ذكر عدد من رؤساء مهرجان الزواج الجماعي في محافظة الأحساء، الذي ينظم سنوياً في 19 قرية وبلدة في المحافظة، أن أمهات العرسان والزوجات وعدم الرغبة لدى أفراد المجتمع في الانخراط باللجان التطوعية المشكلة للعمل في هذه المهرجانات سبب تراجع أعداد الشباب المقبلين على الزواج في هذه المهرجانات خلال الـ5 أعوام ماضية، حيث قدر هؤلاء الرؤساء نسبة هذا التراجع بنحو 30%، مما قد يضطرهم لرفع رسوم التسجيل مستقبلاً لسد العجز المالي المترتب على هذا التراجع أو أنهم ربما قد يضطرون لتأجيل أو إلغاء المهرجان إلى إشعار آخر بسبب عدم توفر العدد الكافي من العرسان الذين يسهمون في تحمل مراسم التنظيم.
موقع "سيِّدتي نت" أجرى هذا التحقيق مع عدد من القائمين على الزواج الجماعي في محافظة الأحساء، بالإضافة إلى بعض العرسان لمعرفة أسباب هذا التراجع في أعداد المقبلين على الزواج.
• أسباب تراجع الإقبال على الزواج الجماعي
رئيس مهرجان بلدة الحليلة واللجنة السداسية للزواج الجماعي في الأحساء لمدة 8 سنوات الأستاذ عبدالله المشعل يقول: أسباب تراجع الإقبال على الزواج الجماعي في الأحساء خلال الـ5 سنوات الماضية كثيرة، وقد تأتي في مقدمتها نظرة أمهات العرسان السلبية تجاه الزواج الجماعي، خاصة خلال الفترة القليلة الماضية، والتي أثرت على الآباء والعرسان، ومنها أن الأم أصبحت تتذرع بالخصوصية، وأن هذا أول زواج لابنها، وتريد أن يكون العرس مميزاً من خلال عدد الحضور ومراسم الزفاف، كذلك ترفض بعض الزوجات الزواج الجماعي بحجة عدم حضور صديقاتهن ليلة زفافهن لانشغالهن بزواج أخريات، ولا نغفل عن سبب آخر، وهو أن بعض المتزوجات لا يجدن مشاغل نسائية ليلة المهرجان الجماعي، وبالتالي يضطر أزواجهن للانسحاب من المهرجان، وذلك على الرغم من أن آباء العرسان لديهم القناعة الكاملة بأن الزواج الجماعي ذو نفع اقتصادي واجتماعي، وأن المناسبة واحدة من المناسبات الاجتماعية التي تتميز بها الأحساء؛ لأنها تحمل روح التفاني والإبداع والتكاتف وحب الخير من خلال الكم الهائل من المتطوعين الشرفاء.
وأضاف المشعل: إن رؤساء حفلات الزواج السابقة والحالية حريصون على إتمام هذه الأعراس بأقل التكاليف المادية رغم ارتفاع قيمة التجهيزات، ومنها: تجهيز ساحة المهرجان، ومأدبة العشاء ليلة المهرجان، فمنذ انطلاقة المهرجان قبل 25 عاماً لم ترتفع قيمة السهم الواحد للعريس أكثر من 20% فقط، وهذا شيء جميل على اعتبار أن أسعار هذه التجهيزات ارتفعت بنسبة 70% طيلة هذه السنوات، حيث وصلت قيمة السهم الواحد قبل عام إلى 7 آلاف ريال و12 ألف ريال للسهمين بعد أن كان السهم الواحد في أول مهرجان نظم في قرية الشعبة بنحو بـ 2500 ريال والسهمين بمبلغ 4 آلاف ريال.
وختم المشعل حديثه قائلاً: إن إيقاف المشروع أمر مستبعد، لاسيما أن المسؤولين مدركون تماماً أهمية الأمر ويتدارسونه بعمق، وهم من النخبة الرائدة والمخلصة، إضافة إلى الجهد المضني والاستثنائي الذي تقوم به اللجنة السداسية مشكورة بمتابعة هذه العوائق ووضع الحلول المناسبة عبر ورش العمل والدراسات ومناقشة المختصين في الأمر لتذليل الصعاب، وهو أمر في غاية الأهمية.
