزيفة أن الكل يخشى من الملاحقة القضائية، فيما لو صرح برأيه بأن هذه اللوحة أو تلك غير أصلية، وهذا الصمت يمنح المزيفة" مصداقية- فتباع على أنها أصلية"."
فيما كتب القاضي جو شورتر- من المحكمة العليا في نيويورك: "إن التحقيق في أصلية اللوحة من عدمها، صعب جداً، ونكاد لا نصل إلى قناعة تامة بأن هذه اللوحة أو تلك أصلية، بالنظر إلى العنوان والتفاصيل والتقنيات والخامات والتوقيع، وكل ذلك يجعل الوصول للحقيقة شاقاً للغاية".