مما لا شكَّ فيه أنَّ الابن الذكر وسط الأخوات البنات يحظى رغم صغر سنه باهتمام شديد وتدليل من والديه، فيشعر بأنَّه مميَّز وكأنَّ على «راسه ريشة»، خاصة في مجتمعاتنا الشرقيَّة، التي تفضل الذكور على الإناث، وتعتقد أنَّ الابن الوحيد بحاجة إلى المساعدة والمساندة طوال الوقت. ولهذا الوضع في التربية جوانب مختلفة فقد يأخذ منحى إيجابياً، فيعطي هذا التميُّز لصاحبه رغبة بالحفاظ على صورته المميَّزة في باقي مراحل حياته، وقد يأخذ منحى سلبياً فينشأ مدللاً مرفهاً.
«سيدتي» تناقش هذه القضية من خلال التحقيق التالي:
لا تمييز في المعاملة
البداية كانت مع بسمة عراقي (48 عاماً)، ربة منزل، التي استهلت حديثها معنا بقولها: أكرمني الله بخمس بنات ولله الحمد ولا أخفي عليك كنت أتمنى أن يرزقني الله بمولود ذكر ليكون عوناً لوالده بعد الله في مسؤوليات الحياة. فمنَّ الله علينا «بحسن»، ولا أستطيع أن أصف لك مدى فرحتي في ذلك اليوم وسعادة والده حينما يُكنى بأبي حسن.
ولم أعان من مشكلة الابن الوحيد فلا يوجد تميُّز في المعاملة بينه وبين أخواته، فالمعاملة واحدة، لكن لأنَّه الأبن الأصغر فقد كان يحظى بقليل من التميُّز مني ومن والده، أما أخواته فقد حرصن على رعايته والاهتمام به، لكن كنَّ يفعلن ذلك بطيب نفس ومحبة.
وأضافت: واليوم ابني عمره 19 سنة وبعد وفاة والده أصبح هو سندي بعد الله وشريك حياتي. ولا أنسى اليوم الذي فاجأني بهديَّة عبارة عن سيارة من نوع مرسيدس تحقيقاً لرغبة والده الذي كان ينوي شراءها لي، لكن الله أخذ أمانته.
لا يكتفي من العطاء
أما «ن. س» (32 عاماً)، موظفة علاقات عامَّة، فقالت: رزقني الله بابني الذي يبلغ من العمر 15 سنة بعد إنجابي لثلاث بنات، وكنت في غاية السعادة، لكن في عمر معيَّن بدأت أشعر بأنَّه لا يكتفي من العطاء ودائماً ما يُطالب بالمزيد من كل شيء ويحرص على أن تُلبى كل رغباته وكنت أستجيب له حتى أصبح الأمر فوق طاقتي، وللأسف والده يشجعه على ذلك حتى أخواته البنات أصبحن في خدمته ولا يصح لأي منهنَّ أن تعارضه حتى أصبح «سي السيد» في المنزل وحين لجأت إلى والده وأخبرته بمخاوفي من أن نفقد السيطرة عليه أجاب بأنَّه ابننا الوحيد ويجب أن نلبي كل طلباته حتى لا يشعر بأنَّه أقل من غيره.
تربية متوازنة
واختلفت معها زبيدة ملك أم أحمد (55 عاماً)، مستشارة بشركة إيفون، التي تحكي لنا عن تجربتها وتقول: بالنسبة إليَّ ليس هناك فرق بين تربية البنت والولد. بناتي هنَّ صديقاتي وأحرص أنا ووالدهنَّ على تلبيه رغباتهنَّ مثلهنَّ مثل الولد تماماً. أما ابني الوحيد فقد تعاونت أنا ووالده على تربيته تربية متوازنة، وأن نحمله المسؤوليَّة، فهو الأبن المسؤول عن أخواته كونه أخاً لخمس بنات حتى نشأ بقلب حنون ومحبٍّ للخير والمساعدة ودائماً ما أشعر بثقته بنفسه وأنَّه على قدر المسؤوليَّة وكل من حولنا من أقرباء يمدحون في أخلاقه وتصرفاته.
وأذكر في أحد الأعياد ذهبنا إلى الشاليهات أنا وبناتي وأحفادي عندها أصر ابني على أن يرافقنا، وأن يحل مكان والده كوننا مجموعة من النساء، وبالفعل حصل ما لا يُحمد عقباه حين غرق أحد أحفادي وجرح رأسه، هنا حمدت الله على عنايته ثمَّ على وجود ابني الذي تدارك الموقف.
الرأي الاجتماعي
المستشارة النفسيَّة والأسريَّة، الدكتورة سحر رجب، أوضحت أنَّه يجب على الآباء الانتباه في معاملتهم مع أبنائهم، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر حتى وإن كان الابن الوحيد بين البنات، فعليهم تدريبه على تحمل المسؤوليَّة على قدر سنه وعقله، وأن يحفزوه على أن يكون رجل المنزل، لكن من دون تعاظم، وذلك حتى يؤدي دوره بقدرة وتميُّز. كذلك عليهم عدم جعل الابن الوحيد وسط البنات مسيطراً فلو تُرك هكذا وتربى فيه ذلك سنجده عند الكبر يمارس سيطرته على الأم ومن هو أكبر من سناً فيبدأ برفع الصوت واليد أحياناً وهذا الأمر مرفوض تماماً، فالتعامل بحبٍّ أفضل من التعالي.
