منذ انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ذاع صيتها بين فئات المجتمع من شخصيات مرموقة لمشاهير ساحات ومشاهير "سوشيال ميديا" وأناس بسطاء ومتوسطي المقام، وأصبح لكل شخصية "حساب" على تلك المواقع، بعض الأشخاص يصرحون بأسمائهم الحقيقية، بينما يتخفى البعض الآخر وراء أسماء مستعارة، بعضهم يريدون بها التميز، فيما يريد البعض بها التخفي، وبعضهم تعني لهم الكثير.
"سيِّدتي نت" يلقي الضوء في هذا التحقيق على الأسماء المستعارة التي اجتاحت تلك المواقع وأبهر البعض منها عنوانها وبعضها سارت في خطى الغموض لأهداف متعددة، وما حجم أثرها الإيجابي والسلبي على المتابعين وعلى أصحابها على حد سواء؟
بعضهم يرون أنفسهم بها "كول" وخفيفي الظل
يذكر كريم حسين "موظف سلامة وأمن" أسباب اتخاذه لقب "كيمو المكاوي" في "تويتر"، حيث يقول: "كيمو" اختصار لاسمي كريم، والمكاوي؛ لأنني من مواليد مكة المكرمة، وأنا فخور جداً بهذا اللقب؛ لأنني أجد فيه نفسي، وأرى أنني شخص خفيف الظل، وكان هذا اللقب سبباً في حصولي على عدد من المتابعين بلغ 100 ألف، وبسبب هذا اللقب أصبحت أجد راحة في التعامل مع الشخصيات الأخرى دون أن يعرف أحد هويتي وغاياتي.
في حين يذكر طارق العقيل "موظف في وزارة التجارة" أسباب اتخاذه لقب "إحساس ضائع" على "تويتر"، حيث لفت إلى أنه انجذب كثيراً لهذا اللقب، ووجد متابعوه في هذا اللقب مدى إحساسه بالضياع، وأصبحوا يشفقون عليه ويعظونه بأن يصبر على ألم الحياة وألم الفراق، ولم يفارقه الضحك من الطرائف التي أخرجوها على لقبه، وهو لم تكن في غايته تلك الأفكار، ولكن هذا ما سمعه من متابعيه الذين جذبهم اللقب المستعار.
كما أوضح أحمد منصور "طالب في الجامعة" أنه عشق لقب "بهلول الرشيد" على "تويتر"؛ لأنه كان يبحث عن إثارة المتابعين وإثارة الضحكة ورسم الابتسامة من خلال هذا المسمى ومن خلال ما يطرحه من انتقادات اجتماعية وسخرية خفيفة الظل على ما يراه من الساحة الفنية والرياضية بطريقة يجد فيها المتنفس ويجد فيها لهفة المتابعين على ما يُنشر في الحساب، حيث قال: الحمدلله، كسبت جماهيرية لم أكن أتوقعها، بالإضافة إلى قدرتي على نشر كل ما يخطر ببالي دون تخوف من شيء.
وأضاف: كان للاسم المستعار أثر إيجابي بالنسبة لي حتى لو أنني أحياناً أتلقى سباً وقذفاً، لكن يكفيني أنني خرجت من بوتقة القيود إلى حرية الحياة. يعني الاسم للبعض الكثير إما يكون لقب أم أو ذكرى والد.
لقبي جذب معاملات الناس والراغبين بسلعي
تذكر وبكل فخر صفية أحمد "سيدة أعمال" سبب اختيارها لقب "بنت النوخذه" على "إنستغرام" قائلة: هذا اللقب يعني لي الكثير حتى أنه أنساني اسمي الحقيقي، وهو نسبة لوالدي الذي كان "نوخذه" أي قبطان سفينة، وعندما توفي أحببت أن ألقب نفسي بذلك إحياء لذكراه في قلبي وليكون وجهاً جميلاً وعامل جذب للمعاملات مع الناس والراغبين بشراء منتجاتي وسلعي.
وعندما سألناها عن الأثر الإيجابي أو السلبي الواقع عليها من ذلك اللقب أجابت: بالعكس، أشاد الكثيرون باختياري، ولم ينتقدني أحد على ذلك الاختيار، وأنا سعيدة به، وسأظل به ما حييت.
