ترصد الأنظمة العالميَّة العديد من القوانين، التي تحمي الأشخاص من الاعتداءات الجسديَّة، التي قد يتعرَّضون لها، وينتفض العديد من الحقوقيين لبعض القضايا التي تهز الأوساط الإعلاميَّة، التي يغلب عليها طابع العنف الجسدي، إلا أنَّ بعض أنواع العنف ما تمتد جذوره إلى أعماق النفس محدثةً العديد من الأزمات والمشاكل النفسيَّة على المدى الطويل، فتصبح جروحاً غائرة لا تُرى، لكنَّها تقتل ببطء كثيراً من المواهب والقدرات البشريَّة، وأكبر عائق في ذلك النوع من الإساءة أنَّها تشبه النزيف الداخلي الذي قد يقتلك من دون أن يتنبه لك أحد أو يُنقذك.
ووفقاً لوزارة الصحة الكنديَّة فإنَّ الاعتداء العاطفي والنفسي لا يحدث فقط بين أفراد الأسرة الواحدة أو العلاقات الشخصيَّة، بل يتخطاها ليصل إلى العلاقات المهنيَّة أيضاً، فـ39% من النساء تعرضن إلى سوء المعاملة العاطفيَّة من قِبل أزواجهنَّ، و36 إلى 43% من النساء في كندا واجهن أحد أنواع الاعتداء العاطفي خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة، و20 % من الرجال تعرَّضوا لإحدى الممارسات العاطفيَّة السيئة من قِبل شريكاتهنَّ، كما أشارت إلى أنَّ معدلات سوء المعالة العاطفيَّة في مقرِّ العمل تتراوح بين 10 ـ 24 و36%، وكان للنساء النصيب الأكبر من تلك النسب.
وحتى اليوم لا يوجد إجماع حول تعريف محدد للاعتداء العاطفي أو النفسي، وقد حدَّدها الباحثون بما يقارب عشرين سلوكاً متبايناً في ثلاث فئات قد يستخدمها المعتدي بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال أحد الأنظمة الإلكترونيَّة وهي (الاعتداء اللفظي، سلوكيات الهيمنة والسيطرة، والسلوكيات النابعة عن غيرة أو حسد).
ووفقاً للكاتب الاجتماعي السعودي والمتخصص في الإعلام، الدكتور عبد الله المغلوث، فإنَّ هنالك خمس خطوات تجنبك الوقوع ضحيَّةً لهذا النوع من الاعتداء:
ـ ضعي حدوداً لذاتك بحيث لا يمكن للغير تجاوزها مهما قربت منزلتهم، فعدم وضع تلك الحدود يجعلك أرضاً مستباحة، الكل ينتهك خصوصيتها ويرمي فضلاته في أرجائها. لذا لا تُعطي لأحد فرصة أنّ يتجاوز حدوده فلن يستطيع أحد أن يخطئ في حقك إلا إذا انحنيت له.
ـ ضعي معاييرك ودعي الآخرين يحترمونها إذا أرادوا البقاء في محيطك، للأسف بعضنا لا يضع معايير للتعامل معه ما يجعل الآخرين يستمرون في الإساءة إليه من دون علمهم بما يزعجه، والمعايير لا تُكتب، بل تُلمس في التصرفات وآليَّة التواصل والتعامل مع الآخرين، لذا فإنَّ أكثر الأشخاص تعرضاً للاعتداءات العاطفيَّة والنفسيَّة هم الذين لم يضعوا معايير واضحة للتعامل معهم.
ـ كوني على قناعة تامَّة بأنَّ المُعتدي إنسان ضعيف، سواءً كان الاعتداء جسدياً أو عاطفياً ولفظياً، فهو شخص يحاول أن يوهم ذاته بأنَّه قوي عبر الإساءة للآخرين، فلو أوقفته عند حدِّه سترتعد فرائصه وتنكشف حجم ضآلته وضعفه البالِغين.
ـ كوني واثقة من نفسك إلى أبعد مدى، ثقي بقدراتك، مهاراتك وخصائصك، التي ميَّزك وفضّلك الله بها، فلا تجعلي أحدهم يفقدك ثقتك بنفسك، فإن خسرتها لن يمنحكِ إياها أحد.
ـ إذا استمر المسيء في إساءته فحذِّريه مرَّتين وفي الثالثة غادري، سواءً كان زوجاً أو صديقاً أو زميلاً، فمن سمح لهؤلاء الأشخاص الإقامة في حياتك هو أنتِ، وأنتِ من تملكين منحه تذكرة الخروج النهائيَّة.