• تساوي تكاليف الزواج الفردي والجماعي ليس صحيحاً
رئيس مهرجان الزواج الجماعي في بلدة الشعبة سابقاً مصطفى الحليمي قال: ليس صحيحاً أن تكاليف الزواج الفردي والجماعي أصبحت متساوية؛ لأن تكاليف الزواج الفردي تتراوح بين 60 و120 ألف ريال في الليلة الواحدة، سواء من حيث قيمة تأجير الصالة مع تأمين وجبة العشاء، وكذلك وجبة الغداء في اليوم الثاني، وغيرها من الأمور الأخرى، فيما تتراوح تكاليف مصاريف العريس في ليلة الزواج الجماعي بين 5 و7 آلاف ريال، حيث تشمل: استقبال الضيوف، تأمين وجبة العشاء، بجانب تقديم المميزات المعنوية والهدايا للعريس، مشيراً إلى أن العريس في حال رغب من اللجنة بأن تؤمن له وجبة الغداء في يوم الزواج واليوم التالي عليه دفع مبلغ ألفي ريال فقط.
وذكر الحليمي أن الرغبة في الالتحاق بالزواج الجماعي بالنسبة للكثير من الأسر في الأحساء أصبحت أمراً ليس بالأهمية بحجة مظاهر التمدن والحياة، التي دخلت على الأحساء خلال الـ7 سنوات الماضية، وتأثر الكثير من الشباب والفتيات بهذه التطورات، بالإضافة إلى تزايد أعداد صالات الأفراح المجهزة بالكامل، سواء التي تقع داخل القرى أو في المدن الرئيسية، وهي أمور ساهمت بشكل كبير في جعل الأسر تسارع في إتمام الزواج وعدم الانتظار لموعد الزواج الجماعي، والذي قد يكون غير مناسب للبعض، كما أن عدداً من العرسان قد يكونون مبتعثين للدراسة خارج السعودية، ومطلوب منهم العودة في أوقات محددة، وقد تكون عودتهم لا تتزامن مع موعد المهرجان، فيضطر آباؤهم لتزويجهم في أوقات أخرى تناسبهم.
• استمرار مشروع الزواج الجماعي مطلب اجتماعي
الشاب عبدالله البراهيم قال: يجب على أهالي الأحساء دعم رؤساء الزواج الجماعي على استمرار هذا المشروع الخيري الذي انطلق قبل 25 عاماً؛ لأن الغرض منه هو مساعدة الشباب، خاصة الأيتام ومن ينتمون لأسر فقيرة، على إتمام زواجهم، لذا فالقصد هو استمرار الدعم، فلازال الكثير من الشباب ليس بإمكانهم إتمام زواجهم، كما ساهم هذا المشروع في القضاء على العنوسة بين الفتيات، واستمراره مطلب اجتماعي قبل كل شيء.
أما الشاب محمد الخلف فقال: التراجع في أعداد المتزوجين بالزواج الجماعي خلال السنوات القادمة قد يدعو رؤساء المهرجان لإلغاء الفكرة، وإن حدث ذلك، فالمجتمع بكامله سيخسر هذا المشروع الخيري، إذ ستترتب عليه أمور أخرى، ومنها: قد يضطر بعض الشباب لتأجيل فكرة الزواج لعدم تمكنهم من تحمل مصاريف الزواج في ظل ارتفاع تكاليف المهر والتجهيزات المصاحبة لإتمام الزواج، ومنها: وليمة العشاء، وقاعات الأفراح، كذلك ربما تزيد نسبة العنوسة في الأحساء، وغيرها من المعوقات، لافتاً إلى أهمية دور اللجان التوعوية والإعلام في زيادة الإقبال على التسجيل في المهرجان، سواء من خلال الصحف أو المجلات أو مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى أهمية التركيز على الأمور الإيجابية، ومنها: الاقتصاد في التكاليف.