أثارت قضية مقتل الطفلة تالا الشهري على يد الخادمة المنزلية بمدينة ينبع حالة من الذعر والرعب بين أوساط المجتمع السعودي، وخصوصاً مجتمع المعلمات، حيث طالبت الكثير من المعلمات عبر "سيدتي نت" و مواقع التواصل الاجتماعي والـ"واتس أب" بوجود حضانات خاصة في المدارس التي يعملن بها كي لا تتكرر مثل هذه الجرائم مرة أخرى.
وقد أطلقت مجموعة من المعلمات حملة على برنامج الواتس أب، للمطالبة بفتح دور الحضانة في المدارس بموافقة رسمية من وزارة التربية والتعليم، والتي يذكر أنها في وقت سابق أخذت بفتح بعض الحضانات الخاصة بالأطفال، بينما قامت بعض المدارس بتوفير أماكن خاصة لأطفال المعلمات والعاملات في المدرسة.
«سيدتي نت» استطلعت مع عدد من الموظفات ضرورة وجود مثل هذه الحضانات في مقار عملهن، وما يعانينه بسبب عدم توافرها وقد تصل إلى حد ترك بعضهن لوظائفهن.
تشجيع الرضاعة الطبيعية ودوام لساعات!
تحدثت جميع المعلمات بصوت واحد عن استنكارهن الجريمة التي قتلت فيها الطفلة على يد الخادمة الأسبوع الفائت، وعن أزمة الأم العاملة وأطفالها، واتفقن على ضرورة توافر تلك الحضانات.
ضعف الإقبال
من جهتها أفادت عزيزة مشرفة رياض اطفال أن مدينة جدة تتوافر فيها أربع حضانات حكومية في غالبيتها ملحقة بمدارس ابتدائية، فهي تخدم منسوبات المدرسة وساكني الحي، الذي تقع في نطاقة، موضحة أنها كانت في السابق 11 حضانة أغلقت في معظمها لضعف الإقبال عليها! وتشرف إدارة رياض الأطفال التابعة لتعليم جدة عليها في توفير الأمن والسلامة، والتأكد من وجود أماكن نظيفة ومهيأة لاستقبال الصغار، وللقيام بعملية إعداد الرضعات ونظافة مكان التغيير للأطفال، ومدى تحقق النظافة والتعقيم. وتؤكد على أهمية إجراء الفحص الطبي للعاملات، كما أكدت أن هناك مدارس تتبع التعليم العام طالبت بإنشاء حضانات لرعاية أبناء الموظفات بغية تحقيق الاستقرار النفسي والأسري لهن، مضيفة: نأمل في القريب العاجل إنشاء المزيد منها أسوة ببقية القطاعات كالقطاع الصحي، والتي بدأت في العمل على توفير دور الحضانة لمنسوباتها.
بين العطاء والقلق
سهام الانصاري، مديرة مدرسة للمرحلة الابتدائية، علقت قائلة: أشعر بالألم كلما رأيت معاناة المعلمات مع خادماتهن ومشكلة تركهن الأطفال وخاصة من تكون عائدة لتوها من إجازة أمومه، متألمات لتركهن الرضيع بيد الخادمة، وكم أشفق عليها وهي تعمل رغم قلقها من ترك طفلها يعاني من ارتفاع في حرارته أو الآلام في جسمه، مقترحة أن تخصص على الأقل حجرة في كل مدرسه تسمح للأم العاملة أن تحضر طفلها مع الخادمة ما يسمح لها برعايته عن قرب وإرضاعه أو تغيير ملابسه، وبذلك تصبح أكثر هدوءاً، ما يعطيها الصفاء للعطاء لطالباتها ومدرستها.
أعاني الأمريين
أما المعلمه سلمى العوضي معلمة للمرحلة الثانوية فقالت إنها تعاني الأمرين لأنها أم لثلاثة أطفال صغار تتركهم في المنزل وتتفرغ طوال النهار لرعاية الطالبات في المدرسو أحياناً إلى الساعة الثانية ظهراً، ما اضطرها إلى الاستعانة بخادمتين بدلاً من واحدة.
وتشارك الاخصائية الاجتماعية البندري فلمبان بالحديث فتقول: نلمس أثر عدم وجود المكان الآمن للأطفال على المعلمة في عطائها وداومها؛ فكثير من المعلمات والموظفات يضطررن للغياب أو التأخر في حالة مرض الطفل، وإن حضرت واحدتهن فهي قد تضطر للاستئذان بسبب قلقها على صغيرها في المنزل.
جواهر الزهراني موظفة في القطاع الصحي وأم لطفلين، تقول: بسبب عملي أضطر للخروج من منزلي من الساعة السابعة والنصف ولا أعود إلا عند الرابعة عصراً، وإذا لم أترك أطفالي في منزل والدتي فإني أعيش القلق طوال النهار وحتى أعود إلى منزلي، وبمجرد دخولي فوراً أتفقد أبنائي خوفاً من أن تكون الخادمة قد تعرضت لأحدهم بأذى، لا أعرف لماذا لا توفر جهة العمل أماكن آمنة لرعاية أطفالنا، فنحن نعطي بكل أمانة وإخلاص، ومن أبسط حقوقنا أن نشعر بالأمان على أطفالنا، وحتى لو استدعى الأمر استقطاع مبلغ من الراتب.
جهود ذاتية مشكورة
بادرت منال نصير مديرة الابتدائية 194 بجده بافتتاح أول حضانة لأطفال الموظفات بجهود ذاتية، حققت بها الأمان والاستقرار لهن، وقالت لــ"سيدتي نت": شعرت بحيرة الأمهات وخوفهن على أطفالهن فعزمت على إنشاء الحضانة، وبعد المخاطبات الرسمية حصلت على موافقة إدارة التعليم وبإشراف إدارة رياض الأطفال، وتم افتتاح (الحضن الدافئ) بجهود ذاتية من أسرة المدرسة.
إيضاح من وزارة العمل" لسيدتي نت"
السؤال الذي أصبح مثار جدل واسع في الشارع السعودي عن أهمية "الحضانات" في أماكن العمل التي ستقلل إن لم تنهِ مسلسل جرائم الخادمات الرهيب الذي حتى الآن لم تتوقف حلقاته على الرغم من أنّ الجميع يناله انتقامهنّ؛ إلا أنّ الأطفال أكثر من يدفع الثمن "ذبحًا".
"سيدتي نت "اتصلت بوزارة العمل لتتعرف إلى ماينصه نظام العمل في هذا الشأن، حيث صرح المستشار والمشرف العام على إدارة العلاقات العامة الإعلام المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل السعودية حطاب بن صالح العنزي لـ"سيدتي نت" عن سماح نظام العمل بوجود حضانات لرعاية الأطفال في أماكن العمل النسائية بقوله "بالفعل تضمن نظام العمل باباً كاملاً خاصاً بالمرأة وكل ما يتصل بعملها، وقد أوجبت المادة 159 من نظام العمل على كل صاحب عمل يشغّل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر.
ويجوز للوزير أن يلزم صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مدينة واحدة أن ينشئ داراً للحضانة بنفسه أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها، أو يتعاقد مع دار للحضانة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك أثناء فترات العمل، وفي هذه الحالة يحدد الوزير الشروط والأوضاع التي تنظم هذه الدار، كما يقرر نسبة التكاليف التي تفرض على العاملات المستفيدات من هذه الخدمة".