يعني لي اللقب الكثير فهو فخر من والدتي
بينما ترى عايدة صالح "صحفية" في لقب "نور الوجود" على "إنستغرام" مدى السعادة والفرحة بهذا اللقب الذي أطلقته عليها والدتها منذ صغرها حتى كبر معها وافتخرت بأن تنادى به بين متابعيها رغم شهرتها المهنية.
آراء بعض المتابعين في هواة الأسماء المستعارة
ألقاب غريبة دعت الفضول لاكتشافها وقد يقع المتابع في مصيدتها
ترى زهرة علي "موظفة في قطاع خاص" أن هواة تلك الألقاب وجدوا بها الغرابة والبعد عن شوشرة الأقارب والأهل وعدم التنقيب والبحث عن خصوصياتهم وتصيد أخطائهم، الأمر الذي يجعل المتابعين يحرصون على العبث وراء تلك الشخصيات التي تتلقب بألقاب غريبة، علاوة على أنه قد يقع بعض المتابعين في مصيدتها، مثل: "بنت الظلام"، "أسير الصمت"، "شبح النهار"، "غرور القلوب"، "جيكر بس مزيون"، وكل هذه الألقاب تجعل المتابع يتجرأ للغوص في أعماقها ليفهم الأسرار الخفية وراء تلك المسميات.
الرغبة أحياناً في الإبداع وأحياناً الشعور بالنقص
كما يرى علي شرايه "إعلامي" من خلال متابعته لذوي الألقاب المستعارة أن الأسباب تتنوع في غاية من يسعون لجعل الأسماء المستعارة أمراً رسمياً في حساباتهم في مواقع التواصل، فمنهم من يكون لا يهمه ظهور اسمه الحقيقي، وبعضهم ليقدموا شخصياتهم بالشعور الرومانسي أو الشعور الساخر.
شخصيات مشهورة اجتاحت الساحة بأسماء ساخرة وصرحت بأسمائها وكانت لتلك الأسماء أهداف حققت لهفة المتابع وكسبت بذلك الاهتمام
"الهدهد": لقب لأحمد الفهيد "مدير إدارة الإعلام في هيئة الغذاء والدواء"، وقد اختار هذا اللقب؛ لأنه يتخذه بداية للمواضيع الحصرية التي يصدرها، مما جعل هذا اللقب يثير لغطاً في الأوساط الرياضية، وكذلك الشوشرة من جماهير بعض الأندية الرياضية، بالإضافة إلى إثارة العديد من القضايا في الأوساط الرياضية التي شغلت الرأي العام في وقتنا الحالي، وعلى الرغم من أنه كسب من خلال الاسم المستعار شعبية كبيرة بلغت على "تويتر" 330 ألفاً ومتابعة 35 ألفاً على "سناب شات"، إلا أنه تنحى عنه مؤخراً، واستبدله بهاشتاق رسمي يحمل عنوان " الحاضر يعلم الغايب" لظروف خاصة.
الرأي النفسي
التخفي والهروب من العالم الافتراضي.. والدواعي الأمنية مصدر للمستعار
أوضح الدكتور فهد المنصور "استشاري الطب النفسي" أن الأسباب وراء استخدام تلك الأسماء كثيرة، والأثر السلبي والإيجابي وراء ذلك يتمثل في الآتي:
1-إن الأسماء المستعارة أسماء غير رسمية، ومن السهل تداولها وحفظها، وقد تجري معانيها في عروقنا، ويتخذها بعض الأشخاص عوضاً عن أسمائهم الحقيقية التي لم يختاروها بأنفسهم.
2-ثقافة الأسماء المستعارة ليست مرتبطة بعالم الإنترنت فقط، فالعديد من الكتاب والشعراء والخبراء ينشرون إنتاجاتهم بأسماء مستعارة، وهي من باب الحرية الشخصية من وجهة نظرهم.
3-الكثير من الأشخاص يختارون التخفي خلف الستار بالاسم المستعار ربما خجلاً وربما خطوة للانخراط بحرية دون تعريض الأهل والأبناء للخطر والعار وربما لانعدام الثقة أو نقصها.
4-بعض الأشخاص يخشون تعرض تلك المواقع للاختراقات واكتشاف خصوصية ذويها واحتمالية التعرض للابتزاز أو الانتقام للتشكيك في مصداقيتها.
5- يراها آخرون هروباً من الواقع الافتراضي للبحث عن مفقود أو ما يصعب الحصول عليه في الواقع.